الطريق
السبت 20 أبريل 2024 04:41 مـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

يوسف شعبان يكتب: أبلة فضيلة.. لماذا دفنت في كندا؟

يوسف شعبان
يوسف شعبان

رحلت السيدة العظيمة/ فضيلة توفيق (أبلة فضيلة) عن عالمنا، لكن يظل ما علمتنا إياها باقيا في قلب ونفس كل مصري ومصرية.

التقيتها منذ سنوات، في جريدة التحرير، وطلبت منها أن التقت معها بعض الصور - رغم أنني بطبعي لا أميل لكثرة التقاط الصور - فوجدتها كما تخيلتها منذ صغري، سيدة رقيقة، عذبة الصوت والكلمات، لم ينل الكبر من الصورة التي رسمتها لنا الإذاعة عنها في طفولتنا.

وبحكم عملي، فقد سعيت أكثر من مرة لاستضافتها تليفزيونيا، للحديث حول تاريخها وبرامج الأطفال في الفترة الحالية وكيفية تنشئة النشء، لكن كل محاولاتي باءت بالفشل، لأنها سافرت منذ سنوات إلى كندا، ولم يكن هناك سبيل للتواصل معها.

الحقيقة، حزنت كثيرا، حين عرفت أنها ستدفن خارج مصر (في كندا)، فمصر لها بلد المولد والمنشأ، هنا صنعت التاريخ لها، وصنعت معه أجيالا، يدينون لها بالفضل، لمبادئ وسلوكيات زرعتها في نفوسنا منذ الصغر.

كان يجب على وزارتي الهجرة والمصريين في الخارج والخارجية المصرية أن يتدخلا لدى ابنتها فور انتشار خبر رحيل هذه السيدة العظيمة، لإعادة جثمانها إلى مصر، فمصر دائما يجب أن تكون مقرا ومستقرا، مثل تلك الشخصيات العظيمة، وأظن أنها لو سئلت في حياتها، عن مستقرها بعد الرحيل، لاختارت أن تدفن هنا في مصر، فلا يعقل أن تكون هذه السيدة، بكل هذا الحب لوطنها وأبنائها الذين تربوا على حكاياتها على مدى عشرات السنين، أن تختار بلدا غير مصر لتدفن به.

نعرف ملابسات انتقالها إلى كندا في سنوات عمرها الأخيرة، بعد أن أدركها الكبر، وأرادت ابنها التي تعيش في كندا، أن تكون إلى جوارها وترعاها - وهذا واجب عليها-، كما أنها - أي ابنتها - أرادت أن تكون إلى جوارها بعد رحيلها - وهذا حقها - كي تكون قريبة منها بالزيارة والترحم، فسعت في السنوات الأخيرة لحصولها على الجنسية الكندية، ولكن إذا كان مدفن أبلة فضيلة في كندا لشخص يترحم عليها، فلو كانت في مصر لوجدت كل من مر عليها يترحم عليها، ويكفيها لهذا لافته بسيطة تكتب على قبرها (هنا تدفن أبلة فضيلة).

هذه السيدة العظيمة تركت هرما من التراث، صنعته على مدى عشرات السنين أمام ميكروفون الإذاعة، فكان جزءا من شخصياتنا وسلوكياتنا، وأظن أن أغلبه لا يزال صالحا ليتربى عليه أجيال وأجيال، وأتمنى من الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أن تعيد إنتاج هذا التراث تليفزيونيا، في صورة سلسلة أعمال مصورة وصوت أبلة فضيلة ، ليتربى عليه أبناؤنا والأجيال القادمة، وأعتقد أن هذا العمل سوف يحظى بمشاهدة الكبار قبل الصغار.

ستبقى هذه السيدة خالد أبد الدهر، بصوتها العذب يطرب أذن مستمعيها، نشتاق إلى صوتها مهما امتد بنا العمر، فهي ذكريات تسكن الأرواح والقلوب والعقول.