وسيم السيسي لـ«الطريق»: فيلم «عروس النيل» كذبة كبيرة.. والزئبق الأحمر يستخرج من حنجرة المومياوات
• لعنة الفراعنة مجرد مصادفات لا يوجد دليل على وجودها
• النقوش المرسومة على جدران الهرم تدل على اهتمام القدماء بالأطفال
• أطالب بدراسة مادة اللغة الهيروغليفية لطلاب الابتدائي والإعدادي
• الصدفة البحتة وراء تحولي من طبيب بشري لعالم بصريات متخصص في الحضارة الفرعونية
• الدراما المصرية عجزت عن تجسيد حياة المصريين القدماء
كشف الدكتور وسيم السيسي، عالم المصريات الشهير، عن الكثير من الأسرار الخاصة بالحضارة الفرعونية القديمة، خصوصا ما يتعلق باللغة المصرية القديمة و لعنة الفراعنة، وكيف حرص المصريون القدماء على تربية الأبناء، وكيف استطاعوا الرسم والنقش على الأحجار والمعادن.
وقدم العالم المصري وسيم السيسي، في حواره مع «الطريق»، روشتة لكيفية الاستفادة من الآثار المصرية في الدعاية بالخارج، وتقديم الأعمال الدرامية التي تتحدث عن الفراعنة.. إلى نص الحوار:
لماذا اتجهت نحو «علم المصريات»، ومتى بدأ اهتمامك بهذه الحضارة رغم أنك طبيب بشري مرموق؟
أؤمن دائمًا بأن حياة الإنسان مجموعة من المصادفات، فقد كنت أعمل في البرلمان الإنجليزي وتقابلت مع عدد من الجنسيات المختلفة، وفي إحدى زياراتي لمجلس العموم البريطاني تقابلت مع شخص إنجليزي صدفة يتحدث عن تاريخ مصر، وقاطعه رجل أفريقي فوجدت أن معلوماتي عن حضارة بلدي قليلة جدًا، ومن ثم بدأت بالقراءة والبحث من باب الاطلاع، وبعد عودتي إلى مصر قمت بإجراء عملية شهيرة لكوني طبيب أمراض تناسلية ووقتها كان المريض يبىتلع 15 شيئًا حادًا ببطنه، وبدأت أشتهر وقتها، وبدأت الكتابة في بريد القراء وجمعت معلومات عديدة عن تاريخ مصر، وتم تثبيت مقال لي باسم «مصر التي لا تعرفونها» فاكتشفت أن كل العلوم أصلها مصر، وقابلت مفيد فوزي ومحمد عبدالمنعم رئيس تحرير روزاليوسف، وقام بتثبيت مقال لي باسم «الحضارة الفرعونية»، وزرت بعدها المتحف المصري وكتبت كتابًا عن الحضارة المصرية ، وبدأت من هنا.
اقرأ أيضا: وزارة الآثار تنتهي من مشروع إنقاذ «مشهد آل طباطبا»
كيف استفدت كعالم مصريات من دراستك وعملك كطبيب؟
توصلت من خلال البحث والتحري إلى أن الحضارة المصرية ذكر بها كل ما يخص الطب في جميع المجالات وخاصة الطب، واللغة المصرية القديمة والهيروغلوفية والنقش على الجدران كلها تهتم بالدواء والطب، فالرسوم والنقوش بها دلالات عديدة للعلوم ووجدتها في الكتب الطبية من خلال دراستي داخل وخارج مصر.
هل ترى أن الحضارة المصرية القديمة أخذت حقها من حيث الاهتمام سواء داخليًا أو خارجيًا خاصة في الفترة الأخيرة؟
ما زال ينقصنا مزيد من الاهتمام بالحضارة الفرعونية، فلغة مصر القديمة مليئة وثرية بالكثير والكثير، يجب أن نٌخَرِّج علماء للغة الهيروغليفية، كي يقرأ الأطفال الجداريات ونرسخ من خلال تعليم الأطفال لغتنا القديمة «الهوية المصرية»، فالمصريون أقدر وأولى على فهم اللغة الهيروغليفية من الأجانب، ومن خلال سفري وعملي على فترات طويلة بالخارج وجدت أن الأجانب لديهم شغف لتعلم اللغة الهيروغليفية، وخلال الفاعليات الأخيرة أستطيع أن أقول أن الترويج للحضارة المصرية أصبح أفضل كثيرًا من خلال الاحتفال الضخم الذي أقيم لموكب المومياوات، فالاحتفال بهذا الحدث العظيم أبهر العالم.
