الطريق
السبت 20 أبريل 2024 02:50 صـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

محمد عبد الجليل يكتب: ما فعله سيدنا جبريل أقل عجبًا مما نرى ونسمع كل يوم!

رئيس التحرير
رئيس التحرير

على خلفية الجدل المُثار بخصوص قضية الإسراء والمعراج.. منذ 100 سنة مثلًا، هل كان أحدٌ يتصور أن يجلس في فراشه تحت الأغطية الثقيلة في مصر ويتَّصل بالصوت والصورة بأحد في أمريكا؟
هل كان أحد يتصور أن يستمع إلى موجات الراديو المتحركة في الأثير بواسطة جهاز صغير في قبضة يده؟
كل هذا بدا في وقت حدوثه معجزة وشيئًا يفوق العقل، حقَّقها الإنسان الضعيف محدود القدرة، فهل يصعب على الإله القادر أن يخلق معجزاته؟!
المخلوق يستطيع، وربّه لا يستطيع؟!
يقول الدكتور مصطفى محمود: "نحن في عصر يسهل فيه تماما أن نصدق بأن هناك ملائكة لا ترى، وبأن الحقائق يمكن أن تلقى إلى الإنسان وحيًا.. فهم يتكلمون اليوم عن أطباق طائرة تنزل على الأرض. كواكب بعيدة وأشعة غير منظورة تقتل، وأمواج لاسلكية تحدد الأهداف وتضربها.. وصور تتحول إلى ذبذبات في الهواء ثم تستقبل في أجهزة صغيرة كعلب التبغ.. وكاميرات تصور الأشباح.. وعيون ترى في الظلام.. ورجل يمشي على القمر.. وسفينة تنزل على المريخ.. لم يعد غريبًا أن نسمع أن الله أرسل ملكًا خفيًا من ملائكته.. وأنه ألقى بوحيه على أحد أنبيائه.. لقد أصبح وجود جبريل اليوم حقيقة من الدرجة الثانية.. وأقل عجبًا وغرابة مما نرى ونسمع كل يوم".
وهل المعجزة إلا فعل خارق للطبيعة، ليس بإمكان البشر إتيانه؟
أم أن المطلوب أن يكون قد سبق لأحد من البشر الذين نعرف المرور برحلتي الإسراء والمعراج، فيكون لدينا مثال ونموذج، نتخذه وسيلة لتصديق المرويات الدينية؟!
هل هذا كلام يُعقل؟!
إن الدين قائمٌ على التصديق بالله سبحانه وتعالى وبالرسول صلى الله عليه وسلم، في الغيبات التي تلوها علينا، وفي الأفعال التي نقلها الصحابة، ولو كان كل شيء بالعقل، لكان المسح على باطن الجورب في الوضوء لا قمته!
أما السؤال الذي يطرح نفسه الآن: فما الجدوى؟
ما جدوى طرح هذه القضايا في هذا التوقيت الذي تحيط بنا مشكلات عديدة، وقضايا تستحق التفكر فيها وإيجاد حلول سريعة لها؟!
وماذا لو أثبت المدّعي عدم حدوث رحلة المعراج؟
ما الذي سيترتب على هذا؟
المؤمنون لن يهتز إيمانهم، والملحدون لا حاجة بهم إلى هذا الجدل أو غيره!
ولو كان الغرض الوصول إلى يقين من أي نوع، فيطرح هذا الأمر على المختصين الذين يملكون الحجة والعلم، لا العامة وغير ذوي الحيثية للبت في مثل هذه القضايا.
صحيح أننا مع حرية التعبير، لكن عندما يكون لذلك غرض حقيقي يصب في المصلحة العامة، وعندما يكون الغرض من ورائه واضحًا وشرعيًا، لا مجرد إثارة الجدل ولا ركوب الترند ولا الاحتفاظ بالوجود في مقدمة الأخبار وجدالات السوشال ميديا.
أما فكرة أن المسلم في 2022 في غير حاجة إلى الشيوخ، فهذا تدليس، إذ إننا نظل في حاجة إلى الشيوخ والآراء كافة لأنه ليس علينا اختراع العجلة منذ البداية، ليس علينا أن نعيد التفكير في كل ما توصلت إليه الحضارة الإسلامية، إلا لو فُتحت لنا زاوية جديدة للنظر، زاوية -مرة أخرى- تحقق الفائدة وتكشف الغامض، لا مجرد اللجاجة والظهور بمظهر العالمين ببواطن الأمور!
وكثرة الطعن في الثوابت، والتركيز في جانب واحد فقط من الفكر الديني، وهو التشكيك والتشويه، لا يعطينا مجالا لحسن الظن طوال الوقت، وإنما يجعلنا نتشكك بدورنا في النوايا والأغراض، ويصبح من حقنا أن نطرح بدورنا الأسئلة المنطقية: ما الغرض الحقيقي وراء ما يجري؟ وهل المسؤول عنه شخص واحد، أم أن، هذا عمل منظم وله خطوات معينة تُتبع بترتيب منطقي لضرب العقيدة، التي هل كل ما يتبقى للمؤمن في النهاية من كل هذا العبث الذي يجري في الدنيا، ثروته الوحيدة التي يعوّل عليها لبلوغ غايته في الآخرة؟!
هل الغرض نزع العقيدة تمامًا، والوقوف عرايا في مواجهة موجات التطرف والإلحاد والتغريب لينكون جميعًا في الهم سواء؟!

موضوعات متعلقة