الطريق
الخميس 28 مارس 2024 11:49 صـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

يوم دام في العراق.. 30 قتيلا و700 جريح وانفجارات تهز المنطقة الخضراء

اشتباكات مسلحة داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد
اشتباكات مسلحة داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد

استفاقت بغداد اليوم الثلاثاء على أصوات اشتباكات متقطعة وانفجارات بعد يوم دام عقب إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي.

وشهد العراق خلال الساعات الأخيرة تطورات أمنية وسياسية متلاحقة، وسُمع دوي انفجارات هزت المنطقة الخضراء، تضم مقار حكومية وسفارات، اشتباكات وعنف متصاعد راح ضحيته نحو 30 قتيلًا، و700 جريح بينهم أفراد من قوات الأمن.

وتسببت الاشتباكات التي اندلعت أمس الاثنين في حالة من الفوضى عقب إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسي، ما أثار الغضب بين أنصاره الذين اقتحموا القصر الرئاسي ومقر الحكومة، في حين أعلن الجيش فرض حظر تجوال شامل وأخرجت قوات الأمن أنصار الصدر «بالقوة» من داخل القصر الحكومي وساحاته.

وأعلنت خلية الإعلام الأمني بالعراق، في بيانها، تعرّض المنطقة الخضراء لقصف بـ4 صواريخ صباح اليوم، أحدثت أضرارًا في مجمع سكني.

ودوّت صفارات الإنذار دوت في السفارة الأمريكية ببغداد في ساعة مبكرة من صباح اليوم، وتم على إثرها تفعيل منظومة الدفاع الجوي «سيرام» مرتين -وهي منظومة أمريكية مستخدمة للدفاع عن المناطق ذات الأهمية البالغة من أنواع القذائف والصواريخ التي قد تتعرض لها.

منع استخدام الرصاص

ووجّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بفتح تحقيق عاجل بشأن الأحداث في المنطقة الخضراء، مشددًا على منع استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين من أي طرف كان.

وأفاد المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء -في بيان- بأن «القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي وجّه بمنع استخدام الرصاص وإطلاق النار على المتظاهرين من أي طرف أمني أو عسكري أو مسلح منعًا باتًّا».

وشدد الكاظمي على التزام الوزارات والهيئات والأجهزة الأمنية والعسكرية بالعمل وفق السياقات والصلاحيات والضوابط الممنوحة لها.

وقال: «قواتنا الأمنية مسؤولة عن حماية المتظاهرين، وأي مخالفة للتعليمات الأمنية بهذا الصدد ستكون أمام المساءلة القانونية».

ووجه الكاظمي بفتح تحقيق عاجل بشأن الأحداث في المنطقة الخضراء، ومصادر إطلاق النار، وتحديد المقصرين ومحاسبتهم وفق القانون.

تغليب لغة الحوار

دعت مصر والجزائر وجامعة الدول العربية العراقيين إلى تغليب لغة الحوار لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة، مع تحذير من انزلاق البلاد إلى مزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء.

وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًّا بنظيره العراقي برهم صالح أكد فيه دعم مصر لأمن واستقرار وسلامة الشعب العراقي.

وأعرب السيسي عن أمله في تجاوز الأزمة السياسية عبر الحوار، وبما يحقق الاستقرار والأمن والرخاء للعراقيين.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية: «نتابع ببالغ القلق تطورات الأوضاع في هذا البلد الشقيق (العراق) على ضوء مستجدات الأزمة السياسية وما انجر عنها مؤخرًا من مظاهر خطيرة للعنف».

ودعت في بيان جميع الأطراف إلى «تفضيل لغة الحوار وتغليب المصلحة العليا للبلاد، حفاظًا على الأرواح والممتلكات».

وقال المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية جمال رشدي، إن الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط يدعو جميع الأطراف العراقية إلى تغليب المصلحة الوطنية على أي اعتبارات أخرى لتجاوز الوضع الراهن الذي يمثل خطورة على استقرار البلاد.

وحذّر أبو الغيط -في بيان- من انزلاق الوضع في العراق إلى مزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء.

وشدد على ضرورة ضبط النفس وتوجيه جموع المتظاهرين من مختلف المجموعات بالابتعاد عن كافة المظاهر المسلحة وتفادي إراقة الدماء.

