الطريق
الجمعة 29 مارس 2024 02:08 مـ 19 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

العنوسة.. 15 مليون حالة تنذر بالخطر.. الأزهر يحاول بـ”أكثرهن بركة” والبرلمان يفشل في معالجة الأزمة.. وخبير نفسي: الفتاة مغلوبة على أمرها

العنوسة - أرشيفية
العنوسة - أرشيفية

كشفت مؤشرات إحصائية، صادرة مؤخرًا عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حول نسب العنوسة في مصر، أن نسبة العنوسة في مصر بلغت ما يزيد عن 15 مليون حالة من الشباب والفتيات ممن تعدى سنهم 30 عامًا ولم يتزوجوا.

علمًا بأن عمر العنوسة ليس ثابتًا وإنما يتغير من من مكان لآخر، فالمجتمعات البدوية وفي القرى يعتبرون أن الفتاة التي يتجاوز عمرها العشرين ولم تتزوج "عانسًا"، أما في المدن فلا تحصل الفتاة على هذا اللقب إلا بعد تجاوز الثلاثين عامًا.

 

ظاهرة العنوسة تمثل خطورة كبيرة على المجتمع؛ الذي لم ينتبه إليها وإلى تبعاتها بشكل يضاهي حجم الكوارث التي تنتج عن تلك الظاهرة، مثل الإصابة بأمراض نفسية، والزواج السري والعرفي، هذا بالنسبة للفتيات؛ أما بالنسبة للشباب الذكور، فقد دفعت البعض للإقبال على إدمان المخدرات والاغتصاب وأيضًا دفعت البعض منهم إلى الانتحار.

 

 

ويعرض "الطريق" في التقرير التالي أهم الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انتشار ظاهرة العنوسة بهذا الشكل المقلق، وكذلك تطرح بعض الحلول من خلال رؤية الخبراء والمتخصصين؛ في محاولة جادة لتقليل النسبة والحد من انتشارها السريع:



علم النفس

قال الدكتور محمد هاني، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الزوجية والأسرية وتعديل سلوك الأطفال، إن مصطلح العنوسة يطلق على الشاب والفتاة ولكن في الغالب نطلقها على الفتيات وهذا غير لائق، لأننا في مجتماعتنا الشرقية نلقي بالأمور السلبية على المرأة فنقول أمرأة عانس، وسيدة مطلقة، وهكذا؛ على الرغم أن الرجل شريك للمرأة في هذه الأمور.

 

وأضاف "هاني"، في تصريحات خاصة لـ"الطريق"، أن العانس أو بمسمى أفضل "المتأخر في الزواج" هو من تعدى 35 عامًا، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الأسباب تؤدي إلى حدوث مثل هذه الظاهرة، منها أن الفتاة دائما مغلوبة على أمرها في اختيار شريك حياتها، لأنها تنتظر من يتقدم لها وليست كالشباب الذي يبحث عن زوجة طارقًا كل الأبواب كيفما يشاء.
 

وتابع استشاري الصحة النفسية، انتشار النماذج السلبية للزواج ووقوع حالات الطلاق بشكل كبير، كل ذلك أحدث نوعًا من الرعب والبلبلة جعل الإقبال على الزواج أمر عصيب، كما أنه كلما ارتفع الجانب العلمي والمهني عند الفتاة جعلها تطمح في الزواج من شاب على درجة كبيرة الوعي والثقافة، كما أن مفهوم الحُب تغير عما كان عليه قديما.

 

واستطرد، ان ارتفاع تكاليف الزواج وصعوبات الحياة وعدم تحمل المسئولية لدى الشباب نتاج تربية خاطئة من الأهل، كل ذلك يؤدي إلى تأخر سن الزواج، وهو ما سينتج عنه انتشار حالات الزنا والاغتصاب والزواج العرفي.

 

وأشار الدكتور محمد هاني، إلى أن مواجهة هذه الظاهرة يتم من خلال الدور الفعال لكل منظمات المجتمع بداية من دور الأزهر الشريف، ومطالبته بتوعية الأهل لتيسير أمور الزواج، وحث الشباب على الزواج، وكذلك لوزارة الإسكان دور مهم في توفير شقق للشباب بسعر مخفض، وعلى الإعلام ألا ينشر السلبيات التي من تعمل على عزوف الشباب عن الزواج.

