الطريق
الخميس 2 مايو 2024 09:01 مـ 23 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

حمدي غيث.. ”المعلم هدهد” ترك المحاماة وأنقذه ”عبد الناصر” من الشيوعية

حمدي غيث
حمدي غيث

فنان من طراز خاص يمتلك صوت جهوري، أحد أبرز فناني المسرح، تعلم فنون اللغة العربية وأتقن الفصحى ببراعة، له باع طويل في المسرح، يعرف كيف يتقن أدوره هو "سيد البرنس" في "حارة برجوان" والمعلم "هدهد" كبير تجار المخدرات في "أرض الخوف" والفتوة الظالم "حسونة السبع" الذي يقسو على عائلة الناجي في "التوت والنبوت"، والرجل الطيب "الشيخ بدار" الذي يرفض تقاليد هوارة في "ذئاب الجبل" و"ريتشارد قلب الأسد" ملك انجلترا الذي يحارب "الناصر صلاح الدين" هو الفنان حمدي غيث.

النشأة
ولد حمدي غيث في 7 يناير 1924، لأب كان يدرس الطب في إنجلترا، وشاءت الأقدار أن تمنعه الحرب العالمية من العودة لاستكمال دراسته ويجد نفسه "عمدة" لقريته شلشلمون بمركز منيا القمح في محافظة الشرقية، توفي وترك 5 أبناء من بينهم حمدي غيث وشقيقه الفنان عبد الله غيث، وكان حينها طفل رضيع بينما شقيقه "حمدي" في عمر الـ 4 سنوات ليحمل على عاتقه رعاية شقيقه "عبد الله" ويعتبره بمثابة ابنه.


انتقل الأخوين "غيت" إلى القاهرة بصحبة والدتهما وتستقر في حي الحسين، حيث تعيش مع شقيقها وكان أحد مشايخ الأزهر، تولى "الخال" تعليم "حمدي وعبد الله" اللغة العربية وعلى يديه حفظا القرآن الكريم، كانت والدتهما تعشق المسرح وتصطحب نجليها معها ومنها أحب حمدي غيث المسرح والتمثيل منذ نعومة أظافره، وقرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية بالتزامن مع دراسته في كلية الحقوق.

الدراسة وحب الفن
تخرج حمدي غيث في الدفعة الأولى للمعهد في 1948 وكان من بينها عمالقة التمثيل صلاح منصور وعبد الرحيم الزرقاني وعمر الحريري وشكري سرحان، وكان "غيث" ترتيبه الأول على الدفعة وفريد شوقي في الترتيب الأخير، رشح بعدها إلى بعثة في فرنسا لدراسة التمثيل والإخراج لمدة 4 سنوات، لم يفكر حينها واختار البعثة والفن على حساب المحاماة، وسافر ولم يؤدي امتحان السنة النهائية في كلية الحقوق وبعد عودته عمل أستاذا بمعهد الفنون المسرحية.

البدايات
بدايته جاءت من المسرح الأقرب إلي قلبه وقدم عدة مسرحيات ما بين التمثيل والإخراج وكانت البداية من مسرحية "كسبنا البريمو" يليها "تحت الرماد" و "سقوط فرعون"، ومن الأدب العالمي قدم "عطيل وماكبث، راسبوتين، أرض النفاق، مأساة جميلة".

السينما
كان حمدي غيث مثقف حريص على القراءة في الشعر والأدب وكل الفنون، اتجه ناحية السينما وشارك في بدايته بفيلم "صراع في الوادي "1954" وتوالت أفلامه أبرزها "الناصر صلاح الدين، الحكم آخر الجلسة، الدخيل" ولمع في عدة أفلام "المدبح، حارة برجوان، التوت والنبوت، اغتيال مدرسة" وكان دور "المعلم هدهد" في "أرض الخوف" مع أحمد زكي واحد من أهم وأجمل أدواره.

الدراما
صنع حمدي غيث مكانته الحقيقية من التلفزيون وشارك في العديد من المسلسلات الدينية معتمدا على إتقان الفصحى ولغته العربية السليمة في "محمد رسول الله، ابن تيمية، الفرسان، الوعد الحق، عصر الأئمة" كان يتنقل بين الأدوار بخفة ويحرص على التنوع وقدم "الشهد والدموع، بوابة المتولي، الأيام، العملاق، الفرسان، السيرة الهلالية، زيزينيا، جمهورية زفتى" وارتبط به جمهور الشاشة الصغيرة في دور "الشيخ بدار" في "ذئاب الجبل".

دور ينقذ حمدي غيث من تهمة
اتهم حمدي غيث أوائل الستينيات بالشيوعية وصدر قرار جمهوري بفصله من عضوية المسرح القومي ولم يجد أمامه سوى الإذاعة ليقدم بها أدوار بالقطعة منها تمثيلية إذاعية عن "أبو ذر الغفاري" وكان يتابعها الرئيس جمال عبد الناصر وسأل عن الممثل الذي يجسد دور "أبو ذر" فأخبروه أنه حمدي غيث، فقال أن الممثل الذي يقدم ذلك الدور بمنتهى الاتقان والبراعة لا يمكن أن يكون شيوعي، وأمر بعودة "حمدي" إلي وظيفته ويحدد بنفسه المكان والمرتب فاختار "غيث" العمل في فرق مسرح التليفزيون.

جوائز ومناصب
شغل حمدي غيث العدبد من المناصب منها أستاذا في أكاديمية الفنون، وأبرز مؤسسي مسرح الأقاليم وتولى الإشراف على الهيئة العامة لقصور الثقافة الجماهيرية، وتولى منصب نقيب الفنانين لأكثر من دورة، وحصد عدة جوائز أبرزها جائزة الدولة التقديرية للفنون، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وشهادة تقدير في عيد الفن 1978.

الحياة الشخصية والرحيل
تزوج من خارج الوسط الفني وأنجب ابنتان هن"ميادة" و"مي"، وبعد مشوار فني طويل قضاه ما بين المسرح بيته الأول والسينما التي ترك فيها بصمة في كل عمل والتليفزيون صاحب الشهرة الحقيقية رحل عن عالمنا في7 مارس 2006 إثر إصابته بفشل في الجهاز التنفسي عن عمر يناهز 82 عاماً وترك خلفه إرثا فنياً يليق بموهبته وأدوارا بارزة في مسيرته الفنية.