الطريق
الخميس 28 مارس 2024 10:15 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

«انقطاع بث الإذاعة مرتين».. كواليس البيان الأول لثورة يوليو

أرشيفية
أرشيفية

يحتفل المصريين اليوم بالذكرى الـ 70 لثورة 23 يوليو، إذ أنهت حكم أبناء محمد على لمصر وألغت الملكية، ليبدأ عصر جديد للبلاد.

كواليس إذاعة البيان الأول لثورة ٢٣ يوليو على مسامع ملايين المصريين

يظل البيان الأول لثورة يوليو محل اهتمام كبير عند المصريين، إذ تمكن الضباط الأحرار من الوصول لمقر الإذاعة في تمام السادسة والربع صباحا، وعندما حضر مذيع الفترة الصباحية، فهمي عمر، قال له السادات إنه سيجري بعض التغييرات في برامج الإذاعة، لأن هناك بيانا مطلوب إذاعته، فلم يستطع فهمي عمر، في ظل الحراسة العسكرية المشددة، التي كانت تحيط به، من كل جانب سوى أن يجيب: "الإذاعة تحت أمرك".

قطع الإرسال للمرة الأولى من أبو زعبل

وعندما دخل السادات الأستوديو، كان يعتزم إذاعة البيان، بعد المارش العسكري، ولكن فهمي عمر، علم من المهندسين أثناء إذاعة المارش العسكري، بأن الإرسال قُطع من محطة "أبو زعبل"، ولمَّا علم السادات خرج من الأستديو، وأبلغ الموقف للقيادة.

واستمر فهمي عمر في تقديم فقرات البرنامج، وفقًا لمواعيدها رغم علمه بانقطاع الإرسال، وبعد حوالي أربعين دقيقة من انقطاع الإرسال، أشار المهندسين لفهمي عمر، إلى أنه على الهواء، وكان ذلك في حوالي السابعة وثلاث عشرة دقيقة، فبادر فهمي بإبلاغ السادات بعودة الإرسال، فسأله: "هل يمكن إلقاء بياني؟".

فأجابه فهمي عمر، أنه بعد دقيقتين ستنتهي إذاعة القرآن الكريم، وسوف يتلوه حديث ديني لمدة عشر دقائق، فقال السادات: "لا.. أحاديثكم هي التي خدرت الناس، وأنا سأذيع البيان بعد القرآن مباشرة".

قطع الإرسال من مصلحة التلفزيون للمرة الثانية

وفي السابعة والربع تماما، تأهب فهمي عمر لتقديم السادات لإذاعة البيان، وإذا بالمهندسين يبلغونه، مرة أخرى، بأن الإرسال قُطع ثانية، ولكن هذه المرة، من مصلحة التليفونات، وليس من "أبو زعبل".

مما أثار غضب السادات وأسرع إلى التليفون، حيث عاود اتصاله بالقيادة، وفي الساعة السابعة وسبع وعشرين دقيقة، عاد الإرسال مرة أخرى، وكان ذلك من المصادفات الحسنة، لأن نشرة الأخبار كان موعدها في السابعة والنصف صباحًا، وهو أفضل موعد، يستمع فيه الناس إلى نشرة الإذاعة، حيث كانت عادة المواطنين في ذلك الوقت الاستماع لوسيلة الإعلام المسموعة "الراديو" في بداية يومهم ليستمعوا لنشرة الأخبار الصباحية.

وتأهب فهمي عمر لتقديم أنور السادات، بالصفة التي طلبها منه، وهي أنه مندوب القيادة، فقد رفض أن يقدمه باسمه، وبعد إجراء التقديم، قرأ السادات البيان الأول للثورة، في مستهل نشرة الأخبار، واستغرقت تلاوته دقيقتين ونصف، واختتم القراءة بذكر موقع البيان، اللواء أركان حرب محمد نجيب، القائد العام للقوات المسلحة.

واستمر فهمي عمر في قراءة نشرة الأخبار، التي كان معظمها خاصا بمراسم تشكيل وزارة نجيب الهلالي، ومقابلات الملك، مع رئيس الوزراء والوزراء، وكان المذيع سأل السادات، قبل قراءة النشرة: "هل يحذف منها شيئا ليجيبه السادات: لا.. اقرأها كلها كما هي".

وما كاد السادات ينتهي، من قراءة البيان، حتى تركه لأحد الضباط، القائمين على حراسة الإذاعة، وعاد إلى مبنى رئاسة الجيش، ولم يتم تسجيل البيان عند إلقائه في المرة الأولى، بصوت أنور السادات، لأنه لم يكن معروفًا لدى الإذاعة، وقتئذ، نظام التسجيل بالأشرطة البلاستيك، بل كان التسجيل يتم بأشرطة صلب بماكينات كبيرة وصغيرة، بعد وصول المهندس المختص، بعد الساعة التاسعة صباحًا يوميا.

وبعد مغادرة أنور السادات دار الإذاعة، بعد إلقائه البيان الأول، كثرت الاتصالات، مع الإذاعة، لإعادة إذاعة البيان، نظرًا لأن فئات عديدة، من الشعب، لم تتح لها فرصة الاستماع إليه، وعندما استأنفت الإذاعة إرسالها في فترة الضحى، التي تبدأ في العاشرة صباحًا، وتنتهى في الحادية عشرة والنصف، كان المهندس أحمد عواد، المختص بالتسجيل، قد وصل، وطلب المذيعون من أحد الضباط، القائمين بالحراسة، إلقاء البيان بصوته، ليسمعه أولئك، الذين فاتهم الاستماع إليه، في الفترة الصباحية.

نص بيان ثورة ٢٣يوليو

جاء نص البيان: "من اللواء محمد نجيب إلى الشعب المصري اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون المغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين".

لم يسجل البيان بصوت السادات في المرة الأولى

ولم يسجل البيان، بصوت أنور السادات، كما ذكر فهمي عمر، إلا خلال الاحتفال، الذي أُقيم بمناسبة مرور ستة أشهر على قيام الثورة، أي في يوم 23 يناير 1953.