البيت الأبيض يعلق

قال جون كيربي -مسؤول الإعلام بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض- إن الولايات المتحدة تبدي قلقها حيال المعلومات عن تصاعد العنف في بغداد، وتدعو إلى الهدوء والحوار.

وأضاف كيربي في مؤتمر صحفي: «هذا وقت الحوار وليس تصعيد المواجهة، وندعو جميع الأطراف المعنيين إلى التزام الهدوء».

تحذير أمريكي وأممي

حذرت الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة من خطورة التطورات الراهنة في العراق، ودعتا المحتجين إلى احترام مؤسسات الدولة، وحثتا القوى السياسية على التهدئة والحوار لحل الخلافات.

وقالت السفارة الأمريكية لدى بغداد -في بيان- إن تقارير الاضطرابات في جميع أنحاء العراق اليوم مثيرة للقلق حيث لا تسمح للمؤسسات العراقية بالعمل.

وأضافت أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء تصاعد التوترات، وتحث جميع الأطراف على أن تظل سلمية، وأن تمتنع عن القيام بأعمال يمكن أن تؤدي إلى دوامة من العنف.

وشددت على أنه «لا ينبغي تعريض أمن العراق واستقراره وسيادته للخطر. حان الوقت الآن للحوار لحل الخلافات، وليس من خلال المواجهة».

وأكدت الحق في الاحتجاج العام السلمي، «ولكن يجب على المتظاهرين أيضًا احترام مؤسسات وممتلكات الحكومة التي تنتمي إلى الشعب العراقي وتخدمه، ويجب السماح للمؤسسات بممارسة عملها».

ودعت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، عبر بيان، المتظاهرين إلى «مغادرة المنطقة الدولية في بغداد (المنطقة الخضراء) فورًا، وإخلاء كافة المباني الحكومية، والسماح للحكومة بالاستمرار في مسؤولياتها بإدارة الدولة خدمةً لشعب العراق».

وحذرت من أن «التطورات اليوم تصعيد بالغ الخطورة»، وحثت الجميع على «الاستمرار في السلمية والتعاون مع قوات الأمن والإحجام عن الأعمال التي قد تؤدي إلى سلسلة أحداث لا يمكن إيقافها».

آفاق انتهاء الأزمة

وعلى وقع الاشتباكات المتصاعدة في بغداد، قال المحلل السياسي العراقي غالب الدعمي، إن الأزمة اتسعت الآن، وأصبح هناك ضحايا، وحشود جماهيرية تنضم بشكل مستمر إلى معتصمي الخضراء، وتحرك كبير في المحافظات، وسط خشية من أن يكون الوضع اليوم الثلاثاء أخطر من أمس الإثنين.

وأضاف الدعمي، في تصريحات لموقع «الطريق»، أن الوضع في العراق لا يمكن التنبؤ به حاليًّا، بعد سقوط 30 شهيدًا، وأكثر من 700 جريح، وبعد إطلاق نار على المتظاهرين، خاصة أن المعلومات المؤكدة أن العيارات النارية تورطت بإطلاقها جهات مدسوسة لها مصالح متقاطعة مع التيار الصدري.

وكانت الأزمة السياسية في العراق تصاعدت مع إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر 2021، حيث شككت قوى الإطار التنسيقي في النتائج ووجهت اتهامات لأطراف دولية ومحلية بممارسة التزوير والتلاعب في إعدادات البيانات الإلكترونية.

قابل ذلك، تمسك رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر بما خرجت به نتائج الانتخابات التشريعية، تاركا خيار الاعتراض للقوى المنافسة والخصوم عبر الآليات الدستورية والطرق القانونية.

إلا أن تلك المواقف التي تفاعلت من خلالها الأزمة السياسية ونمت حتى مستويات التصادم المباشر وتهديد السلم الأهلي، تغيرت بعد قرار الصدر توجيه نوابه الـ73 إلى تقديم الاستقالة وترك ساحة التنافس على صراع تشكيل الحكومة.

إذ إن قوى الإطار التنسيقي التي تلقفت إرث التيار الصدري النيابي، ما أعاد الدماء إلى حظوظها الانتخابية، باتت متمسكة بنتائج انتخابات أكتوبر، والسعي لتحويل مخارجها إلى تطبيقات واقعية عبر انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح لرئاسة الوزراء، بعد أن قدمت نفسها على أنها صاحبة الكتلة النيابية الأكبر.

اقرأ أيضا: اشتباكات مسلحة داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد

موضوعات متعلقة