في حوار خاص مع ياسر أبو سيدو..
صائب عريقات.. صندوق أسرار ياسر عرفات الذي كشف أكذوبة هيكل سليمان
رحل عن عالمنا، الدكتور صائب عريقات، أحد أهم رموز السياسة في فلسطين، والذي بذل جهودا لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني التي سلبها الاحتلال الإسرائيلي، وظل يسعى لتحقيق الحلم الذي طالما راوده حتى الممات "بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وكان لـ"الطريق" هذا الحوار مع مسؤول العلاقات الخارجية في حركة فتح ياسر أبو سيدو.
- كيف تمكن الدكتور صائب عريقات من كسب ثقة الرئيس الراحل ياسر عرفات ليجعله أحد أهم المقربين له ومرافقه في العديد من المفاوضات السياسية؟
الدكتور صائب عريقات كان يتميز بشخصية عنيدة فله العديد من المواقف التي تسببت في إثارة غضب الإسرائيليين، خاصة أن جميع مواقفه كانت لخدمة القضية الفلسطينية ومساعي لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني التي يسلبها الاحتلال الإسرائيلي.
- ما الذي أغضب إسرائيل من صائب عريقات في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991؟
عند الرجوع لأهم ما حدث في مؤتمر مدريد للسلام، نتذكر صائب عريقات وهو يضع "الكوفية الفلسطينية" على كتفيه وهو يجلس ضمن الوفد الفلسطيني الأردني، ليؤكد فلسطينيته وأنه ينتمي لهذا البلد، فإسرائيل كانت ترفض إبراز فلسطين بأي صورة من الصور، ومحو الشخصية الفلسطينية لدرجة أنها كانت تقول "الفلسطينيين"، وترفض أن تقول الوفد الفلسطيني، وعريقات كان يعي ذلك جيدًا وكانت الكوفية مجرد رد بسيط منه على حبه لفلسطين، وأنه لن يتخلى أن إظهار انتمائه لوطنه، ويؤكد الحق الفلسطيني في هذا المؤتمر.
- كيف تعاملت إسرائيل مع تصرف عريقات حينما أصر على إظهار "الكوفية" التي ترمز لفلسطين؟
توجه الإرهابي إسحاق شاميل بنظراته لعريقات ووجه حديثه له رافضا ذكر اسمه قائلا: "على السيد أن ينزع الكوفية الفلسطينية لأنها تعبر عن أشياء لا نريدها"، لكن الدكتور صائب رفض نزع الكوفية وظل يرتديها.
- وهل تمثل (الكوفية) هذه الأهمية للقضية الفلسطينية حتى يحرص عريقات على التمسك بها أمام الإسرائيليين؟
بالتأكيد فإذا تذكرنا ما حدث عام 1937 حينما بدأ البريطانيين في اعتقال الثوار الفلسطينيين، غالبيتهم من أبناء القرى جراء ارتدائهم "الحطة" أو الكوفية الفلسطينية، اتفق الشعب الفلسطيني على ارتداءها، كونها رمز خطير من رموز الشعب الفلسطيني.
- هل علق صائب عريقات على المزاعم التاريخية التي ترددها إسرائيل عن حقوقهم في القدس بشأن هيكل سليمان؟
الدكتور صائب كان مُواجها عنيدا للمزاعم الصهيونية التي يتم ترويجها حول الحق التاريخي وما يتردد بأن هذه الأرض هي "أرض الميعاد"، وهذا العناد بالطبع لم يرض إسرائيل، لكنه كان حريصا على تصحيح ما يروجونه من أكاذيب، وهو الدور الذي يقوم به كل الفلسطينيين والعرب لمنع تزييف التاريخ.
- ماذا حدث بين ياسر عرفات وبيل كلينتون في قمة كامب ديفيد عام 2000؟
الدكتور صائب عريقات أوضح في هذا الصدد، أن القمة تناولت الحديث بين الشهيد ياسر عرفات والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وظل أبو عمار يتحدث أكثر من 20 دقيقة عن حقوق الشعب الفلسطيني، ورد كلينتون عليه قائلا: "هذه الخطبة تصلح لمجلس الأمن، لكن على الفلسطينيين أن يقتنعوا بأن لهم ما فوق الأرض ولإسرائيل ما تحت الآرض، "وكان هنا يقصد أكذوبة "هيكل سليمان" التي تروجها إسرائيل، فجاء رد الشهيد ياسر عرفات: "يا سيادة الرئيس هل انت مقتنع بأن هناك هيكلا أسفل قبة الصخرة والمسجد الأقصى؟، فرد كلينتون: "هذا ما أقتنع به دينيا"، فرد أبو عمار: "إذا أنا أدعوكم لشرب القهوة في عزائي".
اقرأ أيضا: خاص.. سياسي فلسطيني عن صائب عريقات: امتلك كاريزما غير عادية.. ووفاته تركت جرحا عميقا
- "الحروب تعددت أسبابها ولكن تبقى المصالح أساس الصراع".. ماذا كان يقصد عريقات بتلك الجملة؟
الدكتور صائب عريقات يؤمن بمدرسة الدبلوماسية الفلسطينية، والفلسطينيون أيضا على قناعة شديد بنفس النهج، وبالتأكيد لا مانع من المفاوضات لاسترداد الحقوق، لكن الحروب دائما تكون ضرورة لمواجه الطغاة.
- هل انتهت الأزمات أمام إسرائيل بوفاة صائب عريقات؟
إسرائيل كانت تكره صائب عريقات لأنه كان مؤيدا للحق، وهم لا يكرهونه هو فقط، فكل مؤيد للحق هم كارهين له، فلدى اليهود مقولة مشهور تصف مشاعرهم وقناعتهم عن الفلسطينيين وهي: "الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت"، وسياسة إسرائيل هي التصدي لكل من يقول الحق إما بالقتل أو السم، المهم هو إيجاد سبيل للتخلص منه.
فحينما فكَر الرئيس الأمريكي جون كنيدي في الحقوق الفلسطينية وحاول التفاهم مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وبدأ في البحث عن كل ما يتعلق بالقنبلة الذرية الإسرائيلية، تعمد الإسرائيليون قتله.
- ما الذي تخطط له السلطة الفلسطينية لملئ الفراغ السياسي الذي تركه صائب عريقات؟
حتى الآن لم يتم تحديد أي مخططات لملئ مكان الدكتور صائب عريقات، لكن الجميع على استعداد أن يقدم حياته فداءً لوطنه (فلسطين)، ونحن بالفعل قدمنا العديد من الشهداء الذين يعدوا رموزا بارزة وغير عادية وجميعهم يعتبرون من قادة فلسطين مثل "صلاح خلف وخليل الوزير وبالتأكيد ياسر عرفات"، وعلى استعداد بتقديم غيرهم - فلا يوجد روح تغلى على فلسطين.
اقرأ أيضا: من هو صائب عريقات الذي توفى بسبب كورونا عن عمر 65 عاما؟
فالدكتور صائب عريقات وجميع من يعملون في العمل السياسي الفلسطيني يعون جيدا نظرية العمل الإسرائيلي التي تعتمد على "اقتل كلما استطعت أن تقتل، وكل من يمثل أمامك عقبة"، ونحن في العمل السياسي ونعي مدرستهم ولا نبالي وسنظل نسعى مهما دفعنا من أرواحنا حتى نحقق الاستقلال والانتصار في النهاية.
