الطريق
الخميس 18 أبريل 2024 08:04 مـ 9 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
محافظ أسوان يوجه بتلافي كافة السلبيات بمشروع تطوير قاعة عروس النيل قبل افتتاحها ”التكافل في المجتمع” ضمن فعاليات توعوية لقصور الثقافة بالغربية ببصمة محمد شريف.. التعادل يحسم مواجهة التعاون والخليج بالدوري السعودي منها بكالوريوس وماجستير.. موقع يروج لبيع الشهادات الجامعية المعتمدة الأهلي يرسل خطابًا لـ ”كاف” قبل موقعة مازيمبي الكونغولي سيرة ابن عروس في أولى ليالي ”حكايات النيل” لفرقة مغاغة المسرحية بيراميدز يعلن برنامج تعليمي للمدربين بالتعاون مع بنفيكا عبر بعض المواقع.. هيئة السكك الحديدية تعلن وقف حجز تذاكرها محمد إسماعيل: قرار رئيس الوزراء بالإفراج عن المستلزمات الطبية بالمواني يخفف معاناة المواطنين رئيس غرفة بور سعيد: الموازنة العامة للدولة أظهرت تماسكا في مواجهة التحديات الاقتصادية استعدادا لموقعة دريمز.. نجم الزمالك ينتظم في مران الفريق أوراق السيدة شربات أمام فضيلة المفتي بعد قتلها لطفل في مغاغة بالمنيا

اللعبة .. لعبة وقلبت ضحك

طارق سعد
طارق سعد

عانينا كثيراً في السنوات الأخيرة من التدليس الكوميدي وتسويق أعمال للجمهور تحت شعار الكوميديا، وهي في الحقيقة قتل مع سبق الإصرار والترصد للكوميديا رغم الضجة الكبيرة التي تحيطها، وهو ما أوصل بنا الحال لليأس من ظهور عمل كوميدي بمواصفات الكوميديا، ككوميديا تجلب الضحك دون افتراء على المُشاهد ولا على توصيف الكوميديا نفسه بالغش والزور والإدعاء.

وسط حالة الضباب والإحباط ووسط صخب لأعمال تنتسب للفئة الكوميدية، وفي الحقيقة هي إهانة لها، تتسلل في هدوء فكرة بسيطة دون "فزلكة" ولا لي ذراعها .. لعبة تجتذب صديقان ليدخلا في تحد على المكسب فتتحكم في مصيرهما "اللعبة" بكل من يحيط بهما وتخلق مفارقات غير متوقعة.

"لعبة وقلبت ضحك"، وليس أي ضحك ولكنه كما يقال "ضحك للركب" .. ضحك يخرج من القلب متواصل بكل قوة دون توقف ولا هدنة .. ضحك اشتقنا له منذ سنوات طويلة وقعنا فيها فريسة لمحاولات إضحاك عنوة حولت الكوميديا لـ "مسخ" ليس له ملامح لتأتي "اللعبة" لتنتشلها وتعيد رسم ملامح الكوميديا من جديد بمنتهى السهولة في منتهى الصعوبة كسهل ممتنع لتلتف حول حلقاتها جماهير غفيرة في حالة نادرة من الإجماع الكامل على جودة العمل.

حالة الضحك الهستيري التي جلبتها "اللعبة" بجزأيها للجمهور لم تكن وليدة الصدفة ولا ضربة حظ فمعظم الأعمال التي نصنع منها أجزاء تقع أجزائها ولا يتبقى منها إلا ضربة الجزء الأول لتأتي "اللعبة" وتحطم هذه القاعدة وتؤكد أن هناك بُعداً آخر لا نذهب إليه بسبب الاستسهال ولكن ضحك "اللعبة" صمد وامتد للجزأين بنفس القوة والكفاءة لأنه بني الضحك على أعمدة صلبة بعيداً عن هشاشة الاستظراف.

