الطريق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 11:15 صـ 21 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

عنكبوت الإخوان في أوروبا.. من هو إبراهيم الزيات الذي عزلته ألمانيا من مناصبه؟

القيادي الإخواني البارز إبراهيم الزيات
القيادي الإخواني البارز إبراهيم الزيات

في تطور جديد، طرد المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا منظمات إخوانية من صفوفه وفي مقدمتها المركز الإسلامي في ميونخ واتحاد الطلبة التابع للإخوان المسلمين، وتجريد القيادي الإخواني البارز إبراهيم الزيات المعروف بـ«وزير مالية الإخوان» من كل مناصبه داخل المجلس.

وجاءت هذه القرارات في أعقاب الانتخابات التي عقدها المجلس ووسط توجهات جديدة تقضي بإقصاء الواجهات الشرعية لجماعة الإخوان والتي يتم استخدامها كأدوات للعمل لصالح الجماعة.

التجمع الإسلامي الألماني

وفي التفاصيل، كان المجلس قد وافق في يناير الماضي، على إسقاط عضوية جمعية «التجمع الإسلامي الألماني»، التي تصنفها السلطات الأمنية بأنها تابعة للإخوان المسلمين أيضاً.

ويعود تاريخ تغلغل جماعة الإخوان في ألمانيا إلى حقبة الخمسينيات حيث بدأت العملية على يد سعيد رمضان قيادي الجماعة الذي تولى تجميع الدارسين والمبعوثين المصريين والعرب المسلمين في ألمانيا وتحديدا في مدينة ميونيخ منذ العام 1959.

كما أقام رمضان عدة مساجد ومراكز مثلت قاعدة العمليات الأساسية لتنظيم الإخوان في أوروبا كلها، فيما قام عصام العطار، مراقب تنظيم الإخوان في سوريا، بتأسيس عدة مساجد ومراكز إسلامية في مدينة ايخن الألمانية.

ونتيجة التنسيق بين السوريين عصام العطار وغالب همت في ايخن، والمصريين يوسف ندا وإبراهيم منير وإبراهيم الزيات في ميونيخ، نشأت أكبر شبكة تابعة للجماعة في أوروبا.

وأسست جماعة الإخوان تنظيمات ومراكز وجمعيات في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة بواسطة قيادي الجماعة إبراهيم الزيات وأشقاؤه بلال الزيات ومنال الزيات، فتحول مسجد ميونيخ والمركز الإسلامي في المدينة لنقطة انطلاق لتأسيس أهم وأبزر جمعيتين للإخوان في أوروبا، وهما الجمعية الإسلامية في ألمانيا، والمركز الإسلامي في جنيف.

وزير مالية الإخوان

القيادي الإخواني إبراهيم الزيات كان له دور بارز في الإشراف على منظمات الإخوان بألمانيا كلها، ثم زاد دوره بعد زواجه من صبيحة أربكان ابنة شقيق نجم الدين أربكان مؤسس حزب الرفاة التركي.

وأنشأ مع بعض معاونيه ما يسمى المجلس الأوروبي لفتوى والأبحاث كمصدر للفتوى الدينية للمسلمين في أوروبا، ووسيلة للتغطية الدينية لعمليات جمع أموال الزكاة.

وبحسب السلطات الألمانية، فإن إبراهيم الزيات المسؤول الأول للتنظيم الدولي للإخوان فى ألمانيا، والمسؤول عن التمويل للأنشطة المتعددة وجمع الثروات للتنظيم، وأطلقت عليه لقب وزير مالية الإخوان.

يشار إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية تملك وجودا قويا في ألمانيا، بـ1600 قيادي، إلى جانب العديد من المؤسسات.

وقبل عام، قدم الإخواني إبراهيم الزيات أوراق اعتماده كهمزة وصل بين شبكة تنظيم الإخوان الإرهابي في أوروبا والنظام التركي، حتى أصبح «عنكبوت» الجماعة الإرهابية في القارة العجوز.

