الطريق
الجمعة 19 أبريل 2024 03:08 صـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

اتساع حركة الاحتجاج.. ما الذي يحرك الصراع على السلطة في العراق؟

تصاعد الصراع في العراق بين مقتدى الصدر وخصومه الشيعة
تصاعد الصراع في العراق بين مقتدى الصدر وخصومه الشيعة

فيما تعلو دعوات التهدئة والبحث عن مخرج سياسي من خلال المفاوضات السياسية بين طرفي النزاع في العراق، يسود المشهد في البلاد حالة شديدة من القلق من أن يكون مصيرها الفشل بسبب تعنت الأطراف لتشكيل الحكومة الجديدة.

وتصاعد الصراع على السلطة في العراق بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وخصومه الشيعة المدعومين من إيران مع اقتحام أنصاره البرلمان وبدء اعتصام مفتوح، وأدى الخلاف على من سيشكل الحكومة المقبلة إلى تفاقم الشقاق في المجتمع الشيعي الذي يهيمن على السياسة العراقية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بالرئيس الراحل صدام حسين في عام 2003.

من هو الصدر؟

الصدر سليل عائلة دينية بارزة، وهو شعبوي يتمتع بقاعدة دعم شديدة الولاء ولديه سجل حافل من الأعمال والقرارات الثورية، ومنها قتال القوات الأمريكية بعد الغزو والاشتباك مع السلطات العراقية.

وقاد فصيل «جيش المهدي» القوي في السنوات التي تلت الغزو، لكنه حله رسمياً في 2008، وتحتفظ «سرايا السلام» التي خلفته بآلاف المقاتلين المسلحين.

ويمارس الصدر نفوذا كبيرا في الدولة العراقية، حيث يشغل أنصاره مناصب عدة، وقد أكد على أوراق اعتماده كوطني عراقي في السنوات القليلة الماضية بمعارضته نفوذ كل من الولايات المتحدة وإيران.

من هم خصومه؟

ويشكل خصومه الشيعة تحالفا يسمى «الإطار التنسيقي» يضم ساسة متحالفين مع طهران مثل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وجماعات شبه عسكرية تسلحها وتدربها إيران.

وتعود علاقات العديد من هذه الجماعات بطهران إلى الحرب الإيرانية - العراقية، عندما دعمت إيران المتمردين الشيعة ضد صدام حسين، ويتبادل الجانبان اتهامات الفساد.

تصاعد المواجهة

واشتد التوتر في العراق منذ انتخابات أكتوبر التي برزت فيها حركة الصدر كأكبر كتلة لها 74 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329، وتراجعت حصة الفصائل المدعومة من إيران إلى 17 من 48 سابقا، وبعد الفشل في إلغاء نتيجة الانتخابات في ساحات القضاء، شرعت الفصائل المدعومة من إيران في إحباط جهود الصدر لتشكيل حكومة تضم حلفاءه من الأكراد والعرب السنة، لكنها تستبعد الجماعات التي وصفها بالفاسدة أو الموالية لطهران.

وعلى الرغم من تضاؤل عدد ممثليها في البرلمان، فقد تمكنت الجماعات المتحالفة مع إيران من إحباط الصدر من خلال حرمانه من الحصول على ثلثي النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس دولة كردي، وهي الخطوة الأولى نحو تشكيل حكومة.

وشعر الصدر بالإحباط من هذا المأزق وطلب من نوابه الانسحاب من البرلمان في يونيو الماضي، وأخلت هذه الخطوة عشرات المقاعد لـ«الإطار التنسيقي»، ما يعني أنه ربما يحاول تشكيل حكومة من اختياره، على الرغم من أن ذلك قد يجازف بإغضاب مقتدى الصدر.

وطرح نوري المالكي، خصم الصدر والذي يتحين العودة للحياة السياسية، نفسه لمنصب رئيس الوزراء، وهو منصب يجب أن ينتقل إلى شيعي في النظام السياسي العراقي، لكنه تراجع بعد أن انتقادات وجهها الصدر له، فيما طرح خصوم الصدر مرشحا آخر، هو محمد شياع السوداني، الذي يعده أنصار الصدر من الموالين للمالكي، وكانت هذه الخطوة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير على ما يبدو بالنسبة لأنصار الصدر، ما أشعل فتيل الاحتجاجات.

فرص العنف

وفي ظل انسداد الأفق السياسي في العراق، تبدو الأمور تتجه نحو تصعيد خطير سينعكس مستقبلاً على وضع البلد بعد أن وصل ذروة الصراع السياسي بين «الإطار التنسيقي» و«الصدريين» إلى الشارع.

وأثارت دعوة «الإطار التنسيقي» أنصاره بالتجمع، مخاوف من حدوث مواجهة في الشارع، لكنه ألغى التظاهرات بعد ذلك.

وتعهد الصدر بالعمل السياسي السلمي، لكن تسانده «سرايا السلام» المسلحة ويحتفظ كثيرين من أتباعه المدنيين بالسلاح، ما أثار مخاوف من وقوع اشتباكات مسلحة إذا تصاعدت المواجهة.