أهم أعمدة ضحك "اللعبة" هو النية .. هناك نية مبيتة منذ البداية لصناعة عمل مختلف بدأ بالفكرة التي يلزمها طريقة إضحاك غير تقليدية يلزمها أيضاً أبطالاً لا تمت للتقليدية بأية صلة حتى يتلقى المشاهد صدمات كوميدية تنفضه من مقعده ولأن حجة كل الأعمال دائماً هي "الورق" فكان الاهتمام به في صناعة "اللعبة" في كل التفاصيل دون ثغرات ليخرج "ورق" قوي متماسك قادر على الصمود والاستمرارية فكان عنصر القوة الرئيسي هو الاهتمام بتنقيح الكوميديا وتصدير ضحك نظيف بلا شوائب خالي من البذاءات والإيحاءات والابتذال لتسول الضحك كما سيطر على الكوميديا منذ سنوات ليست بالقليلة وامتد لنجوم كبار وهو ما ركلته "اللعبة" بقوة كتحدٍ أول قبل البداية وقدمت ضحكاً صافياً مبني على المواقف التي تصنع الـ "إيفيه" فيبقى الموقف نفسه هو الـ "إيفيه" الذي يثبت في الذاكرة في كوميديا مناسبة لكل أفراد الأسرة وكل الأعمار والفئات تشاهدها عشرات المرات وتتعالى ضحكاتك معها بنفس القوة بتوقيع مجموعة من الشباب (أحمد سعد والي – إبراهيم صابر – محمد صلاح خطاب) احترموا الكوميديا وجمهورها وهو ما يحسب لجهة الإنتاج التي قررت "مكسب حلال".

من الأعمدة الرئيسية لأي عمل هو الإخراج الذي تفوق فيه "معتز التوني" على نفسه فبالرغم من خوضه مغامرات كوميدية متعددة ومحاولاته دائماً لصناعة ضحك مختلف إلا أن "اللعبة" هي العلامة الفارقة في تاريخ "التوني" المهني على مستوى الإخراج والتمثيل.

نجح "التوني" في إعادة الضحك لأصله وقدم وصلات كوميدية بأسلوب رشيق وجديد بجانب صورة مبهرة حتى وإن كانت خالية من الأبطال فهي قادرة على منحك البهجة مجردة دون تفاصيل وهو ما نجح فيه "التوني" بكل خبراته التي جعلته يتحكم في إيقاع الحلقات على مستوى الأداء والمونتاج لموسمين كاملين دون مطبات لتمر مدة الحلقة التي تتجاوز النصف ساعة كدقائق معدودة ولا تكفيك مشاهدة حلقة واحدة فترغب في المزيد دون توقف وهو ما يجعل القادم للمخرج "معتز التوني" مأزق صعب لأنه هو من وضع لنفسه "ليفيل الوحش" عنواناً لـ "اللعبة2" وأيضاً لخطواته القادمة ليدخل "التوني" صاحب اللعبة في تحدٍ مباشر مع لعبته.

"شيكو" و"هشام ماجد" دون ترتيب طرفا "اللعبة" .. كوميديا ذات حدين استطاعا تكوين ثنائي مبهر على مدار موسمين قادا به فريق "اللعبة" كاملاً تنطلق الضحكات بمجرد ظهور أي منهما وتنفجر باجتماعهما ليحققا معادلة صعبة ويعيدا للأذهان أسطورة الثنائي "لوريل وهاردي".

"شيكو – وسيم أو ويسو" اكتشاف كوميدي خطير مسكوت عنه لسنوات طويلة ربما كان هو نفسه أحد أسباب هذا السكوت لارتباطه الدائم بتقديم أفكار مع فريقه "هشام ماجد" ومعهم قبل الانفصال "أحمد فهمي" فحصر "شيكو" نفسه ولم يتواجد على الساحة بكثافة وهي التي تحتاجه بشدة فـ "شيكو" يمتلك قدرات كوميدية غير عادية بدءاً من تكوينه الجسماني مروراً بأسلوبه في إلقاء الحوار بكل سلاسة قاتلة وقدرته الهائلة على التعبير بوجهه إضافة إلى تعبيراته الجسدية المعبرة والتي أصبح جزء منها "لزمة" يتميز بها "شيكو" وهو القادر على الإضحاك بمنتهى السهولة حتى في أحلك المواقف الدرامية لتصنع له كل مقوماته مساحة فنية خاصة به لا ينافسه فيها أحد فـ "شيكو" امتداد طبيعي لنجم الكوميديا الراحل "علاء ولي الدين" الذي لم يستطع أحد الاقتراب من منطقته الشاغرة منذ سنوات طويلة حتى جاء "شيكو" واقتحمها ورفع رايته.

أصبح "شيكو" بعد سيطرة "وسيم الصريطي - ويسو" على ضحكات الجماهير الغفيرة المتابعة له يحمل مسئولية التواجد باستمرار فهو نجم صاحب قماشة خاصة يستطيع أن يضبط ميزان الكوميديا بعد اختلاله لما تخطى العشر سنوات فوجوده الذي سيساهم في الحفاظ على الكوميديا الصافية سيخدمها من الجهة الأخرى بتنقيحها من مدعيي الإضحاك بعد أن كشفهم وجعلهم "ملط" كما يصف "بسيوني" دائماً في المسلسل والمؤكد أن "شيكو" يحتاج وقفة مع نفسه لمراجعة خارطة مستقبله الفني.

