الطريق
الجمعة 10 مايو 2024 01:36 مـ 2 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

«جامع نانا» في أرض الحرية.. حكاية مسجد بـ تايلاند أنقذته كورونا

نقود مزورة عبر فيس بوك
نقود مزورة عبر فيس بوك

على بعد سنتيمترات يجلس العاهرات، أدخنة شواء تنتشر في المكان، السحالي والفئران على نار هادئة، يقلى في الإناء الآخر حشرات تشبه تلك الخارجة من المصارف الصحية وغيرها من المشاهدة المقززة التي وصفها الشاب العشريني منذ أن وطأت قدماه العاصمة بانكوك.


تخرج من صالة المطار، يأتي إليك شخصًا يمد يده في جيبه يخرج ورقة ملونة.. أتريد رجلا أم ليدي؟.. بهذه الكلمات حكى ابن محافظة الدقهلية، وبعض الشباب من مختلف الجنسيات في دول الخليج، أغرب مظاهر الحياة في بانكوك، لعل منها ما يحدث بالمنطقة التي يقع فيها مسجد يسمى "نانا".

الدخول إلى مسجد نانا

هنا مدخل مسجد نانا، لافتة طولها متران معلقة على أحد الحوائط في شارع حي العرب بالعاصمة بانكوك، إذ يعمل به العرب من مختلف الجنسيات أغلبهم من مصر، لبنان، الجزائر، اليمن، والمغرب، يقف أمامه فتيات اتخذن من الدعارة مهنة لهن، لا يستطعن حسبما قال م.ع، جزائري الجنسية، من دفع الإيجارات السكنية أو شراء الأطعمة، فيستعطفن العرب، وخاصة المصلين.


وتعد منطقة العرب من المناطق التي تتركز فيها الدعارة، والأعمال الموجهة للجنس، من خلال بعض الفتيات التي يجدن في الشارع على مدار الـ24 ساعة، إذ يقفن أمام المساجد والمحلات، وأحيانا على أبواب الغرف، بل يتطرق الأمر إلى وقوف الرجال من أجل ممارسة الجنس.

"أول ما نزلت من الطيارة، وركبت العربية توجهت إلى حي العرب"، ي.م، الشاب المصري، يسرد لنا تفاصيل حياته الأولى في بانكوك، قبل انتشار وباء فيروس كورونا التي دعت المواطنين بالعودة إلى أراضيهم وترك وظائفهم، فهذا الفتي كان يبحث عن عمل في مصر، وكل محاولاته باءت بالفشل، إذ المرتب الضعيف والأماكن البعيدة على حد قوله.


في بداية عام 2018، قرر الشاب السفر إلى تايلاند للعمل هناك، إذ دله أحد الأشخاص عن مكان يسترزق منه، يقول إنه بـ10 آلاف جنيه، وبدون ترتيب مسبق، سوى تحضير الأوراق المطلوبة لاستخراج جواز السفر، شاء القدر أن يسمع وصية والدته بوضع مدخراته داخل الحذاء، والباقي في جيبه الأمامي وليس الخلفي، ووضع ورقة من القرآن الكريم داخل قميصه تلازمة أينما كان وأينما ذهب.

"عندما وصلت إلى حي العرب، سألت هناك عن مسجد، لأنني كنت أريد أن أصلي، فدلوني إخوة من العرب إلى مسجد يطلق عليه نانا".. يضيف الشاب بجانب استغرابي من هذا الاسم، لقد دهشت من أمر آخر أن العاهرات وفتيات الليل، يعارضن المصلين أثناء الدخول والخروج من المسجد، الأمر الذي يعزف الكثير من المسلمين الصلاة بداخله.


ولعل الغريب أيضًا وجود أمام المسجد بارات ومحلات لملابس الشواذ، حسبما ذكر أحد الجاليات المصرية في تايلاند، في تصريح خاص لـ" الطريق" قائلين إن عدد الشواذ هناك لا يمكن تجاهله خاصة من الرجال المنتشرين بصورة كبيرة وغريبة في كل الوظائف و الشوارع فتقابلهم كثيرًا، مشيرا إلى أن طبيعة الدولة على وجه العموم ينتشر بها الدعارة.

وعن سبب تسمية هذا المسجد باسم" نانا"، قال ص. س، مصري الجنسية، أحد المقيمين في العاصمة بانكوك منذ 30 عاما، إن هذا المسجد عبارة عن دورين اثنين، وأطلقت عليه الحكومة التايلاندية هذا الاسم، نسبة إلى رجل الأعمال والسياسي "ليك نانا"، وهو مسلم من أصل غجراتي، موضحًا أن هذا الرجل يعرف بين التايلنديين باسم "ملك بانكوك"، فهو رجل صاحب أعمال خيرية، ويشتهر بأنه صديق المسلمين، وتمكن من بناء هذا المسجد قبل وفاته عام 2010، بمرض القلب.

ويضيف آخر، مغربي الجنسية، أن العرب الموجودين في حي العرب يرفضون هذا الاسم، لذا يطلقونه فيما بينهم باسم مسجد "الخير"، وبالنسبة لوجود الفتيات العاهرات أمام المسجد، أكد أن فترة كورونا غيرت الكثير من ملامح بانكوك، تلك المدينة التي تشتهر بحاناتها ونواديها الليلية وقاعات التدليك، إذ توقف هؤلاء العاهرات من ممارسة ما دأبوا عليه.


وعن طبيعة الحياة في حي عرب بخلاف وجود الدعارة، قال اليمني م. الخليل، إنه جاء إلى تايلند منذ عامين، وفضل السكن في الحي العربي، لتوفر فيه كل الاحتياجات، مثل السكن المناسب، ووجود مطعم يقدم الأكلات اليمنية مثل المندي، ووجود مسجد في المنطقة رغم ما يتعرض له إلا أنه بقدر الإمكان يبتعد عن إغواء الشيطان ويتجه لعمله فور أداء الصلاة.

معلومات عن مؤسس مسجد نانا

مؤسس مسجد نانا، حسبما ذكرت الكتب التاريخية، احتل مناصب مهمة في تايلاند، وشغل منصب نائب وزير الخارجية في عام 1975، وفقد منصبه في الانقلاب العسكري الذي أعقب المجزرة التي ارتكبت ضد المتظاهرين اليساريين في جامعة ثاماسات، كما شغل منصب القنصل العام الفخري لتايلاند في العراق حتى عام 1981.

وفي ديسمبر كانون الأول عام 1982، انفجرت قنبلة قوية في المبنى الذي يقع مكتبه فيه في الحي الصيني في بانكوك، مما أسفر عن مقتل خبير المتفجرات الشرطة وأدى إلى إصابة 20 شخصًا آخرين، وتسبب في اندلاع حريق ما أسفر عن تدمير خمسة مباني تقع في نفس المنطقة.

لم يكن نانا في المكتب في ذلك الوقت حرب الخليج الأولى، وكان يشتبه في ارتباطه بالحرب الإيرانية العراقية.

في عام 1982 أصبح نانا أمين عام للحزب الديمقراطي تحت قيادة الحزب بهيشاي راتاكول، كان نانا يسمى (ملك بانكوك) يمتلك قدرًا كبيرًا من الممتلكات على طول طريق سوخومفيت في بانكوك، وخاصة في المنطقة التي تعرف الآن باسم "سوي نانا".