 

البرلمان

وقال النائب محمد عطا سليم: "تقدمت في مايو 2017، بمشروع قانون للبرلمان بتنظيم منح قرض حسن للزواج للشباب، خاصة بعد أن وصل عدد الفتيات غير المتزوجات فوق سن الـ 35 إلى أكثر من 10 مليون فتاة، وقتها، نتيجة التكاليف المبالغ فيها لإتمام عملية الزواج، لافتًا إلى إن المشروع عبارة عن قرض حسن بقيمة 60 ألف جنيه تمنح للشباب لمساعدتهم على الزواج، وتقسط على 120 شهر.

وأضاف "سليم"، في تصريحات خاصة لـ"الطريق"، أن مشروع القانون الذي تقدم به تم الموافقة عليه من حيث المبدأ لكنه تجمد بعد ذلك في لجنة الشباب، مشيرًا إلى أن مشروع القانون لاقى قبولًا كبيرًا في الشارع المصري لأنه كان بمثابة محاولة للتشجيع على الزواج وهذا بدوره كان سيقلل من نسبة العنوسة في مصر.

وتابع عضو البرلمان، أن قضية العنوسة مرتبطة بالأمن القومي والسلم العام، وعلى الدولة أن يكون لها دور كبير في التصدي لهذه المشكلة الكبيرة، لما لها من مردود عكسي خطير في حالة تجاهل التوصل لحل في أسرع وقت ممكن.

 

موقف الأزهر

وجّه الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بتدشين حملة توعوية لمواجهة غلاء المهور وتكاليف الزواج، بعنوان "أكثرهن بركة"؛ وذلك إحياءً لهدي رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، وانطلاقًا من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام النسائي: "أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً".

 

وأكد "الطيب"، أن هذه الحملة جاءت في إطار معالجات الأزهر للعديد من القضايا المجتمعية عمومًا، والأسرية خصوصًا، ونشرًا للوعي الإسلامي الصحيح، وتصحيحًا للمفاهيم، وتيسيرا على المقبلين على الزواج، والقيام بواجب التوعية المجتمعية بهذه القضية المهمة، والقضاء على السلوكيات الخاطئة التي أخذت في الانتشار خلال الآونة الأخيرة من محاولات لتقليد كثير من العادات الغربية السلبية التي لا تتناسب مع قيمنا وتقاليدناخاصة.

 

وأشار إلى أن الأزهر الشريف يبذل كل الجهود الممكنة للمحافظة على المجتمع المصري، وذلك بالبناء القوي للأسرة المصرية، باعتبارها المكون الرئيس للمجتمع، وبقدر تماسكها وترابطها يكون المجتمع قويًا، خاصة في توقيت يعاني فيه المجتمع بعضًا من المشكلات والعقبات.

 

وعلى الرغم من محاولات الأزهر للتوعية والتنبيه بخطورة الأزمة من خلال مبادراته وحملاته وآخرها "أكثرهن بركة"؛ إلا أن البعض انتقد موقفه واعتبره يحاول على استحياء، مؤكدين على أن الأزهر يستطيع مواجهة ظاهرة العنوسة بفاعلية أكبر من ذلك لما له من تأثير كبير في المجتمع.

 

الإفتاء: يجوز للفتاة طلب الزواج

أجابت دار الإفتاء على سؤال: هل يجوز للفتاة أن تطلب يد الشاب؟.. وجاء الرد: على عهد الصحابة والتابعين قديما؛ كانت المرأة هي التي تطلب الرجل، وكان الأمر طبيعيًا، فكانت تطلب منه بطريقة غير مباشرة، وبالقياس على ذلك، فالفتاة التي ترغب في الزواج من شاب أو زميل؛ عليها أن تبدأ بالتلميح أفضل من المصارحة حتى تقيس مدى رضاه عن الأمر لأن العرف هذه الأيام مختلف عن سابقه حيث تظل المرأة هي الشيء المطلوب والمرغوب فيها.