"هشام ماجد – مظهر – ماظو" يظهر في أعلى حالاته ويقدم مع "شيكو" واحداً من أقوى الثنائيات الفنية الحديثة فـ "هشام" يستطيع إضحاكك بلا أي مجهود بكوميديا يقدمها لك بأسلوب مختلف فلن تتوقع متى سيُضحكك وبأية طريقة فبـ "تغفيلة" سريعة تجد نفسك تضحك بشدة من كلمة صغيرة ألقاها بعد أن أخذك "على خوانة".

"هشام" استطاع أن يقدم بـ "ماظو" السهل الممتنع بمنتهى الرقي دون ابتذال ولا محاولات ركيكة للإضحاك وبذكاء فلم ينسحب لمحاولة منافسة "شيكو" أو "التعلية" عليه بل تكتشف بالتركيز في مشاهد عديدة أن الضحك القادم من "شيكو" أصله من "فرشة" كبيرة قدمها "هشام" والعكس صحيح وهو أحد أهم أسباب انفراد "اللعبة" بنجاح ساحق خارج النافسة.

"ميرنا جميل – إسراء – إيسو" صاروخ تمثيلي استهلك كثير من وقوده في محاولات إثبات قدراته لسنوات عديدة .. محاولات "ميرنا" منذ بدايتها كمذيعة مسابقات ثم مذيعة لبرامج منوعة وتخرجها من ورشة العبقري "خالد جلال" وهي ملفتة للأنظار ولكن دون مكتشف حقيقي يخرج منها قدراتها خاصة أنها تتميز بطلة فائقة الجمال وخفة ظل طبيعية غير مصطنعة لتظهر بمجموعة مشاهد في مسلسل "الحصان الأسود" بطولة "أحمد السقا وصبري فواز" وتقدم شخصية "وردة" التي أعلنت عن ميلاد نجمة قادمة بقوة لتأتي مشاركتها في برنامج " SNL بالعربي" ورغم كل التحفظات على محتواه الخارج إلا أن "ميرنا" هي أحد أهم اكتشافاته الكوميدية.

"إسراء – إيسو" في مسلسل "اللعبة شهادة ميلاد حقيقية لنجمة واعدة تملك إمكانيات هائلة تحتاج فقط لتوظيفها بشكل محترف قادر على إخراجها في أفضل صورة فالثنائي الموازي الذي قدمته مع "شيكو" عبقري ومبتكر يجعلك تنتظر ظهور "ويسو وإيسو" لتسبقهما ضحكاتك قبل أن يقدما مشهدهما فالحقيقة أن "ميرنا جميل" هي من أهم مكاسب المسلسل ومواصفاتها تحتاجها الساحة بشدة.

"محمد ثروت – جميل" يعيد تقديم نفسه بشكل أكثر نضوجاً فنياً وامتلاكاً لأدواته فـ "اللعبة" جعلت من "ثروت" وجهاً جديداً ممتلئ نشاطاً وحيوية حاضر الذهن يثبت قدميه بكل قوة وهي المرة الأولى تقريباً في مشواره التي يصيب فيها الهدف بكل "إيفيهاته" دون أعيرة طائشة وعلى مدار موسمين كاملين بعدد 60 حلقة في نفس الإطار وهو الأصعب على الإطلاق خاصة أن "ثروت" ينتمي للمنطقة الفنية القابع بها "حجاج عبد العظيم" لسنوات طويلة ويلزمها أن يظل ماكينة "إيفيهات" متواصلة دون توقف وهو الأمر الأصعب والأخطر ولكن "ثروت" امتلك شفرته كاملة أخيراً واستطاع تكوين ثنائي ثالث موازٍ مع "شيكو" مفجراً للضحك صنع حالة كوميدية بنفس أدائهما "جامدة قوي .. قوي .. قووووي".

"مي كساب - شيماء" تعود بعد غربة طويلة منذ تقديمها لـ "تامر وشوقية" في شخصية ليست بعيدة كثيراً عن "شوقية" ولكنها تحديث جديد تصول وتجول به بمنتهى المهارة وهو "كراكتار" تجيده "مي" تماماً صنعت به حالة مختلفة بعيداً عن أبطال المسلسل.

