الطريق
الثلاثاء 7 مايو 2024 06:29 مـ 28 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

خبير في الشؤون الإيرانية لـ «الطريق»: هذا ما تريده طهران من المفاوضات الأمريكية

الرئيس الأمريكي جو بايدن وروحاني
الرئيس الأمريكي جو بايدن وروحاني

سيطرت حالة من اليأس على المفاوضات النووية الأمريكية الإيرانية، حيث أصبحت هذه المفاوضات بطيئة ولم تساهم في حل القضايا الأساسية حتى الآن، وجاءت هذه النتيجة مفاجئة على عكس بداية هذه المفاوضات التي أحرزت تقدم كبير في الجولة الثامنة، ويبقي السؤال ما الخطوات التي ستتخذها الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة بايدان للوصول لاتفاق حول برنامج إيران النووي يرضي جميع الأطراف؟

الدكتور أحمد أبوالعزم الخبير في الشؤون الإيرانية كشف لـ«الطريق» آخر تطورات المفاوضات الأمريكية الإيرانية، وتحدث عن خطوات الولايات المتحدة الأمريكية القادمة للوصول لاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، بالإضافة إلى معرفة أسباب الاعتداء الإيراني على القواعد الأمريكية في بغداد وسوريا؟

وإلى نص الحوار...

ماذا تريد إيران من المفاوضات النووية في فيينا؟

ما تريده إيران من المفاوضات النووية في فيينا، هو رفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها والخروج بالاقتصاد الإيراني من عنق الزجاجة في ظل التدهور الاقتصادي المتنامي، وزيادة نسبة التضخم غير المسبوقة وارتفاع معدلات البطالة وزيادة أعداد من يعيشون تحت خط الفقر فضلا عن السخط الشعبي، الذي هو في مجملة نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي وسوء الإدارة.

لدى إيران أيضًا الرغبة في العودة إلى الاتفاق النووي للاستفادة من عودة إيران مرة أخرى إلى الأسواق النفطية وتصديره بصورة طبيعية والحصول على عائدات البيع في دعم الاقتصاد.

وهل طهران في موقف قوة حتى تُملي شروطها بهذا الشكل على الولايات المتحدة؟

تعمل إيران على العودة إلى الاتفاق النووي وفي رأيي أنها جادة في هذه العودة لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تبحث عن تحقيق أقصى حد من المكاسب في حال العودة إلى الاتفاق النووي "برجام" وإيجاد الضمانات الكافية لعدم خروج أمريكا بصورة أحادية الجانب مرة أخرى من الاتفاق وذلك بعد أن عانت لسنوات من سياسة الضغط القصوى التي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ضدها.

ما أبرز الخيارات المطروحة أمام إدارة بايدن للتعامل مع التعنت الإيراني؟

لدى إيران رغبة في عدم التطرق إلى ملفات تعتبرها خطوط حمراء بالنسبة لها مثل قضية الصواريخ الإيرانية ودعم المليشيات الداعمة لها في بعض دول الجوار.

وما أوراق الضغط الإيرانية التي تستغلها ضد الولايات المتحدة؟

في الواقع أثبتت طهران أنها قوة إقليمية لا يمكن إغفال نفوذها وتأثيرها في دول الجوار، وأن لها دور محوري في الأحداث في العراق وسوريا واليمن ولبنان، كذلك ساعدها موقعها الإستراتيجي وقدراتها العسكرية واستعراضها القوة من خلال المناورات التي تقوم بها سواء من الجيش أو الحرس الثوري في منطقة الخليج، فضلا عن برنامجها الصاروخي الذي بات يؤرق دول الجوار والغرب وتحكمها في مضيق هرمز كأحد أهم ممرات مصادر الطاقة إلى أوروبا، والذي كثيرًا ما هددت إيران بإغلاقه، كل هذا يزيد من ثقل إيران في المنطقة ومع ذلك لا يمكن مقارنة إيران عسكريًا مع الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن يمكننا القول أنها تستطيع تهديد بعض المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وتهديد للحليف الاستراتيجي لأمريكا أي الكيان الصهيوني الذي برغم الدعاية الإعلامية والسياسية التي يبدي فيها اعتراضه على عودة أمريكا الى الاتفاق النووي، إلا أنه يتمني العودة إلى هذا الاتفاق وأخذ الضمانات الكافية لعدم إمكانية امتلاك إيران للسلاح النووي، وأعتقد أن قبول المفاوضات من الجانبين هو في حد ذاته دليل على أنها ليست لكي يملي طرف شروطه على الطرف الآخر بقدر ما هي محاولة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب.

