الطريق
الجمعة 29 مارس 2024 12:58 مـ 19 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

تحول مزلزل.. هل تغيرت نظرة الرأي العام الأمريكي إلى الفلسطينيين؟

تزايد دعم الأمريكيين للفلسطينيين خلال السنوات الثلاث الماضية
تزايد دعم الأمريكيين للفلسطينيين خلال السنوات الثلاث الماضية

لم يتضح حجم التغير في المزاج الأمريكي الشعبي حيال القضية الفلسطينية بعد، فقد شهدت العديد من الولايات الأمريكية مظاهرات داعمة للفلسطينيين خلال جولة التصعيد الأخيرة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ويواصل مسؤول ملف المتابعة مع المجتمع المدني الأمريكي في منظمة التحرير الفلسطينية، أسامة القواسمي، اللقاء منذ سنوات برجال الدين وطلبة الجامعات الأمريكية، سعياً لكسب تأييد الرأي العام الأمريكي.

تحركات فلسطينية

يسافر القواسمي منذ سنوات إلى الولايات المتحدة، ويستقبل العشرات من الوفود الأمريكية في فلسطين، سعيا كما يقول إلى «تغيير الصورة النمطية لديهم عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإطلاعهم على أوضاع الفلسطينيين، ونظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل ضدهم».

وأضاف القواسمي في تصريحات لموقع «الطريق»، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة التأثير الأكبر على إسرائيل، ونرغب بالوصول إلى صناع القرار فيها للضغط على إسرائيل لمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.

ويشير المسؤول الفلسطيني إلى أن الأمريكيين ظلوا يحملون مشاعر إيجابية تجاه الإسرائيليين أكثر بكثير من تلك التي يحملونها للفلسطينيين، لكن ذلك بدأ بالتغيير خلال السنوات الثلاث الماضية.

تغير إيجابي

وبحسب استطلاع حديث للرأي أجراه مركز «بيو» للأبحاث في مارس الماضي، فإن الأمريكيين أصبحوا ينظرون إلى الإسرائيليين والفلسطينيين بشكل أكثر إيجابية.

هناك أكثر من 61% من الشبان الأمريكيين ينظرون بإيجابية إلى الفلسطينيين، فيما تبلغ النسبة تجاه الإسرائيليين نحو 56%.

ويأمل الفلسطينيون في تزايد دعم الأمريكيين لهم خلال السنوات المقبلة، ويعولون على انعكاس ذلك على صناع القرار في البيت الأبيض والكونجرس الأمريكي.

تحول جذري

وكشفت الاشتباكات الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مدى تحول الثقل السياسي في الحزب الديمقراطي بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في السنوات الأخيرة.

ويعتبر جون زغبي خبير استطلاعات الرأي، الذي طالما عارض المواقف الأمريكية بشأن الشرق الأوسط، أن هذا التحول «جذري ومزلزل»، ويزيد تعاطف الأجيال الأصغر مع الفلسطينيين، وهذه الهوة العمرية أصبحت واضحة تماما داخل الحزب الديمقراطي.

وفي الوقت الذي يعبر فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن عن وجهات نظر تقليدية، ويؤكد مرارا على «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، يجد أن الأجواء الحزبية المحيطة به تعبر عن قلقها، على أقل تقدير، من ظروف معيشة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وترى أن السياسات الإسرائيلية تزيد من مآسيهم.

تنوع ديمقراطي

ويقول زغبي في تصريحات لموقع «الطريق»، إنه يمكن البدء بالنظر في الكونجرس، كونه المؤسسة الأكثر تمثيلا للمناخ السياسي الأمريكي، لرصد تحول سياسات الحزب الديمقراطي بشأن فلسطين وإسرائيل، غالبا ما كانت تسيطر وجهات النظر المتعاطفة مع إسرائيل على السياسة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بالصراعات الإقليمية، بسبب أصوات الناخبين اليهود (وهي قاعدة كبيرة للحزب الديمقراطي) أو الكنيسة الإنجيلية (وهي قاعدة موازية للحزب الجمهوري).

ويضيف أنه كان لزيادة التنوع في الكونجرس الأمريكي نتائج خطيرة على الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل، وفي عام 2021، بلغت نسبة السود واللاتينيين والآسيويين والأمريكيين الأصليين في غرفتي الكونجرس 23%، وقبل عقدين فقط، كانت هذه النسبة 11%، في حين لم تتعد 1% عام 1945.

ويشير زغبي إلى أن هذا التنوع في الخلفيات أدى إلى تنوع أكبر في وجهات النظر وتفتت للقوى، ويتجلى ذلك في مجموعة عضوات الكونجرس الليبراليات اللاتي يُطلق عليهن اسم «الفريق»، ومن بينهن الفلسطينية الأمريكية رشيدة طليب عن ولاية ميشجان، واللاجئة الصومالية إلهان عمر عن ولاية مينيسوتا.

