الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 05:20 مـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

محمد منير .. الكينج الذي فضح

طارق سعد
طارق سعد

لا يختلف اثنان على قيمة محمد منير الفنية وكونه أحد الأعمدة الرئيسية للغناء الحديث، بل أهم رموزها، فـ "منير" تحول لحالة فنية خاصة جداً تخطت وضعه كمجرد مطرب كبير مميز، ليس فقط لجودة أغنياته وصوته، ولكنه يحمل سحر الجنوب في نشأته وروحه وملامحه وصوته ليبقى "منير" هو صوت الجنوب بكل جاذبيته.

مسيرة "منير" على قدر ما تحمله من نجاحات ساحقة وصخب مصاحب لها، إلا أنه دائماً يعيش في الجانب الآمن بلا "شوشرة"، فلا تجده موجداً بسهولة، بعيداً عن أعين الإعلام ومنال الصحافة، لا يهوى الاستعراض ولا تستهويه الصراعات فحياة، "الكينج" مسالمة دون قلاقل.

قلق جماهيره عليه بعد تعرضه لوعكات صحية متتالية كانت كبيرة، وانخلعت قلوب محبيه لآلامه، فهو "الكينج" المعشوق المتفرد ليس له شبيه على الساحة الغنائية ولا حتى منافس، فـ "محمد منير" هو "محمد منير" بمساحة خاصة تحيطها لا فتة كبيرة باسم "محمد منير".

خرج "منير" من وعكة صحية قوية فتلقفته "صاحبة السعادة – إسعاد يونس" لتسعد به جماهيره التي تنتظره بشغف وتحمل له شوقاً كبيراً، ويتحول لقاء صاحبة السعادة إلى احتفاء تأريخي وتوثيقي غير مسبوق لأحد علامات ورموز الغناء المصري الحديث، يستحقه تماماً بحجم تاريخه الفني.

عفوية "منير" المعروفة عنه دفعته لإجابة صاحبة السعادة على أسئلتها دون مناورات أو خُبث، فقابل السؤال عن هويته الرياضية التشجيعية لناديه المفضل بإجابة بسيطة ومختصرة بأنه كان دائم التشجيع لنادي الزمالك، ولكنه مؤخراً أصبح يحب لاعبي نادي الأهلي، وطالب بتشجيعهم في مباراتهم العالمية في كأس العالم للأندية أمام نادي "بايرن ميونيخ" الألماني.

قامت الدنيا وانقلبت الطاولة على "منير" بعد عرض الحلقة، فظهر المتطرفون الرياضيون ليكيلوا الاتهامات لـ "الكينج" بما تخطى للسب والإهانة والتبرؤ أيضاً، مطالبات بمحاكمة "منير" لمجرد أنه أفصح عن حبه للاعبي نادي الأهلي، وكأنه أعلن عن ارتباطه بلاعبي نادي حيفا الإسرائيلي!

كشف "منير" بعفويته عن الوجه القبيح للتطرف الرياضي الأعمى الذي لم يفهم الدرس العميق الذي تحمله إجابته بأن كرة القدم لعبة رياضية لاعبوها جزء منا وليسوا أعداء، فالتنافس للمكسب حق مشروع واختيارك لفريقك حق مشروع، وعندما يخرج فريق منهم ليلاعب فريقاً أجنبياً فقد أصبح يحمل اسم مصر رافعاً علمها وليس علم النادي المحلي المنافس، ولأن "الكينج" يحمل مسئولية وطنية جزء منها نابع من قيمته كرمز مصري، فكان حريصاً على نقل هذه المسئولية للمحيطين وحثهم على تشجيع الفريق المصري الذي ينافس عالمياً، إلا أن السُعار الذي ضرب المتطرفين من مشجعي نادي الزمالك جاء بهم راكضين صمٌ عميٌ ينهشون في نجمهم المفضل المدلل دون تفكير ولا تمييز، فقط نهش مسعور أحمق خارج نطاق الإنسانية وتخجل منه الحيوانية!

التدني الأخلاقي الرياضي الذي انزلق إليه فئة من المشجعين باعوا عقولهم للمحرضين على الفتن الذين غيبوا ضمائرهم وغلَّبوا مصالحهم للاستمرار على كراسيهم في الأندية والشاشات الرياضية، مسئولية هؤلاء بشكل رئيسي ومباشر، ويجب محاكمتهم على حالة التعفن الفكري التي أصابت قطيع من المشجعين ووضعت التنافس الرياضي باستمرار في دائرة الخطر.

"الكينج" الذي فضح المرض الخبيث المنتشر في جسد الرياضة المصرية بفعل أشخاص محددة، ويجب السيطرة عليه واستئصاله فوراً، واستئصال مسبباته، كان رده بدرجة من الرقي لا يعيها هؤلاء بعدما ظهر "منير" في صور وهو يكتب إهداءه على الفانلة الحمراء ....

"إلى أبنائي كل اللاعبين محبتي لكم إلى الأبد.. وتسقط العنصرية" موقعاً .. "والدكم محمد منير" ليحرز هدفاً قاتلاً في الدقيقة 90 بروح الفانلة الحمراء يضع به المتنطعين والحمقى في أحقر صفائح القمامة على بوابة التاريخ.

بالروح الرياضية .. عاش "الملك" ومات "الرعاع".