الطريق
الأحد 28 أبريل 2024 11:13 مـ 19 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

المشير محمد حسين طنطاوي .. بطل الحرب والثورة

المشير طنطاوي
المشير طنطاوي

في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي، فقدت مصر رمزا وطنيا كبيرا، وأحد أبطالها في حرب أكتوبر المجيدة، وفي أثناء ثورة 25 يناير، وهو المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقائد العام السابق للقوات المسلحة، الذي نحتفل بيوم مولده هذا الشهر.

ونعى الرئيس عبد الفتاح السيسي البطل المصري الراحل على صفحته الرسمية في تويتر كاتبا "فقدت اليوم أبا ومعلما وإنسانا غيورا على وطنه، كثيرا ما تعلمت منه القدوة والتفاني في خدمة الوطن"، مضيفا أن الراحل "تصدى لأخطر ما واجهته مصر من صعاب في تاريخها المعاصر".

اقرأ أيضا: غيور على وطنه.. السيسي ينعى المشير ”طنطاوي”

كما أعلن الرئيس السيسي الحداد في مصر حزنا على وفاة المشير محمد حسين طنطاوي، كما أطلق اسمه على قاعدة الهايكستب العسكرية تقديرا واحتراما لدور هذا الرجل العظيم في تاريخ مصر.

السيسي وجمرة المشير طنطاوي

وفي صباح اليوم نفسه، وخلال افتتاح بعض المشروعات في سيناء، تحدث السيسي عن المشير قائلا: "اسمحوا لي إني أقدم التعازي في بطل من أبطال مصر ورجل من رجالها المخلصين جدا، المشير حسين طنطاوي، والحقيقة إنه توفي في يوم وفاة بطل آخر من أبطال مصر وهو الزعيم أحمد عرابي"، وروى عدة تفاصيل عن مواقف المشير طنطاوي وقت توليه المسؤولية كقائد للمجلس العسكري منذ 25 يناير 2011 وبعد تنحي الرئيس مبارك، حتى ابتعاده عن قيادة الجيش في 2012.

وقال الرئيس السيسي: "هقول كلمة كان دائما يقولها الراحل طنطاوي: "أنا ماسك جمرة نار في أيدي بتولع إيدي ومش قادر أسيبها لو سيبتها هتحرق الدنيا"، مضيفا أنه من واقع معرفته الشخصية بالمشير خلال أحداث عام ،2011 وحتى تسليم السلطة في الانتخابات التي تمت في 2012، وهي الفترة التي كانت صعبة للغاية، راويا شهادته للتاريخ أن الرجل "قاد هذه المرحلة بإخلاص شديد وتفان وحكمة شديدة جدا، أدت إلى إن الدولة المصرية التي كانت معرضة للانهيار والحرب الأهلية الكاملة، تعبر تلك المرحلة بأقل حجم من الأضرار التي يمكن أن تقابل دولة في مثل هذه الظروف".

وتابع الرئيس: "حقيقي الشعور الذي عاش به على الأقل فترة العام ونصف التي تولي بها المجلس العسكري المسؤولية كانت فترة صعبة جدًا وهي شهادة للتاريخ وله فهو في ذمة الله، وهو الذي سيأخذ الناس ولكن دي حقيقة بنقولها للمصريين اللي موجودين عشان يبقوا عارفين إن هذا الرجل العظيم كان سببا حقيقيا في حماية مصر من السقوط في هذه المرحلة".

وأضاف السيسي "عندما حدثت الانتخابات، وكانت المؤشرات كلها تشير إلى أن تلك الانتخابات القادمة ستؤدي لتولي فصيل معين في مصر كان يقول: أنا هبقي في التاريخ أنا الي سلمت البلد لكده، هذا الأمر كان يؤلمه كثيرا جدا، لأنه كان على علم وفهم بالأضرار التي هتمس مصر نتيجة هذا الحكم".

وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن المشير محمد حسين طنطاوي وكل من كان موجود من المسؤولين بريئا من أي دم في أثناء توليه المسؤولية في البلاد بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء "أحداث محمد محمود، أحداث ماسبيرو، أحداث استاد بورسعيد، المجمع العلمي" في أثناء توليه المسؤولية في البلاد".

السيسي في جنازة المشير طنطاوي

المزرعة الصينية .. أوراق بطل

ولد المشير محمد حسين طنطاوي في 31 من أكتوبر عام 1935 في القاهرة، وبعد حصوله على الثانوية العامة، التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 195، ليتلحق بسلاح المشاة ويتدرج في المناصب العسكرية، إلى أن وصل إلى منصب وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة، والذي ظل فيه 20 عاما، ليسجل له التاريخ طوال حياته الكثير من المواقف البطولية، حيث كان من أبطال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، في ملحمة المزرعة الصينية المشرفة، وجعله الله سببا هاما في حماية مصر من الأخطار الخارجية والداخلية في أثناء 25 يناير وما تلاها من أحداث كادت تعصف بأمن الوطن واستقراره.

وفي حرب أكتوبر المجيدة كان للكتيبة 16 مشاة بقيادة محمد حسين طنطاوي دورا بطوليا كبيرا سجل في التاريخ بحروف من نور، حيث كانت الكتيبة من أوائل الكتائب اللي عبرت قناة السويس، بل على حد وصف المشير نفسه في حديث تلفزيوني نادر ظظهر فيه برتبة عميد، عبرت كتيبته القناة قبل العبور نفسه، وذلك بدفع عناصر اقتناص الدبابات إلى الضفة الشرقية، ورفع علم مصر فيها قبل عبور القوات المصرية.

وكانت معركة المزرعة الصينية هي واحدة من أهم معاك الجيش المصري في حرب التحرير، وتحدث المشير طنطاوي عنها في التلفزيون المصري قائلا: " كان بقالي 48 ساعة دون نوم، والساعة 1 شعرت بالهدوء وقلت أنام شوية ونبهت عليهم يصحوني لو حصل حاجة، ولم أكد انام إلا نصف ساعة، وفي الساعة الواحدة والنصف فوجئت بمن ينقذني ويقول لي إن إحنا سامعين أزيز لطائرات هليكوبتر، وأخدت الوضوع على أنه أمر سهل فقلت لهم زودوا المراقبة وبلغوا القيادة".

اقرأ أيضا: المزرعة الصينية كلمة السر.. ماذا فعل المشير طنطاوي في حرب أكتوبر؟

لكن الأمر لم يكن كما تصور طنطاوي في البداية، فبعد ساعة من نومه، وفي تمام الثانية صباحا، أيقظ الرجال قائدهم مرة أخرى ليبلغوه أنهم شاهدوا بواسطة أجهزة الرؤية الليلية عناصر من القوات الإسرائيلية تحاول عبور حقول الألغام الموجودة في المواجهة، وهنا أعطى القائد محمد حسين طنطاوي أوامره بتوجيه كل الأسلحة في الكتيبة والمدفعية والهاون وجميع الرشاشات، حتى الأجهزة المضادة للطائرات تجاه الثغرة.

وأكمل طنطاوي حديثه قائلا: "بلغتهم إن محدش يفتح النيران إلا بطلقة إشارة حمرا مني أنا شخصيا، وبعد أن اقترب العدو اديتهم الإشارة، وفتحت جميع أسلحة الكتيبة النيران على القوات المظلية للعدو، واستمرت المعركة طوال ساعتين ونصف إلى أن بدأ ضوء النهار، ومن حسن حظ الإسرائليين إن الضباب خلى الضرب عليهم في الصباح بالكفاءة غير الكافية، مما مكنهم من سحب خسائرهم ومن تبقى على قيد الحياة.