ويزعج الخلاف بين الشيعة العراقيين إيران التي لها نفوذ كبير في العراق من خلال حلفائها الشيعة -الإطار التنسيقي- منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بخصمها صدام حسين.

وكانت إيران -التي لم تعلق بعد على التطورات الأخيرة- تدخلت من قبل لتهدئة الاضطرابات الداخلية في العراق.

حفظ الأمن

جدد رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، تأكيده على إصرار حكومته فرض الأمن في جميع المناطق، مبينا أنه ملتزم بحماية السلم الاجتماعي والبعثات الدبلوماسية.

وشدد الكاظمي على أن الحكومة ملتزمة بواجبها في حفظ الأمن، وضمان السلم الاجتماعي، وحماية المؤسسات العامة والخاصة، والبعثات الدبلوماسية.

وأكد أن الأجهزة الأمنية تؤدي دورها وفق القانون، لحماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية، ومنع أي محاولة للإخلال بالأمن، والنظام العام.

دعوات التهدئة

وعلى وقع التصعيد المستمر، دعت الأمم المتحدة إلى تغليب أصوات العقل والحكمة لمنع المزيد من العنف والحفاظ على السلم الأهلي.

واستبعد المحلل السياسي العراقي علي البيدر، أن «تكون دعوات التهدئة مؤثرة على ساحة الصراعات الداخلية، وربما تسبب بعض الأجندات المحلية أو سلوكيات أطراف داخلية باشتداد الأزمة وتصاعدها».

وقال البيدر، في تصريحات لموقع «الطريق»: «حتى الآن لا توجد أي حلول يمكنها أن تخرج البلاد من الأزمة التي تعيشها، فربما هناك أطراف تريد ضرب الخصوم ببعضها من أجل تسيد المشهد فيما لا توجد أي جهة تقدم مبادرة لرأب الصدع بين مختلف الأطراف».

وأضاف: «الوضع يتجه إلى التصعيد، وربما نشهد مواجهة محتملة بين الطرفين، نوري المالكي ورفاقه إلى جانب التيار الصدري».

الانسداد السياسي

وفي سياق تلك الظروف، قال المحلل السياسي صالح لفتة، إن «التصعيد واتساع حركة الاحتجاج ومواصلة التظاهر ومحاولة تعطيل اختيار رئيس الوزراء لن ينهي الانسداد السياسي في العراق وفي نفس الوقت لن تصل الأمور لاندلاع صراع مسلح بين الأحزاب والكتل السياسية».

وأكد لفتة في تصريحات لموقع «الطريق»، أن خفض التصعيد أو اللجوء للتهدئة مرهون بمدى توافق قادة الكتل على مصالحهم والاتفاق على مشاركة الحكم.

وأضاف أنه «ليس من حق أي طرف سياسي أخذ كل شيء لوحده، فإما المشاركة أو العنف، لذلك يلجأ كل طرف لمحاولة ابتزاز الطرف الآخر، وإظهار تشدد كبير في المواقف والتلويح بالذهاب بعيداً لما لا يحمد عقباه ثم تتحلحل العقدة وتتوافق الأطراف من دون خاسر، فلا حل إلا التهدئة التي تضمن حصول كل طرف على ما يريد».

وتابع أنه «من حق أي مواطن التعبير عن رأيه ومحاولة إيصال صوته لمن يمتلك الحل، لكن على المواطنين القبول بالأمر الواقع وترك التصعيد واللجوء للعنف جانباً فعندما يتفق قادة الكتل لن يهتم أحد بمطالبهم».

تداعيات الأزمة

وأمضى العراق الآن أكثر من تسعة أشهر من دون حكومة جديدة، وهو رقم قياسي في حقبة ما بعد صدام حسين.

وتزيد المواجهة من الفشل السياسي في بلد يعاني من تردي الخدمات العامة وارتفاع معدل الفقر وانتشار البطالة على الرغم من الثروة النفطية الهائلة وعدم وجود صراع كبير منذ هزيمة تنظيم داعش الإرهابي قبل خمس سنوات.

وفي الوقت الذي أدى فيه ارتفاع أسعار النفط الخام إلى زيادة عائدات النفط العراقية إلى مستويات قياسية، لا توجد ميزانية حكومية لعام 2022، كما تأجل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها والإصلاحات الاقتصادية في ظل معاناة العراقيين من انقطاع الكهرباء والمياه.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي فإن 2.4 مليون من السكان البالغ عددهم 39 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة في توفير سبل العيش، ويصرف هذا الشلل الانتباه عن مشكلات مثل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والجفاف والتهديد المستمر الذي يشكله تنظيم داعش.

ويواصل رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي مهامه في تصريف الأعمال في الوقت الحالي.

اقرأ أيضا: هل ينجح العراق في إيجاد مخرج للانسداد السياسي؟

موضوعات متعلقة