«أويل برايس»: هل بإمكان نفط أمريكا اللاتينية سد فجوة الإمدادات العالمية؟

• الولايات المتحدة تبحث عن مصادر بديلة للنفط الخام بعد حظرٍ واردات النفط الروسي، وتحاول فتح قنوات جديدة مع دول الإنتاج التي لم تكُن ذات أولوية سابقًا ومن بينها بعض دول أمريكا اللاتينية.
• على الرغم من الاحتياطات النفطية الهائلة في دول: فنزويلا، وكولومبيا، والإكوادور، والبرازيل، فإن هناك الكثير من التحديات التي تؤكد صعوبة الاعتماد عليها كمصدر بديل للإمدادات الروسية في الوقت الراهن.
تناولت "أويل برايس" التحديات التي تُحيل دون الاعتماد الأمريكي على دول أمريكا اللاتينية كمصدر موثوق للطاقة في الوقت الراهن.
في هذا الإطار، أوضح تقرير المجلة أن قرار الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بغزو أوكرانيا، إلى جانب فرض عقوبات صارمة على روسيا، وقيود العرض التي تزايدت نتيجة جائحة "كوفيد-19"، كلها عوامل أدت إلى ارتفاع أسعار النفط الخام إلى مستويات قياسية، هذا بالإضافة إلى الأحداث الجيوسياسية الأخيرة، وأزمة الطاقة التي تشهدها أوروبا نتيجة الاعتماد الرئيس على الواردات الروسية من النفط والغاز الطبيعي.
وأشار التقرير إلى تفاقم ضغوط البحث عن مصادر بديلة للإمداد، بعد أن قام "البيت الأبيض" بفرض حظرٍ على الواردات الروسية من النفط.
في هذا السياق، سعت الإدارة الأمريكية إلى "تنويع" مُورِّديها وفتح قنوات جديدة مع دول الإنتاج التي لم تكُن ذات أولوية سابقًا ومن بينها بعض الدول الواقعة في أمريكا اللاتينية؛ حيث أرسلت الإدارة الأمريكية وفدًا إلى فنزويلا؛ بهدف فتح حوار مع الرئيس "نيكولاس مادورو"، على الرغم من أنّ "كراكاس" تخضع لعقوبات أمريكية صارمة تهدف إلى الإطاحة بـ "مادورو"، المتحالف مع "الكرملين" الروسي.
ومن شأن تخفيف العقوبات على فنزويلا تسهيل وصول "كراكاس" إلى أسواق الطاقة وأسواق رأس المال العالمية، وأيضًا السماح لها -كعضو في منظمة أوبك- بتعزيز إنتاج النفط الخام، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تنامي قوة "مادورو" المحلية، ويؤكد الضعف الجيوسياسي للولايات المتحدة الأمريكية.
اتصالًا، تُعد كولومبيا ثالث أكبر منتج للنفط في أمريكا اللاتينية بعد البرازيل والمكسيك، كما أنها تُعد حليفًا إقليميًّا قويًّا وشريكًا تجاريًّا رئيسًا لـ "واشنطن"؛ حيث تأتي كخامس أكبر مصدر لواردات النفط الأمريكية.
وتُظهر بيانات "إدارة معلومات الطاقة" الأمريكية لعام 2021 أن كولومبيا زودت البلاد بنحو 203 آلاف برميل يوميًّا، أو ما يعادل 2.4% من إجمالي واردات النفط الخام الأمريكية في العام ذاته.
بيد أن هناك بعض التحديات التي تواجه عملية "إنتاج النفط الخام" في كولومبيا؛ حيث أثرت الحرب سلبًا على البلاد بشكلٍ كبير، وبعد أن وصل إنتاج النفط إلى أكثر من مليون برميل من النفط الخام يوميًّا في عام 2015، تراجع إنتاج الأخير بشكل مطرد منذ ذلك الحين.
تجدر الإشارة إلى أن عام 2020 شهد أقل حجم تم ضخه للنفط الكولومبي منذ عام 2009، كما أن هناك بعض الدلائل على أن نمو الإنتاج في كولومبيا سيظل ضعيفًا؛ حيث تتصاعد المخاطر الجيوسياسية منذ عام 2018، على الرغم من "اتفاق السلام" لعام 2016 مع أكبر جماعة متمردة بالبلاد؛ وهو ما يؤثر -إلى جانب الاضطرابات المدنية المتزايدة- على عمليات الصناعة والتنقيب في المناطق النائية الغنية بالنفط والغاز.
في سياق مُتصل، تحظى الإكوادور باهتمام كبير أيضًا؛ حيث تمتلك ثالث أكبر احتياطات نفطية مؤكدة في أمريكا اللاتينية، بإجمالي 8.3 مليارات برميل، بيد أن تلك الدولة تكافح لزيادة إنتاجها من النفط وتلبية هدف الإنتاج المُعلن، وهو مليون برميل يوميًّا؛ نظرًا لعجز البنية التحتية الصناعية، والكوارث الطبيعية، ونقص الاستثمار المسؤول بشكلٍ رئيس عن تدهور إنتاج النفط في الإكوادور على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وأوضحت "أويل برايس" أيضًا أن البرازيل تمتلك ثاني أكبر احتياطات نفطية ضخمة في المنطقة تبلغ 12.7 مليار برميل، كما أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي عززت إنتاج النفط الخام خلال الجائحة في عام 2020.
ومن المُتوقع أن يتم تحفيز الاستكشاف والإنتاج في البرازيل من خلال زيادة الاستثمار الرأسمالي من 428 مليار دولار، إلى 474 مليار دولار أمريكي. ومن المُرجَّح أن يؤدي هذا الاستثمار الكبير إلى رفع القدرات الإنتاجية للنفط في البرازيل، من حوالي 3 ملايين برميل يوميًّا إلى 5.2 ملايين برميل يوميًّا بحلول عام 2031.
ويُعد تطوير الصناعة الذي يحركه الاستثمار هو المُحرِّك الرئيس لـ "برازيليا" لتصبح خامس أكبر مُصدِّر للنفط الخام في العالم. ويقدر المحللون أن البرازيل ستضيف أكبر طاقة إنتاجية للبترول لأي بلد خارج "أوبك" والولايات المتحدة من الآن وحتى عام 2026، مع توقع وصول إنتاج "الهيدروكربون" إلى حوالي 4 ملايين برميل يوميًّا بحلول عام 2024.
وسوف يعزز هذا النمو القوي للإنتاج إمدادات النفط الخام العالمية، وهو ما سيعوض جزئيًّا النقص الناجم عن العقوبات المفروضة على الصادرات الروسية من النفط. ومع ذلك، سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتم الاعتماد على الإنتاج الإضافي للبرازيل، وهذا يعني أنه لن يكون بمثابة حل فوري لفقدان إمدادات النفط نتيجة الحظر الذي فُرض على الصادرات الروسية من النفط.
اقرأ أيضا: الإيكونوميست: هل ستقدم الصين مساعدة مالية لروسيا؟