الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 02:35 مـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

«سر اختفاء القهوة».. هل يصبح فنجان السحر مشروب الأغنياء؟

بُن عالي الجودة
بُن عالي الجودة

تكادُ أن تملأ أنفك كل صباح رائحة البُن المغلي المُتسربة من غلايات المنازل أو رمالات المقاهي، إنها أول نُزه الصباح الباكر وعشيقة الليل التي تُرخي عليك ستارًا يفصلك عن يومك، إنها جائزتك الكُبرى بعد كل انتصار، وضمادة الجُرح بعد كل هزيمة، تلك هى القهوة لعشاقها دون أدنى مُبالغةٍ أو تهويل.

من يضبط مزاج العالم؟

منذ ألف عامٍ أو يزيد كانت القهوة، يُروى أن بدويًا من العرب رعى غنمه في أرض الحبشة، اكتشفها مُنبهًا ومُنشطًا لماشيته، ثم استخدمها لنفسهِ، فغلاها واحتسى كوبه الأول منها وبعدها جر العالم خلفه ألف عام.

هناك فى البرازيل، حيث كل شئ يُصنع بمزاج – "الكرة، البُن، المانجو" - يخرج ما يقارب ثُلث الإنتاج العالمي من محصول البُن حسب موقع (Atlasbig)، وهي كذلك أكبر مُصدر للبن فى العالم، وتأتي القائمة التي أعدها موقع (Insider monkey)، فيتنام وتأتي إحصائيًا في المركز الثاني كأكبر مُصدر للبن فى العالم، تليها كولومبيا ثم إندونيسيا وخامسهم إثيوبيا "المهد الأول".

تأثير القهوة اقتصاديًا

القهوة ليست مجرد مشروبا عابراعلى أحد المقاهى، فالبُن أكبر سلعة متداولة فى العالم بعد النفط الخام، وحجم تجارته العالمية تخطت الـ 47 مليار دولار العام 2021 بحسب بلومبرج، بحجم عمالة قاربت 150 مليون عامل حول العالم في تلك الصناعة الضخمة، كما أن هناك سلاسل تجارية تُفتتح في العالم كل يوم تعتمد بشكل كامل على القهوة كمشروب رئيسي، دولة كإثيوبيا ثُلث صادراتها الزراعية من البن، فتخيل حجم تلك الصناعة وتأثيرها على معدلات التجارة العالمية .

خطر يهدد محصول البُن

استفاقت سريلانكا أواخر القرن قبل الماضي، على كارثة تُهدد صناعة البُن بالكامل، حيث أكل فطر "هيمليا فاستريكس" جُل محصولها من البن، ومع تأخر وسائل العلم حينها لم تستطع سريلانكا السيطرة على الفطر ومجابهته، فأفقدها خلال عشرين عامًا تلك الزراعة بشكل شبه كامل، فلا تكاد تُذكر الأن كزارع للبُن، الأمر نفسه تواجهه البرازيل منذ منتصف القرن الماضي، ولكن العلم تطور ليواجه ذات الفطر "هيمليا فاستريكس"، ويرد له صاعه القديم صاعين، ولكن هذه المرة على ملعب البرازيل.

تتآكل الأراضي الزراعية وتنحسر ويغزوها التصحر، وتبرُد مناطق دافئة وتشتعل مناطق باردة بفعل الإحتباس الحراري المتزايد كل ذلك بأيدي البشر، في إثيوبيا ترتفع الحرارة على ارتفاعها، فيُحرق جزء من محصول البن كل عام، ولا يتحمل الحرارة، في البرازيل تنخفض الحرارة عن المطلوب لزراعة البُن فيجمد دون نمو.

في الآونة الأخيرة، زادت أسعار البُن عالي الجودة بشكل متضاغف بسبب انخفاض الإنتاج، ما ينذر بارتفاع عالمي في أسعارمحصول البُن بشكل عام، وبالتالي مشروب القهوة المُقدم للجمهور، وهو ما حصل بالفعل في الأماكن التي تقدم أنواع مخصوصة من البن الفاخر لزبائنها.

فهل تصبح القهوة مشروب الأثرياء في القريب؟، ونكتفي نحن بشم رائحة الجمال من بعيد، وضحت لنا القهوة مغزى اتفاقيات المناخ التي يسعى العالم لإبرامها ومدى أهميتها لبقاء البشرية، وبقاء القهوة كذلك، فهل سنبقى نردد سويًا "فاضي شوية نشرب قهوة في حتة بعيدة"؟