الطريق
الخميس 9 مايو 2024 06:33 صـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

مصطفى محمود في حوار نادر: ”الدين مش مجرد ركعتين والواحد يعمل اللي يعجبه”

الدكتور مصطفى محمود
الدكتور مصطفى محمود

• العلم يؤذن في الكون كله ليخبرنا بأن الخالق واحد لا شريك له

• سماع آرمسترونج صوت الآذان على القمر "كلام فارغ وتخريف"

• المسجد يجب أن يربط المسلم بالسماء والأرض


شهدت مصر في القرن الماضي العديد من الشخصيات البارزة في مختلف المجالات، حيث تمتلئ صفحات تاريخ تلك الفترة بسير العديد والعديد من الذين تركوا بصماتهم بحروف من نور في وجدان الأمة، من علماء وفقهاء، وحكام وعسكريين، وشعراء وأدباء، وكتاب ومفكرين، ومن هؤلاء الذين تربعوا في عقول الكثير من المصريين والعرب أيضا، كان الطبيب والمفكر والكاتب الدكتور مصطفى محمود.

اقرأ أيضا: في ذكرى وفاته الـ11.. مصطفى محمود يضع روشتة النجاة من فيروس كورونا

فمع بداية الخمسينيات لمع اسم الدكتور مصطفى محمود وذاع صيته، حيث جمع بين العلم والأدب، والآراء الفلسفية، وبعض الخواطر الإيمانية بشكل قل أن يتكرر مع أحد غيره، كما كانت حلقاته الشهيرة "العلم والإيمان" من العلامات المميزة في برامج التلفزيون المصري، والتي حظت بمتابعة كبيرة من مختلف طبقات المجتمع وقتها.

مصطفى محمود وسماع الآذان على سطح القمر

ودائما ما كانت له أراء مميزة في القضايا العلمية والدينية، ففي حوار نادر مع الإعلامية فريال صالح، لبرنامج "على فين" الذي كان يذاع على شاشة التلفزيون المصري في الثمانينيات، تحدث الراحل عن رأيه في القصة المنتشرة عن سماع رائد الفضاء الأمريكي "نيل آرمسترونج" لصوت الآذان على سطح القمر، حيث عبر مصطفى محمود عن عدم اقتناعه بتلك الرواية مؤكدا أنها "كلام فارغ وتخريف"، ومستشهدا برأي الدكتور فاروق الباز الذي قال فيه إن الأمر "نكتة أمريكاني، والخبر كاذب وغير صحيح".

اقرأ أيضا: من الخمر والعزف في الأفراح إلى حب المشرحة.. أسرار لا تعرفها عن مصطفى محمود

وأضاف أن العلم كله يؤذن ولا نحتاج لتشييد مئذنة فوق القمر حتى نشهد بأن لا إله إلا الله، وأنه سواء على القمر أو المريخ توجد التكوينات الأرضية نفسها للتربة، فإذا كانت الصنعة واحدة والأسلوب واحد والقوانين الكونية واحدة، والخامة أيضا واحدة، حيث إننا إذا حرقنا الحيوان والإنسان والنبات يتخلف الفحم في النهاية، فذلك يدل على أن الصانع واحد، وهو ما يجعلنا نرى أن العلم يؤذن في الكون كله بأكثر من لغة ليخبرنا بأن الله واحد لا شريك له.

مصطفى محمود: معجزة النبي محمد كانت في ذاته

وأضاف الدكتور مصطفى محمود في حواره مع التلفزيون المصري أن الإسلام لم يدع أو يروج لنفسه أبدا بالخوارق، ولا يحتاج لمن يصعد إلى القمر من أجل أن يؤذن، مشيرا إلى أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام لم يقلب العصا حية، ولم يشق البحر، ولم يكن يحيي الموتى، وإنما أحيا أموات العقول وحمل الشفاء لمرضى القلوب، مؤكدا أن الإسلام هو التحدي العقلاني، ولذلك خاطب الله الناس بمعجزة باقية وهي القرآن، حيث تحدى العلم في عصر العلم بكتاب العلم.

