الطريق
الأربعاء 8 مايو 2024 10:59 مـ 29 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
مجلس جامعة طنطا: ترقية ١١ عضوًا بهيئة التدريس وتعيين ١٦ مدرسًا نقابة الموسيقيين تنعي كريم عبد العزيز في وفاة والدته وزير الاتصالات يؤكد على أهمية التعاون بين مصر والأردن فى مجالات التحول الرقمي تموين أسوان يشدد على الالتزام بتحديد أسعار الخبز السياحي والفينو إسعاد يونس تحتفل بعيد ميلاد عادل إمام بعرض فيلم ”زهايمر” بالسينمات ضمن حياة كريمة بأسوان.. استكمال 34 مشروعًا خدميًا بقرية الحجز شمال إدفو لليوم الثانى على التوالى... محافظ اسوان يتابع تلقى طلبات التصالح بالمراكز التكنولوجية محافظ أسوان يستجيب لحل مشكلات أهالي قرية المضيق بنصر النوبة رئيس جامعة قناة السويس يشهد افتتاح المؤتمر السنوي الثاني للبحوث الطلابية يومي ٨و٩ مايو الملتقي الخامس عشر للتوظيف والتدريب بجامعه ٦ اكتوبر أجواء حارة ورياح ترابية.. الأرصاد تُحذر من اضطرابات جوية غدًا الخميس الطريق تنشر في عددها الجديد: العالم ينتفض ضد اجتياح نتنياهو لرفح الفلسطينية

مهمة استعادة الآثار المعقدة.. اليمن يبحث عن تاريخه في السوق الأوروبية السوداء

تماثيل لملوك يمنيين قدامى سرقت وعرضت خارج البلاد
تماثيل لملوك يمنيين قدامى سرقت وعرضت خارج البلاد

على وقع الحرب التي أثرت على كافة مناحي اليمنيين حتى بلغت حد المساس بالإرث التاريخي، يناشد واحد من أغنى البلدان بالمواقع الأثرية الفريدة التي قامت عليها أكبر الحضارات الإنسانية في اليمن القديم، العالم وقف بيع تاريخه في متاحف السوق الأوروبية السوداء.

وفيما طالت الآثار اليمنية ومواقعها حالة إهمال خلال العقود الماضية بين السرقة والنهب والتجريف، جاءت الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي لتشكل عامل هدم إضافي غير مسبوق تعدته إلى تهريب النفائس والقطع الأثرية والمتاجرة بها في خارج البلاد المنشغلة بالحرب.

تجارة رائجة

وعقب الانقلاب الحوثي عام 2014، تعرضت الآثار اليمنية لعمليات نهب وتهريب ممنهج وأضحت تجارتها رائجة وتتم بشكل علني في أسواق عدد من المحافظات اليمنية كما هي الحال بمحافظات مأرب وشبوة والجوف وإب كونها مناطق غنية بالمواقع الأثرية التي طمرت صحاريها حضارات عدد من الدول القديمة الكبرى مثل سبأ وحمير وأوسان وقتبان وحضرموت ومعين وغيرها، وتهريبها للخارج مقابل مبالغ ضخمة.

وفي محاولة لجمع الشتات الأثري اليمني، أكد صالح الحميدي، وكيل وزارة الإعلام اليمني، أن الحكومة تدرس في الوقت الراهن كل الخيارات لاستعادة مئات القطع الأثرية المهربة من البلاد.

وأضاف الحميدي، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن الحكومة رصدت بعض القطع الأثرية اليمنية معروضة للبيع في مزادات تجارية في عدد من المدن الأوروبية، وتم توجيه البعثات الدبلوماسية لليمن بالتواصل مع وزارات الخارجية في الدول المعنية لاتخاذ إجراءات بمنع بيع أي آثار يمنية في المزادات التجارية.

وقال وكيل وزارة الإعلام اليمني، إن الحكومة دعت الدول الأوروبية إلى حظر بيع تلك القطع الأثرية، وطالبت بتسليمها إلى سلطاتها المختصة، كونها آثاراً يمنية لا يحق لأحد التصرف فيها بأي شكل من الأشكال، مشددا على أن تلك القطع حق من حقوق الشعب اليمني لا يمكن التفريط فيه أو التنازل عنه وسنبذل كل الجهود لإعادتها.

تاريخ للبيع

وعلى مدى الأيام الماضية، تداول يمنيون على نطاق واسع، صوراً لقطع أثرية معروضة للبيع في مزادات أوروبية بما فيها قطعة تُظهر تمثالاً على هيئة امرأة من حضارة سبأ تعود للقرن الثالث قبل الميلاد عُرضت للبيع في مزاد مقرر إقامته في 12 يوليو المقبل في ألمانيا، إضافة إلى قطعة ثانية عُرضت في مزاد آخر أقيم في مدينة برشلونة الإسبانية، ضمن عشرات المزادات التي تبيع آثاراً يمنية وعربية.

وحذر الروائي اليمني علي المقري، الحائز على وسام الجمهورية الفرنسية للفنون والآداب بدرجة فارس من الدرجة الأولى، من أنه «عادة ما تتم المزادات وفق مرجعيات قانونية يصعب معها استرجاع أي قطعة إلا بالشراء، أو إثبات ملكية اليمن لهذه القطعة بذاتها».

تتبع مسار القطع الأثرية

وطالب المقري، في تصريحات لموقع «الطريق»، بسن القوانين وتوثيق القطع الأثرية كخطوة على طريق استعادة الدولة من قبضة الحوثيين ومتابعة ما يتم عرضه في المزادات العالمية والعمل على استرداد ما يمكن استرداده سواء بإثبات الملكية أو من خلال شراء هذه القطع أو تتبع مسارها ومصيرها، لما لها من أهمية علمية ورمزية تاريخية عظيمة.