"شويكار وبسيوني" ثنائى مميز داخل "اللعبة" قدمه ببراعة القديران "عارفة عبد الرسول" و"سامي مغاوري" انتزعا به الضحكات من القلب بكل براءة وسلاسة فالقديرة "عارفة عبد الرسول" مبهرة في كل طلة لها تجدها وكأنها وجه جديد ففي فترة زمنية قصيرة صعدت فيها للصفوف الأولى حققت نجاحاً قياسياً ونادراً تعيد به إلى الأذهان أسطورة الراحل "حسن عابدين" الذي استطاع أن يصنع نجوميته ونجاحه ومشواراً فنياً كبيراً في سن متقدم لتعود السيدة "عارفة" وتحقق المعادلة الصعبة من جديد بكل اقتدار.

أما القدير "سامي مغاوري" فقد أصبح "فلتة" فنية بعد أن تمرد على الأدوار التقليدية التي تناسب شخصيته لسنوات طويلة وانتبه للجانب خفيف الظل فيها لينتقل إلى منطقة فنية جديدة منذ سنوات حقق فيها نجاحات كثيرة وثبت أقدامه بها خاصة أنه يملك قبولاً كبيراً يمهد له الطريق لكل ما يقدمه بخفة ظله فبالرغم من أنه في مسلسل "اللعبة" ليس هو صانع الـ "إيفيه" أو ملقيه إلا أنك لا تتمالك نفسك من الضحك بمجرد طلته في أي مشهد لتجد نفسك تلقائياً تلقبه بوصف "وسيم" له "بسيوني الملط" وتسبق في الرد عليه عند فشله بلسان "وسيم" .... "إنت ملط يا بسيوني .. فاهم يعني إيه ملط" وهو النجاح الذي يحسب له بتلقائيته وخبراته الطويلة.

"أحمد فتحي - سعدون" حالة كوميدية محببة فأنت تشعر به من الداخل وتدفعك براءته للضحك دون تفكير رغم أنه يقدم "كراكتار" ثابت تقريباً إلا أنه أصبح "قالب أحمد فتحي" الخاص ولا تنزعج منه بل تتقبله بكل عفوية مثل "اسماعيل يس" ويحجز مكانه بين الضحكات بأسلوبه بكل براءة.

"حسن وائل - كريم ابن ماظو" رغم حداثة سنه إلا أنه يملك حضوراً كبيراً وتلقائية تجعل أداءه طبيعياً خارج إطار التمثيل ما ينبئ بمستقبل كبير وأنك أمام موهبة واعدة خاصة أنه يجيد بتعبيرات الوجه والنظرات وهو ما ظهر لافتاً بمشهد واحد في مسلسل "الوصية" عندما ظهر كابن "زهزه" مساعد "مرتضى النويري" ثم ظهور مميز في مسلسل "النهاية" أمام "يوسف الشريف" ليظهر بعدها في "اللعبة" لموسمين بمنتهى الثبات والقوة وكأنه اكتسب خبرة لسنوات وهو ما سيساعده مستقبلاً في قفزات سريعة وواسعة في حال اهتم بزيادة التعلم والتطوير وامتلك الطموح واثقاُ في موهبته.

"ياسر الطوبجي – د.أيمن" متميز كعادته يقدم الشخصية بطريقته الخاصة ببصمة "الطوبجي" منذ ظهوره وهو احد نجوم مسرح العبقري "خالد جلال" والذي استطاع الصمود واستكمال مشواره رغم أنه مازال يملك في جعبته الكثير إلا أن مازال يحتاج عي مخرج مختلفة تنسج من قدراته التي لم يراها الجمهور حتى الآن فـ "ياسر الطوبجي" واحد من الحالات الخاصة جداً في منطقة الكوميديا البسيطة التلقائية ويتسلل بها إلى القلب سريعاً وبسلاسة.

طلة "بيومي فؤاد" كالعادة لها مذاق خاص بإضافتها للوجبة الدرامية و "أوتاكا" استطاع أن يفرض نفسه بقوة بأداء سلس وله بصمة.

أما "رانيا يوسف" بحضورها المميز أثبتت أنها لو استبدلت تركيزها في فتحات فساتينها بالتركيز في عملها لأصبحت في منطقة بعيدة وآمنة.

"اللعبة" ليس مجرد مسلسل كوميدي ولكنه هدية لكل من يريد غسل روحه بالضحك وننتظر منه سلسلة طويلة من الأجزاء بنفس الكفاءة.

"اللعبة .. لعبة وقلبت ضحك .. ضحك قوي .. قوي .. قووووي" بصوت "وسيم وجميل".