ويؤكد خبير استطلاعات الرأي أن هناك قاعدة سكانية غير بيضاء، خاصة بين الديمقراطيين، وهم يشعرون بحساسية شديدة تجاه ما تلقاه المجتمعات غير البيضاء الأخرى، هم يرون إسرائيل كمعتدٍ.

وأضاف زغبي أن هذه المجتمعات غير البيضاء لا تعرف شيئا عن تاريخ إسرائيل والمحن السابقة، هم يعرفون ما يجري منذ الانتفاضة، والحروب المختلفة، والقصف غير المتكافئ، والمدنيين الأبرياء الذين قُتلوا.

مناصرة فلسطين

خلال يوليو الماضي، اتخذت ثلاث كنائس أمريكية صغيرة قرارات لمناصرة الفلسطينيين وضد إسرائيل.

ففي حدث غير مسبوق صوت المؤتمر العام للكنيسة (المشيخية) الأمريكية لصالح قرار يصنف إسرائيل «دولة فصل عنصري»، مؤكدة إلى أن قوانينها وسياساتها وممارساتها ضد الشعب الفلسطيني تطابق تعريف القانون الدولي للفصل العنصري.

ويعتبر قرار الكنيسة، التي يبلغ عدد أتباعها نحو مليوني شخص، الأول من نوعه داخل الكنائس البروتستانتية الرئيسة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقرر المؤتمر العام للكنيسة المشيخية أيضا إدراج ذكرى ما سماه «نكبة الشعب الفلسطيني» بين الأيام التي تحييها الكنيسة في تقويمها.

واعتبرت الكنيسة المشيخية أن وصف إسرائيل بدولة الفصل العنصري «يتسق مع مبادئها»، إذ صوتت في خمسينيات القرن الماضي ضد الفصل العنصري في الولايات المتحدة ثم في جنوب أفريقيا.

بعد أيام على القرار أقر مؤتمران إقليميان للكنيسة (الميثودية) الأمريكية يمثلان ثماني ولايات قانونا يعتبر إسرائيل «دولة فصل عنصري».

وأكد قرار الكنيسة أن «الفصل العنصري يتعارض مع رسالة الإنجيل الذي أعلن مقاومة الشر والظلم والقمع بأي شكل».

ودعا القرار البيت الأبيض إلى «ربط التمويل الأمريكي لإسرائيل باستعداد الأخيرة لتفكيك نظام الفصل العنصري وتنفيذ جميع الحقوق المستحقة للفلسطينيين بموجب القانون الدولي».

وحث القرار جميع رجال الدين والعلمانيين (الميثوديين) على الاستماع إلى أصوات الفلسطينيين في ما يتعلق بأوضاعهم من خلال الاجتماع معهم في وطنهم.

ويبلغ عدد أتباع الكنيسة (الميثودية) في الولايات المتحدة نحو ثمانية ملايين عضو.

الحقوق مقابل المساعدات

إضافة إلى قراري الكنيستين (المشيخية) و(الميثودية)، طالب المؤتمر العام للكنيسة الأسقفية الأمريكية بإدانة ووقف تهويد مدينة القدس، وربط المساعدات العسكرية لإسرائيل باحترامها لحقوق الإنسان الفلسطيني، ورفض القوانين التي تعاقب مقاطعي إسرائيل.

ودعا المؤتمر إلى اتخاذ إجراءات لمعارضة القوانين والممارسات الإسرائيلية التي تؤدي إلى «عدم المساواة في الحقوق لشعبين».

كما دعا هيئات الكنيسة إلى «معارضة المساعدة العسكرية لإسرائيل، بما في ذلك بيع أو توفير الأسلحة والتقنيات ذات الصلة مثل معدات المراقبة إلى البلدان التي أظهرت انتهاكات موثقة جيدا ومستمرة وفظيعة لحقوق الإنسان».

ويبلغ عدد أتباع الكنيسة مليونا ونصف المليون أميركي، ولديها نحو سبعة آلاف أبرشية في الولايات المتحدة الأمريكية.

بداية طريق

واعتبر أسامة القواسمي الذي تولى حديثا رئاسة لجنة المغتربين والجاليات في المجلس الوطني الفلسطيني، أن قرارات الكنائس في غاية الأهمية، وتشكل بداية الطريق لكسب الرأي العام بالولايات المتحدة على طريق التأثير في صناع القرار الأمريكي.

وأكد القواسمي أن تلك الكنائس تحظى بالصدقية لدى الأمريكيين، وتتمتع بتأثير مباشر وغير مباشر في الرأي العام بسبب الطبيعة المحافظة للأمريكيين.

وأوضح أن توالي تبني مؤسسات حقوقية ودينية وحزبية أمريكية مواقف وقرارات تعتبر إسرائيل عنصرية يدل على الفهم العميق من جانب المجتمع الأمريكي لحقيقة ما يجري على الأرض، وما يواجهه شعبنا الفلسطيني من ظلم واضطهاد وحرمان.

اقرأ أيضا: وزير الخارجية الأمريكي يرحب بالهدنة في غزة

موضوعات متعلقة