وقلّل الروائي اليمني من المطالب الحكومية ما لم تُتبع بإجراءات ميدانية تحصر المواقع وتحمي ما بقي منها أمام عمليات النبش والنهب وتشديد إجراءات منع تهريب آلاف القطع الأثرية والمخطوطات التاريخية والتحف والمقتنيات القديمة التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، ويحول دون نجاح ذلك انشغال الحكومة والجهات المعنية بالحرب والأوضاع الاقتصادية والسياسية الملتهبة.

شبوة نموذجا

وتدليلاً لحالة الإهمال والتجريف التي تسببت في ضياع النفائس التاريخية في اليمن، ما تشهده المواقع الأثرية في محافظة شبوة التي قامت على ترابها ممالك عدة من أهمها قتبان وأوسان وحضرموت، وهي دويلات سادت ثم بادت خلال فترات زمنية تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة آلاف سنة، بغرض نهب وسرقة آثارها وبيعها من قبل تجار متخصصين في هذا المجال بالتعاون مع سماسرة محليين.

وقال صالح دوّام، مسؤول الأمن لحماية الموقع الأثري في مدينة تمنع (تقع شمال مديرية عسيلان بمحافظة شبوة)، إن موقع هجر كحلان، عاصمة دولة قتبان، تعرض في مراحل متعددة للنهب والتجريف والسرقة من قبل نافذين وتجار آثار وتهريبها خارج البلاد.

وأوضح دوام، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن هذه المواقع التي تحوي مركز الدولة القتبانية وقانون التجارة والضرائب كأول قانون تجاري عرفه العالم قبل ثلاثة آلاف سنة تعرضت خلال العقدين الماضيين، تحديداً، للتجريف والحفر بلغت حد الاستعانة بالجرافات بحثاً عن القطع الأثرية والعملات الذهبية القديمة التي تدر عليهم مبالغ طائلة.

وأكد تعرض عدد من المواقع للنهب من أبرزها مدينة شبوة القديمة وتمنع الأثرية وحبان وهجر الناب وغيرها الكثير، مشيراً إلى تضررها خلال الحرب الأخيرة التي أشعلتها ميليشيات الحوثي خصوصاً مع ضعف الدور الحكومي الذي يمثل غياب الحماية الأمنية الكافية أبرز جوانبه.

وتابع دوام أن ميليشيات الحوثي نهبت ودمرت عدد كبير من المواقع الأثرية والتاريخية التي تقع تحت سيطرتها، وهربت ما يزيد على 14 ألف مخطوطة يمنية نادرة ومئات القطع الأثرية لتمويل مشاريعها.

والعام الماضي، نهبت عصابات تابعة لمليشيات الحوثي محتويات متحف ظفار في محافظة إب (وسط البلاد) ومن بينها مقتنيات أثرية تعود إلى عهد الدولة الحميرية التي حكمت اليمن بين عامي 115 قبل الميلاد و752 ميلادية.

مليون قطعة أثرية

وبشأن عدد القطع اليمنية المنهوبة، أكد محمد جميح سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ‏«يونيسكو»، أنها كثيرة جداً، لكن الإحصائيات الدقيقة تتطلب وجود قاعدة بيانات بذلك، وهو ما لا يتوافر حتى الآن.

لا تملك الحكومة اليمنية رقماً محدداً للآثار المنهوبة والمهربة، ولكن تقديرات غير رسمية أشارت إلى أنها تقدر بنحو مليون قطعة أثرية تم نهبها بطرق شتى من عشرات المواقع الأثرية المنتشرة في البلاد.

مهمة معقدة

وقال جميح، في تصريحات لموقع «الطريق»، إنه يجب أن تشكل إدارة ضمن الهيئة العامة للآثار والمتاحف تكون مهمتها متابعة القطع التي تم تهريبها، ووضع قاعدة بيانات وطنية شاملة، والتحرك سياسياً ودبلوماسياً وحقوقياً وقانونياً للمتابعة، لكن هذه الإدارة لن تتمكن من منع التهريب، ولذا نحن بحاجة إلى تفعيل إدارة حماية الآثار في جهاز الشرطة، لوقف عمليات التهريب والنهب.

وأضاف أنه خلال الأيام الماضية تم التواصل بين بعثة اليمن لدى اليونسكو ومسؤولي الهيئة العامة للآثار والمتاحف لإنشاء إدارة مختصة بمتابعة الممتلكات الثقافية المنهوبة، مع تحديد أهداف الإدارة ولوائحها وهيكلها الإداري، والمؤمل أن يتم تشكيل هذه الإدارة سريعاً ليتسنى لها القيام بمهامها.

بشأن ما يتوقعه من الدول التي وجهوا لها مطالب باستعادة الآثار اليمنية، أوضح جميح أنه لا يمكن للدول التي وصلتها قطع التراث الثقافي اليمني إلا أن تتجاوب وفقاً لمقتضيات القوانين والمعاهدات الدولية ضمن منظمة اليونيسكو، منوها إلى أن ضعف المؤسسات اليمنية في الداخل مثلما يسهم في نهب الآثار فإنه كذلك يجعل من استعادة تلك القطع مهمة معقدة.

اقرأ أيضا: ميليشيا الحوثي تحاول منع مظاهر الحياة باستهداف الفن ورموزه

موضوعات متعلقة