وبحسب وثائق برلمانية وأمنية أوروبية -حصل موقع «الطريق» على نسخة منها، التقى في الثاني من يناير 2019، مسؤولو الاتحاد الإسلامي التركي (ديتيب) مع قيادات الإخوان الإرهابية في المسجد الكبير بكولونيا غربي ألمانيا، لتأسيس مجلس تنسيقي للمسلمين، يعمل كغطاء للتحالف المشبوه بين منظمات الطرفين.

ومنذ ذلك الوقت، برز اسم إبراهيم الزيات الذي يربط خطوط شبكة الإخوان في أوروبا، والعقل المدبر لأنشطة الجماعة، وحامل دفاترها المالية، وهمزة الوصل مع النظام التركي.

ويعد الزيات أهم الشخصيات المركزية في شبكة الإخوان بأوروبا، ويرتبط ارتباطا وثيقا مع كل التنظيمات المتطرفة في الشرق الأوسط، والمؤسسات الإسلامية في تركيا، خاصة ميللي جورش (الرؤية الوطنية).

وتضع هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ألمانيا الزيات تحت رقابتها؛ حيث قاد لسنوات طويلة منظمة المجتمع الإسلامي، كبرى مؤسسات الإخوان بألمانيا.

وعادة ما تُخضِع هيئة حماية الدستور، التنظيمات والأفراد الذين يمثلون خطرا كبيرا على الديمقراطية ويهدفون إلى تقويض النظام السياسي، لرقابتها.

مناصب متعددة

وبالإضافة لدوره كقيادي في شبكة الإخوان بأوروبا، يعد الزيات مؤسس ومدير اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FIOE)، وشغل في السابق منصب أمين المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، وجميعها منظمات محسوبة على الإخوان.

ويتولى الزيات موقعا مسؤولا في مجلس إدارة منظمة الإغاثة الإسلامية التي قالت مذكرة حكومية ألمانية في أبريل 2020، إن فرعها في برلين؛ يملك صلات شخصية مهمة بالإخوان، وصلات مؤسسية بمنظمات قريبة من الجماعة.

كما يعتبر الزيات حلقة وصل أساسية بين تركيا والإخوان، ويمثل معبر الدعم التركي للجماعة في الدول الأوروبية ذات الجاليات الإسلامية الكبيرة مثل ألمانيا والنمسا وهولندا.

ويحظى الزيات بهذه المكانة بسبب علاقته القوية مع النظام التركي التي تشمل بعدا شخصيا، حيث إنه متزوج من ابنة أخت نجم الدين أربكان، مؤسس حركة ميللي جورش.

وبجسب هيئة حماية الدستور النمساوية (الاستخبارات الداخلية)، فإن الزيات يملك أيضا روابط أيديولوجية قوية للغاية مع ميللي جورش، أحد أهم أذرع أردوغان في أوروبا، ويراها تنظيما عابرا للحدود، وذا تأثير قوي في الدول الإسلامية.

وذكرت وثيقة للبرلمان النمساوي تعود لـ25 يناير 2013، اطلع موقع «الطريق» على نسخة منها، أن إبراهيم الزيات يقود الإخوان في أوروبا، ويملك علاقة قوية مع المنظمات التركية، خاصة ميللي جورش، ولا يبحث عن الاندماج في المجتمعات الأوروبية، وإنما عن تعزيز التيارات الإسلامية المتطرفة.

فيما ذكرت وزارة الداخلية بولاية شمال الراين ويستفاليا غربي ألمانيا -في تقرير رسمي- أن علاقات منظمة المجتمع الإسلامي في ظل رئاسة الزيات، كانت تتراوح بين الروابط الشخصية والمشاريع المشتركة، وتشمل المنظمات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط وتركيا، ومؤسسات مانحة يشتبه في دعمها الإرهاب.

مُثير للجدل

دائما ما يثير إبراهيم الزيات الجدل، حيث إنه غير مرحب به في كل مكان يوجد به، ففي سبتمبر 2015، قدم النائب البارز في البرلمان النمساوي آنذاك، فيندلين مونتسر، طلب إحاطة للحكومة، اطلع موقع «الطريق» على نسخة منه، حول مشاركة الرجل في أحد المؤتمرات في فيينا، واصفا إياه بأنه «قيادي كبير في جماعة الإخوان».