اقرأ أيضا: الغيرة وأشياء أخرى.. لماذا تزوج مصطفى محمود مرتين؟

أما عن معجزة النبي محمد، فقال مصطفى محمود إنها كانت في ذاته، حيث كان جامعا لكل الكمالات، حيث تجد فيه المتكلم، والخطيب، والداعية، والأب والزوج، والمنظم، وفي ساعة الحرب تجده أعظم قائد، حيث في سن 62 سنة كان يقود المسلمين في غزوة تبوك ويعبر الصحراء في سبع ليال، وهو ما لا يقدر عليه أي شخص آخر في عمره "في فرق إن واحد معجزته جايب معاه عدة زي عصا مثلا، المعجزة الكبرى أن تكون معجزتك ذاتك.. لذلك معجزة النبي هي كمالاته الذاتية".

قصة مسجد مصطفى محمود

أما عن فكرة تأسيس مسجده الشهير، والذي أوضح في اللقاء أن اسمه مسجد محمود على اسم والده، وليس مسجد مصطفى محمود كما يعرفه العامة، فقال إنها بدأت معه منذ بداية تقديم حلقات برنامجه "العلم والإيمان"، حيث كان يفكر دائما في كيفية تجسيد ما يتحدث به مع المشاهدين في البرنامج، وما يكتبه في الكتب على أرض الواقع، خصوصا وأن رؤيته وفهمه للدين الإسلامي أنه "ميبقاش مجرد ركعتين والواحد يبرئ ذمته ويعمل اللي يعجبه ... الدين الإسلامي هو عبارة عن حياة شاملة تبدأ من أول ما الواحد يفتح عينه ويصحى".

اقرأ أيضا: في لقاء خاص جمع بينهما.. رأي مصطفى محمود في تحية كاريوكا والرقص الشرقي

وأضاف مصطفى محمود أن اسم المسجد عند العرب أيضا "جامع"، بمعنى أنه جامع للخيرات كلها، ويساعد الفرد في أن يجعل شخصيته نفسها جامعة، كما كان الحال مع ابن سينا، والرازي، وابن رشد، وابن عربي، حيث كان كل واحد منهم موسوعة شاملة، وهذا هو الإسلام الذي يعطي نوعا من موسوعية المعرفة، حيث أمر الله عباده قائلا "قل ربي زدني علما".

كما شرح المفكر والكتاب الشهير تصوره للمسجد، وكيف كان يريد أن يرجع كما كان سابقا، عندما كانت تؤخذ فيه البيعة السياسية وتلقى فيه الخطب التي تتفاعل مع العصر، كما كان جامعة شاملة لتلقي العلم في شتى المجالات، لأنه يرى أن المسجد يجب أن يربط المسلم بالسماء والأرض مستدلا بقول الله تعالى في سورة يونس "قل انظروا ماذا في السماوات والأرض"، سورة آل عمران "الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض"، ولذلك حرص على إنشاء المرصد الفلكي بالمسجد ليربط المسلم بالسماء ومعجزة الكون والمجرات.

اقرأ أيضا: منها ”العنكبوت ونار الحب”.. بصمة سينمائية وتلفزيونية في ذكرى مصطفى محمود لا تنسى

كما أنشأ متحفا جيوليجيا وبيلوجيا لربط المسلم بالأرض، لإن من وجهة نظره لا يمكن معرفة عظمة الصانع إلا بمعرفة عظمة الصنعة نفسها، ضاربا المثل بتكوين نبات الصبار، وكيف أنه كنبات صحراوي يحيا في بيئة شحيحة المياة، تحورت ساقه لشكل برميل لتخزين المياه، وحراسته بأوراق متحورة هي الشوك المدبب حتى لا يأتي من يستولي عليه، كما عرض في اللقاء فراشة محنطة بديعة الخلق، على هيئة ورقة شجرة ميتة بجميع تفاصيل الأوراق وتكوينها، وهو ما وصفه بمكر الله لخلقه حتى يحيمهم، وكيف أن هذا الأمر لا يقدر عليه سوى الخالق الذي يملك في يده أسرار الكون كله.