أما عن أبطال الكتيبة 16 مشاه في حرب أكتوبر، فلم ينس المشير طنطاوي في حديثه ذكرهم بكل فخر، فتحدث عن أول شهيد في كتيبته وهو عادل بسطاروس، ورى قصة استشهاد البطل محمد عبد العزيز قائلا: " استشهد على مدفع مضاد للدبابات بعد ما استشهد 2 من طقم المدفع، مما اضطره بمنتهى الشجاعة إن هو اللي يقعد على المدفع بنفسه ويستشهد".

اقرأ أيضا: مدحت بركات ناعيا المشير طنطاوي: كان رجل دولة من طراز خاص

وذكر أيضا قصة قائد السرية البطل عبد العزيز بسيوني في معركة هجوم الدبابات، حيث طلب منه عند احتدام الصراع أن يعد الدبابات، فأجابه أنه لن يتمكن من ذلك نظرا لكثر عددها، وهنا اخبره طنطاوي أنه سيعاونه بالمدفعية، لكنه قال له: "بس أنا مش عايز دبابات تعدي عشان لو عدت هتيجي خلف المواقع بتاعتنا، فرد عليه قائد السرية مسرعا: "متخافش يا افندم، لن تعبر دبابة إلا على جثتي أنا والـ 100 فرد اللي معايا".

المزرعة الصينية في عيون اليهود

يقول إسحاق موردخاي قائد الكتيبة الإسرائيلية المحمولة جوا 890، في مذكراته عن معركة المزرعة الصينية: "على بعد بضعة كيلو مترات من القناة كانت ما تزال المعركة دائرة حول المزرعة الصينية شرق الإسماعيلية، وعندما حل يوم 16 أكتوبر، كانت المعركة ما زالت مستمرة، فقد تعثرت القوة الإسرائيلية التي بدأت منذ 48 ساعة تهاجم الموقع ومنيت بخسائر فادحة، وعندئذ تقرر اللجوء لوحدات المشاة والمظليين للقضاء على التحصينات المضادة للدبابات".

وأضاف موردخاي: "وضعوا أمامنا خريطة مقياس 1 الى 100 ألف، وقالوا لنا هناك وحدة بجوار الشاطئ، إن التحصينات المضادة للدبابات التي يملكونها تحول بيننا وبين تعزيز قواتنا، ومهمتكم هي تطهير هذه التحصينات بأسرع ما يمكن".

ويكمل: "تقدمت ليلا مع وحدات المظلات حتى بضع مئات من المرات صوب الهدف، غير أن وابلا من الرصاص كان في استقبالنا، ولسوء الطالع اصطدم المظليون بمواقع مصرية محصنة، وعلى مقربة من هذا الموقع كان هناك موقع آخر ثم ثالث ثم رابع، لقد احتدمت المعركة طوال ساعات الليل، ولم تتمكن عناصر المظليين من الهجوم أو الانسحاب، وقد استمرت عملية إخلاء الجرحى طوال الليل، كما أن فرق الإغاثة تعرضت لخسائر فادحة، وعند الفجر كان لا بد من إنقاذ ما يمكن إنقاذه من القوات بإرسال قوة مدرعة لإخلاء من تبقى على قيد الحياة".

أما الجنرال موشيه عفرى فقال: "لقد فاجأنا الجنود المصريون بشجاعتهم وإصرارهم، لقد تربى أبناء جيلي على قصص خرافية عن الجندي المصري الذي ما أن يرى دبابة تنقض عليه، حتى يخلع حذاءه ويبدأ في الهرب بعيدًا. وهذا ما لم يحدث في المزرعة الصينية استيقظنا على الحقيقة المرة. لم تنخلع قلوبهم أمام الدبابات، كانوا يلتفون في نصف دوائر حول دباباتنا، ويوجهون صواريخ آر بى جى في إصرار منقطع النظير ليس لدى تفسير لهذا الموقف سوى أنهم كانوا سكارى بالنصر، وفي مثل هذه الحالة ليس للدبابة أي فرصة في المعركة".

موضوعات متعلقة