الطريق
الخميس 9 مايو 2024 12:04 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

قصة الطفلة ”أروى” التي ودعت أسرتها لمستشفى العزل وأبكت الجميع

الطفلة أروى
الطفلة أروى

ودعت الطفلة "أروى" أسرتها، لتذهب إلى مستشفى العزل بعد أن تأكد إصابتها بفيروس كورونا.

الطفلة ذات السبع سنوات لم تعِ بعد خطورة مرضها، ولم تفهم لما ستضطر أن تتخلى عنها أسرتها وتتركها في أيدي غرباء يذهبون بها إلى منفى صحي كئيب يسكنه المرضى، خيالها البرئ وأحلامها البسيطة لم تتعد غرفة نومها الصغيرة، لماذا يريد فيروس وبائي أن يجعل هذه الأحلام أنقاضا؟ لا أحد يجيبها، كلما نظرت في عين أمها الباكية شعرت بقبضة تعصر قلبها لم تعتادها من قبل، إذ كيف لهذه الفراشة الرقيقة أن تحمل هما للحياة يوما ما؟

الوجع الذي أصاب قلبها كان مضاعفا عندما لاحظت أن أشقاءها يتعمدون الابتعاد عنها، هل أصبحت كائنا وبائيا ينفر الناس منه؟ ألم شديد يتوغل إلى القلب الأخضر، وبكاء مكتوم من أم ترى ضناها تنتزع منها وهي التي لم تفارق صدرها يوما.

الطفلة بفطرتها البسيطة أصرت على أن تودع أشياءها، دخلت إلى غرفتها، وتفحصت جدرانها لعلها تكون آخر مرة، واحتضنت عروستها، ثم أخرجت شرائطها الملونة وملابسها وحذائها الصغير وكأنها تلقي عليهم نظرة وداع، وبينما هي كذلك اخترق صوت سيارة الإسعاف الصمت المطبق من حولها ليلسع بنعيقه الكئيب مهد طفولتها الغضة البريئة.

الطاقم الطبي المرافق لسيارة الإسعاف الموكل بها نقل الطفلة إلى مستشفى العزل لم يتمالك نفسه من البكاء، ها هي زهرة جديدة يتهددها الفيروس الوبائي بالموت والإقصاء، فيما أطل جيرانها من شرفات منازلهم، وأصر بعضهم على النزول لرؤيتها وهي تغادر منزلها، وقف الجميع يشيعونها إلى مصيرها المجهول في خشوع جليل كجلال سطوة الأقدار التي لا يملك الإنسان منازعتها مهما تجبر وطغى.

أطفال مدرسة وزميلاتها كتبوا على صفحاتهم بموقع "فيسبوك" رثاء مشجعا للطفلة، قالوا إنهم ينتظرون يوم عودتها ليكملوا رسم صورة أحلامهم التي تركت (أروى) فراغا فيها، لم يرض الأطفال بأن يهزمهم المجهول، وعدوا الطفلة بكعكة كبيرة باتوا يصنعونها من الآن، كل طفلة شاركت في كعكة أروى، هذه أحضرت ماء ودقيقا وهذه أحضرت سكرا وزيتا وهذا تولت العجن والخبز وتلك أشعلت النار لتضع ما صنعوه هبة وعزاء لأروى، كل منهن رسمت جزءا بأناملها الصغيرة من صورة المستقبل الذي سينتصر على هذه الوباء، عندما تعود أروى من المستشفى ستجد الكعكة في انتظارها.. فإلى يوم عودتها.