إلى متى سيظل العراق مسرحًا للتنافس والصراع الأميركي الإيراني؟

منذ عام 2003، والعراق ما يزال مسرحًا للتنافس والصراع الأميركي الإيراني، حيث استغلت إيران الفراغ السياسي والأمني الذي خلفته الولايات المتحدة الأمريكية بعد رحيل الرئيس صدام حسين، وخلو الساحة أمامها في ظل غياب العالم العربي باقتدار، وشغلت هذا الفراغ وتحكمت في تفاصيل القرار والمشهد السياسي العراقي، و في الوقت الراهن وبعد صعود قوى جديدة في المشهد العراقي، ولا سيما الحشد الشعبي والمجموعات المسلحة الشيعية الموالية لإيران، يتأجج هذا الصراع بين الحين والآخر من خلال الهجمات على القواعد العسكرية والمصالح الأميركية في العراق بالطائرات المسيرة والصواريخ.

وسيبقى تاريخ 3 يناير 2020 نقطة فاصلة في الصراع الأمريكي الإيراني، وسيكون مطلع شهر يناير من كل عام فترة للقلق والتوتر من الجانب الأمريكي، مع إحياء ذكرى استهداف قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي قتل برفقة أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في غارة جوية أمريكية استهدفتهما على طريق مطار بغداد وبأمر مباشر من الرئيس الأمركي السابق دونالد ترمب.

ما دلالات الهجوم على قاعدة فيكتوريا وعين الأسد؟

هذا العام أيضا لم يكن مستبعدًا مع ذكرى مقتل سليماني والمهندس، أن تكون هناك بعض العمليات النوعية من جانب المليشيات الموالية لإيران في العراق ضد القوات الأمريكية المتواجدة في بعض القواعد العسكرية العراقية، ولم يكن الهجوم الصاروخي على قاعدة فيكتوريا بالقرب من مطار بغداد للمرة الثانية خلال أسبوع بعد إحباط هجوم بطائرتين مسيرتين خلال الأيام الماضية.

وكذلك إسقاط الدفاعات الجوية العراقية طائرتين مسيرتين ملغومتين لدى اقترابهما من قاعدة عين الأسد، التي تستضيف أيضا قوات أميركية وتقع غربي بغداد، بمعزل عن هذا الحدث، وتجد إيران والمليشيات الموالية لها أن هذه الهجمات وإن كانت ليست ذات نتائج مدوية إلا أنها تعد استعراض للقوة وفيها كسر للهيبة الأمريكية.

الهيمنة الإيرانية على بعض الفصائل الشيعية وتأثيرها السلبي؟

إيران دولة إقليمية مهمة، لكن للأسف تحولها إلى قوة مهيمنة في العراق له تبعات سلبية في التأثير على المشهد السياسي العراقي، حيث تدعم طهران بعض الفصائل الشيعية وتستغل الصراع والتوتر السياسي لصالحها، وأحيانًا تستفيد إيران من تلك الفصائل في تحريك الماء الراكد وتوظيف تحركات هذه الفصائل في قضايا لا تخص سوى الجمهورية الإيرانية وبخاصة "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية"، التي تضم عددًا من المجموعات المسلحة الشيعية الموالية لإيران، مثل "عصائب اهل الحق" و"كتائب حزب الله" و"النجباء" و"كتائب سيد الشهداء".

وتستخدم الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية الصنع لشن هجمات على الأميركيين، كأداة لإثبات الوجود على الساحة وحجز مكانة ورصيد لها على المستوى الشعبي، وإبراز دورها في خروج القوات الأمريكية من العراق أو إثنائهم عن التلكوء في الانسحاب، وخاصة بعد أن أعلنت الحكومة العراقية انسحاب آخر جندي من البلاد، بحلول نهاية عام 2021، وفق الاتفاق الذي أبرم بين الطرفين.

اقرأ أيضا: أمين تحالف عشائر العراق لـ« الطريق»: أمريكا لا تفكر في الانسحاب.. والحكومة غير قادرة على اتخاذ قرار

وإنني على يقين بأن تغيير الأشخاص لا يعني تغيير الإستراتيجيات حينما تكون ثوابت، لقد تعلمت إيران فرض سياسة الأمر الواقع في كثير من الملفات ومنها ما يخص سوريا والعراق ولبنان واليمن، والحقيقة أن إيران لديها القدرة على إدارة التحديات في بعض الملفات وتحويلها إلى فرص تصب في مصلحتها سواء السياسية والاقتصادية أو الأيديولوجية وبخاصة في ما يتعلق بالمليشيات والفصائل الموالية في الأربع دول سالفة الذكر كما أن طهران بارعة في سياسة النفس الطويل، فضلًا عن حشد حلفائها.

اقرأ أيضًا| ما أسباب الاعتداءات الإيرانية على القواعد العسكرية الأمريكية؟.. خبراء يجيبون

نتمني للعراق الشقيق أن تتوحد فيه القوى السياسية خلف المصالح الوطنية بما يخدم الشعب العراقي بكل طوائفه وأعراقه بعيدًا عن الصراعات والتوتر وألا تظل العراق ساحة لحرب بالوكالة لا ناقة لها فيها ولا جمل.