الطريق
الخميس 28 مارس 2024 11:03 صـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

حرية أم جبن؟

بعد أزمة نيوتن المصري اليوم.. لماذ يلجأ الصحفيون للأسماء المستعارة.. ومن يتحمل مسؤولية أخطائهم؟

نيوتن
نيوتن

لم يكن نيوتن أول من يكتب تحت اسم مستعار، لكنه كان الأكثر جدلا لما ناقشه من قضايا، فعلى مر السنين شهدت الصحافة المصرية أسماء مستعارة عدة، مثل "نادية عابد، سيلفانا ماريللي، حندس، والأسة حكمت"، كلها استخدمت من قبل بعض الكتاب لإخفاء هويتهم، لأسباب عدة، فما الدافع وراء ذلك، وهل يفرض على صحيفة المصري اليوم البوح بصاحب شخصية نيوتن؟

نادية عابد وسيلفانا ماريللي

بدأ الأديب أنيس منصور عمله في مجلة "روزا اليوسف" في عام 1952، تحت اسم نسائي مستعار وهو “سيلفانا ماريللي”، وقد حقق نجاحا كبيرا، ما تسبب في ظهور العديد من التوقيعات التي تبين أنها أسماء مستعارة أيضا لأنيس منصور.

و على مدار  17 عاما، ظل الكاتب الصحفي مفيد فوزي يتخفي زراء اسم نادية عابد، ليكتب عن المرأة ومشاعرها ومشاكلها، أثناء عمله في الصفحة الأخيرة من مجلة “صباح الخير”.

حندس والأنسة حكمت

في مؤسسة الأهرام بدأ محمد التابعي، مؤسس مجلة “آخر ساعة” كتابة مقالاته الفنية في عام 1942، تحت توقيع اسم “حندس” المستعار، وتميزت أفكاره بالوضوح وسهولة الأسلوب، كما كتب بتوقيع “الآنسة حكمت”، وبعض المقالات بتوقيع “حندس”، فقد كان يعمل موظفا في البرلمان المصري، وكادت مقالاته السياسية بعد ذلك أن تحدث أزمة سياسية بين الدستوريين والسعديين.

زوجة أحمد وأنور وجدي وليلى مراد

جاء اسم الأديب إحسان عبد القدوس، في قائمة أصحاب الأسماء المستعارة، بعدما كتب عددا كبيرا من المقالات الموجهة للمرأة تحت توقيع “سونة” في بعض الأحيان، و”زوجة أحمد” في أحيان أخرى، وكان يكتب في الأشياء التي لا تستطيع الأقلام النسائية في ذلك الوقت البت فيها، أو حتى تقترب منها، مثل الخيانة الزوجية، وغيرها من المشاكل التي تواجه الزوجة.

كما خصص الكاتب إبراهيم سعدة رئيس تحرير “أخبار اليوم” في التسعينات عمودا في الصفحة الأخيرة، ليكتب فيه وينتقد فيه الكثير من المشاهير، تحت توقيع أنور وجدي، وحمل العامود عنوان “هذا رأيي”، وذلك حتى عام 2005، وردت على ذلك العمود جريدة المستقلة، التي خصصت عمودا مشابها لديها للرد على مقالاته، تحت توقيع “ليلى مراد”.

نيوتن المصري اليوم

والآن، جاء “نيوتن” صاحب العمود الشهير في جريدة  المصري اليوم، وظل الأمر محيرا حول هوية صاحب المقال الحقيقي، خاصة بعد وفاة الكاتب الصحفي عبد الله كمال، والذي قيل إنه صاحب هذه المقالات، لكن ظلت المقالات تكتب حتى بعد وفاته.

لماذا يلجأ الكتاب للأسماء المستعارة

أجاب عن هذا السؤال الكاتب الصحفي والإعلامي مفيد فوزي قائلا: "لطالما استلزم الكتابة الجريئة والعميقة استخدام الأسماء المستعارة، فعندما كتبت باسم نادية عابد أردت توجيه رسائل للنساء في مصر، لكن كان يجب أن أكتب بشخصية قريبة منهم ولم أجد من هو أفضل من نادية، وكان الهدف منها الكتابة بشخصية فتاة واعية مثقفة وتقول رأيها بقوة، وحاولت خلق نموذج مصري لفتاة قوية".

