الطريق
الجمعة 3 مايو 2024 03:28 مـ 24 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

هل إنشاء وزارة منفصلة للبحث العلمي تغيير للأفضل أم زيادة للأعباء؟

 إنشاء وزارة منفصلة للبحث العلمي
إنشاء وزارة منفصلة للبحث العلمي

شهدت الفترة الأخيرة نقاشاً مهماً حول مستقبل البحث العلمي في البلاد، حيث تنوَّعت المطالب والآراء في سبيل تطوير منظومة البحث العلمي. طالب البعض بإنشاء وزارة منفصلة للبحث العلمي بهدف تعزيز دوره وتحسين إدارته، وفي الوقت نفسه، طالبت فئة أخرى بضرورة وضع إستراتيجية وطنية شاملة للبحث العلمي، ترتكز على تحديد الأولويات بشكل فعَّال لتحقيق التقدم والابتكار في مختلف المجالات العلمية.

وقد أثيرت أيضًا مطالب بزيادة مخصصات البحث العلمي في الموازنة العامة للدولة، وذلك لتمكين الباحثين من الحصول على الموارد اللازمة وتوفير البيئة الملائمة لتنفيذ دراساتهم وأبحاثهم بشكل شامل ومستدام، ومن جانب آخر، أبدى البعض الرغبة في تحقيق استقلالية الجامعات وتعزيز الانفتاح العلمي والتعاون الدولي، مع مراعاة حفظ الأمن القومي وحماية المصالح الوطنية.

كما تباينت الآراء حول السبل الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف، إلا أن الجميع اتفق على أهمية دور البحث العلمي في تقديم حلاً للتحديات التي تواجه المجتمع وتعزيز التنمية المستدامة في البلاد، وتعكس هذه المناقشات التفاعل الحيوي والمستمر الذي يجري في المجتمع حول قضايا العلم والتكنولوجيا، مما يشير إلى التزام البلاد بتطوير البحث العلمي ودعمه لضمان مستقبل مشرق ومزدهر.

وفي هذا الصدد، أكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي وعضو المركز القومي للتعليم، على أن الارتقاء بالبحث العلمي يمكن أن يتحقق من خلال توفير مجموعة من الشروط والمعايير الأساسية، مشيرا إلى أن هذه الشروط لا تتطلب بالضرورة إنشاء وزارة منفصلة للبحث العلمي، وأن ذلك قد يتسبب في تأخير وتعطيل مسار البحث العلمي أكثر من تطويره.

وأوضح مغيث في تصريحات لـ "الطريق" أن أهم هذه الشروط تتمثل في زيادة مخصصات البحث العلمي في الموازنة العامة للدولة، مشيرا إلى أن الموازنة الحالية لا تزيد عن 1% من الناتج المحلي، ومع ذلك، يتم إنفاق مبالغ أقل بكثير على البحث العلمي في الواقع. وأكد أن هذا التخصيص المالي غير كافٍ لدعم البحث العلمي بشكل كامل وفعَّال.

وأضاف مغيث أن الكثير من الأبحاث تتطلب موارد إضافية بما في ذلك المواد والأجهزة والتجارب، وأن تقليل الإنفاق على البحث قد يؤدي إلى تعطيل الأبحاث أو عدم إكمالها بشكل ناجح، مشيرا إلى أن البيروقراطية الزائدة في المؤسسات العلمية تعتبر عائقًا آخر أمام التطور الناجح للبحث العلمي، خاصة بالنسبة للأبحاث ذات الطبيعة الخاصة التي تتطلب إجراءات معقدة وموافقات طويلة الأمد.

وأكد مغيث أيضًا على أهمية إعادة تعزيز دور الجامعات وأهدافها الأساسية في تقديم التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، مشيرا إلى أن دور الجامعة يتمثل في تخريج طلاب مهنيين صالحين لسوق العمل وتقديم البحث العلمي، مشددا على ضرورة تعزيز ثقافة البحث العلمي والنزاهة في البيئة الجامعية.

وشدد الخبير التربوي على ضرورة التصدي للسرقة العلمية وتفعيل الإجراءات القانونية ضد المخترقين، وأن يكون البحث العلمي متاحًا للجميع دون فرض رسوم مالية غير مبررة عليه.

وفي نفس السياق، أعربت الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية، عن رفضها لفكرة إنشاء وزارة منفصلة للبحث العلمي، قائلة إن إنشاء وزارة منفصلة سيؤدي إلى زيادة البيروقراطية وتعطيل الإبداع والابتكار في البحث العلمي، كما أكدت أن وجود وزارة مستقلة للبحث العلمي سيؤدي إلى زيادة العبء المالي على الدولة، نظرًا لاحتياجها للعديد من الموظفين والمناصب الإدارية.

وأشارت عبد الرؤوف في تصريحات لـ "الطريق" إلى أن البحث العلمي بحاجة إلى وجود استراتيجية وخطة بعيدة المدى، وأهدافٍ مرحلية تحدد الأولويات بشكل فعَّال، موضحة أن الكليات العملية والأدبية يجب أن تضع خطط استراتيجية متكاملة وتقدمها لوزارة التعليم العالي ضمن رؤية واستراتيجية شاملة للبحث العلمي، بدلًا من العمل في جزر منعزلة كما هو الحال حالياً.

وأكدت عبد الرؤوف على ضرورة تحقيق التوافق بين الاتجاهات العامة، وأهمية إجراء دراسات بينية تشمل التعاون بين الأكاديميين والباحثين في مجموعة متنوعة من التخصصات، مشددة على أهمية تغيير أولويات البحث العلمي والتطلع إلى مستقبل جديد بعيدًا عن المشكلات والموضوعات البحثية المعتادة.

وأشارت إلى ضرورة إعادة توزيع ميزانية البحث العلمي بشكل يتناسب مع أهمية الأبحاث المختلفة، وطالبت بتغيير نظرة المؤسسات العلمية إلى البحث العلمي وتغيير الأولويات على جميع الأقسام العلمية والأدبية على حد سواء.

وفيما يخص استقلالية الجامعات وتأثيرها على مستقبل البحث العلمي، أكدت عبد الرؤوف أهمية استقلالية الجامعة والباحث، مشددة على أهمية حرية اختيار الموضوعات وحرية الوصول للمعلومات، مقترحة أن يكون هناك تقييدا فقط من الجهات السيادية في المواضيع التي تعتبر حساسة من الناحية الأمنية، دون تعطيل البحث العلمي بشكل عام.

اقرأ أيضا:

لمواجهة التضخم والغلاء.. الحكومة تعلن تخفيض أسعار 7 سلع ونواب يطالبون بالمزيد