هل استطاعت مصر تقديم دعاية جيدة للآثار الفرعونية؟
مصر ليست في حاجة لدعاية للآثار الفرعونية فالعالم كله يأتي إلى مصر ليشاهد هذه الروعة، باريس لديها آثار، ومصر تتفوق عليها، المتاحف المصرية لها رونقها واختلافها، ولو نظرنا إلى اللغة المصرية القديمة الموجودة على الجداريات والنقوش في المتاحف سنجد أن اللغة الفصحى في المصرية القديمة بها وفر في الطاقة اللغوية، بمعنى أنه كان يوجد كلمات منقسمة إلى أجزاء ولكن معناها مفهوم.
البعض ما زال يسأل حتى الآن عن لعنة الفراعنة وما هو تفسيرها العلمي؟
لعنة الفراعنة مجرد مصادفات، فأمير الشعراء أحمد شوقي تحدث عن هذه الجزئية وكتب فيها قصيدة، نستطيع الجزم أنه لا يوجد هناك حقائق مؤكدة عن وجود ما يسمى بلعنة الفراعنة، فهذه الحياة بها العديد من التناقضات والمصادفات التي تصل لمرحلة اللامحدود، فكيف للعقل المحدود أن يصل إلى مرحلة اللامحدود؟! ولا ننكر أنه تردد كثيرًا أن هناك لعنة للتوابيت الفرعونية والمومياوات، ولكن ليس هناك دليل واحد يثبتها والمؤكد أن كل شيء له تفسير علمي.
ما هو سر هوس البعض بالزئبق الأحمر وما هي علاقته بالفراعنة؟
لي تجربة شخصية في هذا الموضوع، فقد فاجأني بالزيارة في عيادتي الخاصة منذ سنوات عديدة شخصين وبحوزتهما زجاجة بها شيء وأخبراني بعد حوار مطول أنه زئبق أحمر حصلا عليه من «إبط" ؟؟؟؟» إحدى المومياوات، وجاء إلي به كي يتأكد من حقيقته، وبالفعل أرسلتهما إلى أحد المعامل وثبت أنه بالفعل «زئبق» ولكن ليس محدد نوعه، فالزئبق الأحمر هو مادة مشعة تأتي في الحقيقة من حنجرة المومياوات وليس من أي أجزاء أخرى لأن تحلل الجثث يبدأ من الحنجرة.
كيف كان يتم تربية الأطفال عند القدماء المصريين؟
النقوش المرسومة على الجداريات تدل على أنه كان هناك اهتمام بالغ بالطفل وحثه على الدراسة والعمل، فالنقوش المرسومة على كسوة الهرم تدل على أن المصري القديم كان يتمتع بشخصية كمالية، فكانت حياتهم منظمة وعملية وفي الوقت ذاته بها متعة، فالملكة دائمًا ما تبرز جمالها، وتضع مساحيق التجميل وفي نفس الوقت تربي أطفالها وترعى زوجها وتعمل معه وتعاونه.
اقرأ أيضا: وسيم السيسي: مصر دولة مدنية منذ بدء الخليقة.. فيديو
لماذا لا يتم تدريس علم المصريات للطلبة في المراحل الابتدائية والإعدادية؟
بولندا وحدت التعليم حتى 12 عامًا لكل الطلاب، ومصرعليها أن تضع مادة اللغة الهيروغليفية حتى يقرأ الأطفال الجداريات، ولديهم اللغة بكل مفاهيمها كباقي المواد العلمية، فاللغة الهيروغليفية من أقوى وأنجح اللغات، فهي منبع العلوم ويجب أن يتعلمها أبناؤنا ونوحدها على جميع المراحل.
هل نحن مقصرون في تقديم الأعمال الدرامية التي تتحدث عن الفراعنة أم أن هناك أزمة في كتابة مثل هذه الأعمال؟
لم تتناول الأعمال الدرامية الفراعنة أو الحياة المصرية القديمة بالشكل الصحيح، فلو رجعنا لعدة سنوات سنجد أن فيلم «عروس النيل» كذبة كبيرة، فمصر لم تعرف التضحية بالملكات «الاحتياطي البشري»، ولكن أرى أن السينما متجهة الآن للكسب المادي فقط لا غير، ولكن لو توجهت الدولة للأعمال المهمة بالحضارة المصرية وأنفقت على هذه الأعمال ستحقق نجاحًا كبيرًا، وسنرسخ من خلالها الهوية المصرية، فالهوية المصرية هي الأساس.
كيف استطاع المصري القديم الرسم والنقش على الأحجار والمعادن بهذه الدقة؟
كتبت مقالًا في هذه الجزئية وذكرت أنه وجد في سقف غرفة الملكة من الجانب نقوشًا تثبت الهوس والإبداع، لقدرتهم على كتابة النقوش بهذه الحرفية، وأن المصري القديم كان يتمتع بشخصية جمالية وسباقا في الإبداع والقدرة على الرسم بهذه الحرفية والدقة التي تميز بها ليبعث برسائل للعالم ويرسخ لحضارة 7000 سنة.
اقرأ أيضا: مات واقفًا.. السيرة الذاتية الكاملة لنقيب المحامين رجائي عطية؟