وفي مايو 2007، أحدث الزيات ضجة كبيرة في ألمانيا عندما حضر مؤتمر الاندماج الذي تنظمه وزارة الداخلية هناك.

وتسبب حضور الزيات للمؤتمر في انتقادات كبيرة للحكومة الألمانية آنذاك، لكن وزارة الداخلية الألمانية ذكرت -في بيان حينها- أنها «لم تدع الزيات للمؤتمر، وفوجئت به».

فيما ذكرت وثيقة للبرلمان الألماني تعود لـ23 أكتوبر 2003، واطلع موقع «الطريق» على نسخة منها: «لم يكن إبراهيم الزيات في أي وقت من الأوقات شريكا معترفًا به في الحوار مع الحكومة الفيدرالية».

وأوضحت أن الزيات كان الممثل الأوروبي للرابطة العالمية للشباب الإسلامي، وهي منظمة تأسست في الولايات المتحدة، ونشطت حتى 11 سبتمبر 2001.

عنكبوت الإخوان

أكد سامح عيد، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن إبراهيم الزيات يعد عنكبوت جماعة الإخوان في أوروبا وهو من الجيل الحديث في الجماعة.

وقال عيد، في تصريحات لموقع «الطريق»، إن إبراهيم الزيات حكم عليه بـ 10 سنوات سجن غيابيا في 2008، وأصدر الرئيس المعزول محمد مرسي عفوا رئاسيا عنه في 2012.

وأضاف أن التدفقات المالية للجماعة في العالم تسجل بأسماء أربعة أشخاص؛ وهم: «إبراهيم الزيات وإبراهيم منير ومحمد البحيري ومحمود حسين».

وتابع عيد أن ألمانيا كانت قاعدة لانتشار الجمعيات الإسلامية في كل أنحاء أوروبا، لكنها استفاقت مؤخرا ووضعت جماعات الإسلام السياسي تحت متابعة جهاز الاستخبارات.

وأشار الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية إلى أن خروج إبراهيم الزيات مجرد تغيير جلد ولكن المراكز الإسلامية في أوروبا كلها تحت سيطرة الإخوان بنسبة 80% على الأقل.

نهاية الإخوان

اعتبرت شيماء إبراهيم مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في ألمانيا، أن خطوة عزل إبراهيم الزيات من مجلس مسلمي ألمانيا تعد بداية النهاية لجماعة الإخوان في أوروبا، منوهة إلى أن الأحزاب المعارضة في ألمانيا تطالب بحظر الإخوان منذ فترة، كما أن الحكومة الألمانية حظرت الأعلام والشعارات الخاصة بالجماعة.

وقالت إبراهيم، في تصريحات لموقع «الطريق»، إن الحكومة الألمانية اتخذت منذ 2018 إجراءات عديدة ضد جماعة الإخوان المسلمين، حيث صنفت أكثر من 774 شخص كعناصر خطرة وأغلبهم من جماعة الإخوان، كما أن وزارة الداخلية الألمانية نبهت على ضرورة الإبلاغ المسبق بالأموال التي تنفقها الجماعات القريبة من الإخوان.

وأضافت مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في ألمانيا، أن الزيات تم التحقيق معه منذ سنوات بتهم عديدة تخص غسيل الأموال، وعزله من المجلس الأعلى للمسلمين إجراء طبيعي، ويأتي ضمن الإجراءات التي تتخذها الحكومة الألمانية ضد جماعة الإخوان منذ 2018.

وتابعت إبراهيم أن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا واحد من 4 منظمات إسلامية موجودة في أوروبا، والمجلس يجري انتخابات سنوية وإبراهيم الزيات كان عضوا فيه وبعد قرار الحكومة الألمانية بعزله لم يحق له الترشح.

وتملك جماعة الإخوان الإرهابية وجودا قويا في ألمانيا، بـ1600 قيادي، إلى جانب العديد من المؤسسات.

وتصنف هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ألمانيا، الإخوان بأنها تهديد للنظام الدستوري والديمقراطي.

اقرأ أيضا: تحذير ألماني من خطر الإخوان على العالم