الطريق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 06:59 صـ 21 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الميتافيرس.. هل يندثر التواصل البشري؟

يظن البعض أن تقنية "الميتافيرس"، اختراع حصري لمؤسس فيس بوك "مارك زوكربيرج"، غير أن الحقيقة مُغايرة تمامًا.

في البدء كانت خاطرة الروائي الأمريكي "نيل ستيفنسون"، التي جاء ذكرها على لسان أحد أبطال روايته الأشهر (Snow Crash)، مطلع تسعينات القرن الماضي، والتي ضمنها مفهوم "الميتافيرس" لأول مرة، تلك الفكرة التي يحيا مُستخدميها في واقع إفتراضي شبه مُتكامل.

في بداية العقد الحالي، لفت نشاط شركة "أوكيلوس" في تقنيات العوالم الإفتراضية، نظر "مارك زوكربيرج - مؤسس فيس بوك"، وبعد دراسة مُطولة إتخاذ قراره بالإستحواذ عليها والدخول من خلالها عالم "الميتافيرس"، فكانت الصفقة التي أُبرمت العام 2014، والتي قُدرت قيمتها حينها بملياري دولار أمريكي.

تعني كلمة "ميتافيرس" ماوراء العالم، وهو عالم إفتراضي متكامل، لن يستهدف المراهقين والشباب فحسب، بل سيكون منصة متكاملة لإدارة الأعمال والمشروعات الناشئة، الميتا هي ذلك العالم الذي سوف يُمكنك من أن تشاهد مباراة فريقك المفضل من المدرجات مباشرة وأنت جالس في غرفة نومك بمُجسم هيلوجرامي تتجسد فيه صورتك طبق الأصل، والذي من خلاله أيضًا يمكن أن تقود إجتماعًا على طاولة واحدة مع مجموعة عملك.

في لقائنا مع الدكتورة سالي عاشور، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية، أرجعت إعلان "مارك زوكربيرج"عن مشروع "الميتافيرس" المتكامل وتحويل أسم الشركة ل "ميتا" في هذا التوقيت بالذات وبهذه السرعة التي لم يتم التمهيد لها تسويقيًا بشكل كبير كالمعتاد، أرجعته للتغطية على التسريب الأخير التي أخرجته للعلن الموظفة السابقة في فيس بوك "فرانسيس هوجن"، والذي تضمن دراسة نفسية أجراها خبراء علم نفس تابعين لفيس بوك أثبتت تأثيرات سلبية كبيرة على الصحة النفسية للمراهقين، جراء إستخدامهم لتطبيقات الشركة "فيس بوك، انستجرام، واتساب"، وأشارت "عاشور" أن الإعلان عن التقنية الجديدة قد يكون أتى في إطار مناورة تجارية للحفاظ على أسهم الشركة من الإنخفاض الحاد.

سلبيات تقنية "الميتا"

وشددت على وجوب أن يكون استخدام تلك التقنية بسن 18 عاما فما فوق لتجنيب الأطفال آثاره الاجتماعية السلبية عن طريق خطوات إجرائية عند استخدام التطبيق يثبت من خلالها المستخدم تجاوزه ال 18 عام، فيما ذكرت أن الدراسات الأخيرة أثبتت أن استخدام الشاشات التقنية تؤثر سلبًا على الصحة البدنية والنفسية وأوصت تلك الدراسات بمنع استخدم تلك التقنيات قبل بلوغ 14 عام، وقيدتها بعدد ساعات معين فيما فوق هذا السن.

فيما أشارت الدكتورة سالي عاشور، إلي ضرورة النظر بجدية في منع الطلبة بجميع سنوات التعليم المدراسي من استخدام الهواتف الذكية دخل الفصول الدراسية.

وفي سياق ذكر الأثار الإجتماعية أشارت إلى ما يلي:

  • الاستخدام المُفرط للتقنيات الحديثة يؤثر على التواصل الأُسري بشكل كبير.
  • التأثر النفسي بأسلوب حياة مُرفه عند المشاهير، مما يصيب المستخدمين بالإحباط الذي قد يصل للإكتئاب الحاد بتأثيراته السلبية الخطيرة.
  • زيادة نسب المشاكل الزوجية نتيجة غياب التواصل والتي قد تصل للعنف الأُسري والطلاق.
  • عدم الرقابة الأُسرية على الأطفال قد يجعلهم فريسة لأفكار تتنافى مع قيم مجتمعتنا وثقافتنا العربية.
  • وكذلك غياب الرقابة قد يؤدي إلى استغلال فطرة الطفل وجعله يساير أفكار قد تدفعه في الأخير إلى الإنتحار كـ (لعبة الحوت الأزرق) التي تسببت في أكثر من حالة إنتحار في مجتمعنا.
  • فيما قد تكون وسيلة هروب من أزمات إجتماعية أو إقتصادية يمر بها الأفراد في واقعهم المُعاش.

أقرأ أيضًا: ”الخشت”: استحداث كلية لعلوم الطاقة المتجددة بمقر جامعة القاهرة الدولية

وفي ذات السياق، نشرالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، دراسة للدكتورة رغدة البهي أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة والخبيرة في الأمن السيبراني، أشارت فيها "البهي" إلى عدة تحديات منها:

  • الإحتكار المتوقع لتلك التقنية من جانب عدد قليل من الشركات "إحتكار القلة"، وقد أُقيمت في وقتٍ سابق قضايا إحتكار على شركة فيس بوك
  • توحش فيس بوك وتوسعاتها التي تثير التوجس من تحكمها الزائد في مصائر شركات وأفراد بسبب منصاتها المتعددة التي تُستخدم في مجال الأعمال بشكل إعلاني وتسويقي موسع
  • خصوصية المستخدمين، حيث اشترطت الشركة على مستخدمي نظارات "أوكيلوس" تسجيل دخولهم إلى النظارة من خلال تطبيق فيس بوك
  • عدم التبلور في إشارة إلى عدم إكتمال الفكرة الذي قد يؤدي إلى عدم نجاحها في المستقبل رغم الإنفاق الكبير عليها
  • التضليل المحتمل والذي قد تستخدم فيه تلك التقنية سواء عن طريق الشركة المالك بتوجيه المستخدمين لأهداف معينة أو من خلال إرتفاع معدل الجريمة والإبتزاز داخل هذا العالم الإفتراضي

ويبقى التسأول مطروحًا، كيف سيواجه العالم الواقعي ذلك العالم الإفتراضي الغامض حتى الأن، وكيف سيكون حجم تأثيراته الإجتماعية على حياة الأفراد والمجتمعات في المستقبل القريب، نظن أن الإجابة ستكون متوفرة قريبًا، وستكون واقعية جدًا كذلك.