وأضاف مفيد فوزي في تصريحات خاصة لـ"الطريق" أن كل اسم مستعار وراءه هدف، فقد يكون خوف، أو رغبة في الوصول لفئة معينة باختيار شخصية تشبههم، أو دوافع أخرى، وأي كان السبب فقد تعلمنا أن الفكرة تناقش بفكرة".

أما أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ورئيس قسم الصحافة والنشر الدكتور محمود علم الدين، فقال إن الأسماء المستعارة لطالما استخدمت بسبب قيود مفروضة، وفي الغالب هي قيود مجتمعية وسياسية، لكن حالة الانفتاح التي تعيشها الصحافة المصرية، ووسائل التواصل الاجتماعي والنشر الإلكتروني قللت كثيرا من الأسباب التي قد تدعو كاتبا لاستخدام اسم مستعار.

من هو نيوتن

سؤال طرحه عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الصحفيين منهم والمهتمين بالشأن السياسي، ليجيب عليه البعض بأن صاحب شخصية نيوتن هو رجل الأعمال صلاح دياب، لأن أفكار الاسم المستعار تناسب أجندته ا

ومن جانبه، قال الكاتب الصحفي بمؤسسة الأهرام سعد سلطان: إن موضة الكتابة باسم مستعار "بطلت"، فقد كانت جديدة على الصحافة قديما، وذلك لأنها تجذب الناس، ولكن ما ينشره المدعو نيوتن لا ينم إلا عن جبن عن الاعتراف بشخصيته، خوفا من العواقب، لما يخوضه من أحاديث خطيرة، ومن المتوقع أن الكاتب هو رجل الأعمال صلاح دياب، وهو مكلف باقتحام مثل تلك القضايا الشائكة".

وأضاف لـ"الطريق": "هذا ما أضافه رأس المال من رجال الأعمال للصحافة، ما يقوله نيوتن يستدعي التحقيق ورائه، ومعرفة من يكتب ذلك الكلام، وكيف مر مرور الكرام من من يراجعون كل ما كتب، فلطالما عرف المصري اليوم بمواقفة السيئة مع الدولة فيما ينشروه".

اقرأ أيضا: قبل الإعلان عن كشف أثري جديد في سقارة.. حكاية يوم التراث العالمي


من يعاقب ومن يحقق؟

أجاب عن ذلك السؤال المحامي محمد الفقي قائلا: إن قانون تنظيم الصحافة والإعلام ينص على أنه"يحظر على المؤسسة الصحفية والوسيلة الإعلامية والموقع الإلكترونى نشر أو بث أى مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور، أو تدعو إلى مخالفة القانون، أو تخالف الالتزامات الواردة فى ميثاق الشرف المهنى، أو تخالف النظام العام والآداب العامة، أو يحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية أو التعصب.

وأضاف أن من يسئل عند الحكم بالإخلال بالمسؤولية القانونية للصحيفة وفقا للمادة رقم(18): "مع عدم الإخلال بالمسئولية القانونية للصحيفة أو للوسيلة الإعلامية أو للموقع الإلكترونى، يُساءل الصحفى أو الإعلامى تأديبيًّا أمام نقابته إذا أخل بواجباته المنصوص عليــــها فى هذا القانون أو فى ميثاق الشرف المهنى، وفقًا للأحكام المنصوص عليها فى قانون النقابة، وذلك دون الإخلال بحق المؤسسات الصحفية والإعلامية فى تطبيق اللوائح المنظمة للمساءلة التأديبية للعاملين بها"، ما يلزم حضور الصحفي التحقيقات.

وأنه على كل مؤسسة أن تعلم اصحاب الأسماء الاعتبارية في حين توحيه التهم لهم، وفي حين رفضهم الإفصاح عن هويته يخضعون لحكم المادة (58):" تتحمل الوسيلة الإعلامية والمواقع الإلكترونية المسئولية القانونية عن أى خطأ فى ممارسة نشاطها، وكذا عن مخالفة القيم أوالمعايير المهنية التى يضعها المجلس الأعلى"، وذلك إذا تم اعتبار خطأ نيوتن خطأ مهني.