«الحقونا بنموت».. القصة الكاملة لحادث كنيسة أبو سيفين وموقف «تضامن النواب»

ليلة حزينة عاشتها مصر، رائحة الموت في كل مكان مخلوطة بالدخان الساطع من النوافذ، وصرخات المصلين تعالت: "الحقونا بنموت"، لكن النار أكلت المصلين في دقائق معدودة كما تآكل الحطب، حريق كنيسة المنيرة سيظل ذكرى حزينة في تاريخ مصر لما يحمله من آلام شعر بها الأقباط والمسلمين.

تاريخ حريق كنيسة المنيرة في الجيزة

في صباح 14 أغسطس 2022، استيقظت مصر على أنباء حريق كنيسة أبو سيفين في منطقة إمبابة التابعة لمحافظة الجيزة، حيث الأحياء الشعبية البسيطة والأهالي الطيبة صاحبة الضحكة الأصيلة، وبراءة الأطفال التي تغرد كالعصافير في المنطقة، كل هذا التهمته النيران في ساعة واحدة خلال أداء المصلين شعائرهم في الكنيسة.

صرخات الأهالي تعالت بالمنطقة بعد الحريق الذي نشب فجأة؛ بسبب حدوث ماس كهربائي في المولد المتواجد بالكنيسة، أطفال وسيدات وشباب وشيوخ متواجدين داخل الكنيسة ولكن لا أحد يستطيع أن يصل إليهم.

إبلاغ الحماية المدنية بحريق أبو سيفين

أحد الأهالي أبلغ الحماية المدنية والإسعاف، واللتان انتقلتا إلى موقع الحادث في دقائق معدودة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح، لكن إرادة الله كانت أقوى من البشر، فخلف الحادث 41 حالة وفاة و12 مصابا باختناقات وكسور وسحجات؛ بسبب كبر حجم النيران في طوابق الكنيسة الأربعة.

محاولات إنقاذ مصلين كنيسة أبو سيفين

محاولات لإنقاذ المصلين بالطرق المختلفة من قبل أهالي المنطقة، إما بإطفاء النيران عبر الطفايات المخصصة للحريق أو المياه أو الطرق المختلفة، ومحاولات شتى لإنقاذ الأطفال اللذين لا يملكون سوى الصراخ والبكاء فقط، وتواجدوا بطابق الحضانة الكائن في الدور الثاني.

الأهالي حاولوا اقتحام المبني من السقف ولكن هناك باب حديد مغلق لا يمكن فتحة ولا بطريقة الكسر أيضا، وهناك من يقومون بعمل طريق تقليدية للهروب من النيران عبر الشقق المقابلة للكنيسة، ومنهم من يستطيع الهرولة ومن لا يقدر على التحرك.

ومن أصعب المواقف التي تعرض لها أحد الضحايا هو القفز من الطابق الرابع، ولكن الضحية سقط على سيارة ملاكي تهشم زجاجها وتلفيات أخرى بها، لكن روحه انتقلت لرب العزة ليكون ضمن 41 حالة وفاة.

بيان رئاسة الجمهورية حول الحادث

الرئيس السيسي كان أول من أصدر بيانا يعزي فيه أهالي الضحايا ويشد أذر المصابين معلقا عبر فيس بوك:

"أتُابع عن كثب تطورات الحادث الأليم بكنيسة المنيرة بمحافظة الجيزة، وقد وجهت كافة أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة، وبشكل فوري للتعامل مع هذا الحادث وآثاره وتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية للمصابين.. وأتقدم بخالص التعازي لأسر الضحايا الأبرياء الذين انتقلوا لجوار ربهم في بيت من بيوته التي يُعبد بها".

محافظ الجيزة في مقر الحادث

انتقل محافظ الجيزة وقيادات المحافظة على الفور لمقر الحادث رفقة الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي؛ للاطمئنان على حالة المصابين وتقديم الدعم لهم وتقديم العزاء والمواساة لأهالي الوفيات، وبتوجيه من الرئيس السيسي تم تقديم حزمة من الدعم المادي بقيمة 100 ألف جنيه لأسرة المتوفى و20 ألفا لأسرة المصاب، بالإضافة إلى برامج دعم أخرى معنوية ستعلن عنها الوزارة.

موقف البرلمان من الحادث

وفي هذا السياق، تتواصل "الطريق" مع نواب لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب؛ لمعرفة ما هي الإعانات والمساعدات التي ستقدم لأسر الضحايا ومصابي الحادث مستقبلا، حيث صرح النائب طلعت عبد القوي، بأنه سيتم التواصل مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية بتوفير دعم مادي إضافي للأسر، وبرامج عينية ومساعدات وتخفيضات في كل مجالات الترفيه والخدمات.

وأشار النائب البرلماني إلى أن اللجنة ستقوم بزيارة ميدانية لأسر الضحايا وتقديم العزاء لهم، وطمأنة المصابين أن الدولة وقيادتها السياسية ستكون جنبا إلى جنب معهم في كل وقت.

أما النائبة ندى ألفي، عضو لجنة التضامن، قالت لـ"الطريق"، إنه ليس هناك محددات للدعم المقدم، ولكن سيتم مناقشة وزارة التضامن في هذا الأمر بعد عملية الحصر المطلوبة.

وأبرزت عضو مجلس النواب ما هو متوقع تقديمه خلال الفترة المقبلة من برامج حماية اجتماعية وعلى رأسها ما يلي:

ضم الأسر المستحقة لبرنامج تكافل وكرامة.

تقديم معاش شهري لأسر الضحايا.

الدعم في ملف الصحة والتعليم للمصابين وذوي الضحايا.

مخاطبة وزارة التموين من أجل إتاحة تسهيلات في السلع الغذائية.

وتقدمت "ألفي" بالعزاء لأسر الضحايا داعية الله أن يتغمدهم برحمته ويلهمهم الصبر والسلوان، شاكرة مؤسسة الأزهر ومؤسسات المجتمع المدني على ما قدموه من عطاء في تلك الأزمة الراهنة.

شيخ الأزهر يوجه بصرف مساعدات

من جهته وجه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بضرورة صرف إعانات مادية بالتعاون مع المؤسسات الأهلية والمجتمع المدني لأسر الضحايا، وفتح مستشفيات جامعة الأزهر أمام المصابين وتوجيه أوجه الرعاية الكاملة لهم بجانب الدعم المعنوي.

ساعة الرحيل

واختتم اليوم العصيب بتشييع جثامين الضحايا وعلى رأسهم الكاهن عبد المسيح بخيت، حيث أقيمت الصلاة على أولى المجموعات من الضحايا بكنيسة السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل بمنطقة الوراق، والتي أعقبها تشييع المجموعة الثانية من المنتقلين في كنيسة السيدة العذراء الأثرية بذات المنطقة أيضًا، وذلك بعد أن تم توزيع جثامين المنتقلين لكثرة عددهم على الكنيستين.