الطريق
الجمعة 4 أكتوبر 2024 09:40 صـ 1 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

أيمن رفعت المحجوب يكتب: بين الدّين والاقتصاد

أيمن رفعت المحجوب
أيمن رفعت المحجوب

لم يذكر الدّين كفارق للمقارنة بين أي نظام اقتصادي اشتراكي
أم رأسمالي، فما الفارق الدّيني إذاً؟

الحق أنه لو كان المقصود المقارنة بين الاشتراكية والرأسمالية عموماً، لا الاشتراكية عند.. فالدّين لا يلعب دوراً هاماً في هذه المقارنة، وذلك لأن بعض الدول القليلة التي ما زالت تطبق النظام الاشتراكي فإنها لا تهتم بذكر الدين، لأن هذه مسألة خاصة بكل فرد ولا تميز النظام الاقتصادي المطبق حتى في النظام الرأسمالي نفسه، وإن كان بعض الرأسمالين يؤمنون بالدّين ، لكن إلزامهم منذ أن أقاموه ( في كتاب أدم سميث ثروة الأمم) لم يكن في ذهنهم يوضح أن الاشتراكية ضد الدّين ، وأن نظامهم مع الدّي ، لكن لو كان السؤال يتعلق بالمقارنة بين الاشتراكية والتطبيق "الوسطي" في مصر، فإن الوضع يختلف عن الحديث سابق الذكر.

فمن المؤكد أن جزء كبير من "الفلسفة الاشتراكية الماركسية" تنكر الدّين ، بمعنى أن ماركس كان يتصور أن العالم تحركه قوى داخلية أي يحركه التطور المنبثق من الانسان والطبيعة، والذي يحدث في وسائل الانتاج أن الآلة تتغير والآلة تكبر ، وتطور الانسانية يأتي من الداخل وليس من الخارج، بمعنى أنه كان ينكر وجود القوى الالهية الخارجية للمولى عز وجل ( خالق الأرض والسماء)، أي أن العالم يتطور داخلياً عنده.


فخلاصة القول إن "الماركسية" لا تؤمن بوجود الأديان....!!!!!!

أما نحن في مصر فمن المؤكد أننا قد نكون أكثر شعوب الأرض إيمانا بالدّين "كما نقول دوما"، فالمعتقدات عندنا قوية سواءً كنا مسلمين أو مسيحين ونحرص بشدة على القيم الدينية الوسطية في هذا البلد ، وهذا الحرص قد لوّن شكل نظامنا الاقتصادي دائماً إلى الاتجاه الوسطي المعتدل بين النظام الفردي الحر المسئول والنظام الجماعي المحقق للعدل الاجتماعي.

بمعنى إحداث مزج بين مزايا الرأسمالية المنضبطة والاشتراكية المؤمنة بحق الفرد، والجماعة ووجود القوى الالهية الخارجية المتحكمة في تطور العالم مع العنصر البشري الخلاّق.


وقد انعكس كثير من ذلك على القيم الخلقية عندنا ويتضح هذا أيضاً في عدم سفك الدماء في ثوراتنا الكبرى (على مدار التاريخ الحديث) كما أن النزعة الدينية عندنا تنصرف للإيمان بالعدل وبالمساواة، هي نزعة في حقيقتها وسطية معتدلة كما ذكرنا، وذلك لأن المسلمين الأوائل لم يعرفوا كلمة "اشتراكية أو رأسمالية" لأنها أمور لاحقة على الأديان ، ولكنهم كانوا يعرفون قيماً معينة خلاصتها العدل والمساوة، وهذه هي القيم التي نحرص عليها في مصرنا الجديدة.

فحينما نحرص على إقامة المساواة وعلى إقامة العدل الاجتماعي، فإنما نحرص على قيم تحرص عليها كل الأديان السماوية، وإني لم أذكر كلمة "الدّين" ، لكن ذكرت التطبيق الوسطي لنظام اقتصاد قائم بالفعل في كثير من دول العالم
ومنها فرنسا.


ولعل هذا التطبيق يختلف في الواقع وينبعث من الامكانيات الموجودة هنا وهناك ، وان كنت أقصد بالقيم، القيم الدّينية أساساً لأن الدّين في مصر وكما قدمت من قبل ، هو الذي شكّل القيم ، القيم الاجتماعية والقيم الانسانية، حقاً أن هناك قيماً أخرى قد تأتي من غير الدّين ولكن تظل أهم القيم التي يؤمن بها الشعب المصري موجودة ومنبثقة من الايمان بالله تعالى ، وسوف تظل أيضاً تفرض نفسها في تكوين أي نظام اقتصادي في وطننا.