30 مليون كلب ضال في مصر تُنذر بكارثة بيئية وصحية.. والثعابين تترقب اختفاءها- (ملف خاص)

أصبحت ظاهرة الكلاب الضالة تهدد العديد من المواطنين بالمحافظات المختلفة خاصة بعد وفاة طبيبة بسكتة قلبية بسبب خوفها من ملاحقة الكلاب لها بمنطقة حدائق الأهرام.

وكان الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان قد أشار اهتمام الوزارة بالظاهرة موضحًا أنها لها آثار اقتصادية واجتماعية كبيرة، وأكد وزير الصحة أن حالات العقر المسجلة تتزايد بنسبة 20% سنويا خلال الفترة الحالية مقارنة بالأعوام الماضية.

أما عن أكثر المحافظات تأثرا فجاءت محافظات الجيزة والقاهرة والبحيرة في الصدارة، مشيرًا إلى أن تكلفة توفير الأمصال بلغت 146 مليون جنيه في 2019 ووصلت لـ 151 مليون في 2022 وقد تصل لـ 500 مليون جنيه في الفترة المقبلة، "الطريق" فتح الملف لرصد الحلول لهذه الظاهرة.

فكرت في وضع سم للكلاب

في البداية قالت ليان فتحي- مواطنة- دائمًا أجد الكلاب تسير في الشارع في منطقتي وتحت منزلي مما يسبب لي الذعر والخوف الشديد خاصة في حال قربهم مني أثناء سيري، وأضافت أوقات كثيرة أفكر في وضع سم لهذه الكلاب ولكن أخاف أن يكون هذا الفعل حرام.
وطالبت ليان الحكومة بضرورة وضع حلول عاجلة لمواجهة هذه الظاهرة خاصة وأن صوت الكلاب يكون مزعج في المساء.

اقرأ أيضًا: تفاصيل السماح لغير حاملي بطاقات التموين بشراء الخبز المدعم بسعر التكلفة

فيما قالت أمنية السيد- مواطنة- في الماضي كنا نسمع عن سيارات تابعة للحكومة تمر بالشوارع وتأخذ الكلاب الضالة نظرًا لخطورتها على الأطفال وعلى جميع المارة بالشوارع، مطالبة بضرورة وضع حل سريع وعودة مثل هذه السيارات خاصة في ظل هجوم الكلاب في بعض المناطق على المواطنين أثناء سيرهم بالشوارع.

وقالت سارة غريب- مواطنة- الظاهرة أصبحت منتشرة حتى في المناطق الراقية و"الكومباوندات" وأكثر ما يثير ذعر المواطنين ملاحقة الكلاب للأطفال أثناء سيرهم بالشارع مما يسبب الخوف لهم وقد يتسبب في وفاتهم من الخوف والذعر بسبب ملاحقة الكلاب لهم.

وجود الكلاب بالشوارع مرعب

فيما كان لـ حماده حسن- مواطن- رأي آخر، إذ يؤكد أن الكلاب قد تلاحق الناس في الشوارع بسبب إثارتهم لها أو مضايقتها فالبعض يتعمدون إيذاء الكلاب عند وجودها بالشارع مما يدفعها للدفاع عن صغارها وملاحقة المواطنين.

وأضاف "حسن" أن الكلاب عندما تعتاد على سكان منطقة محددة فإنهم لا يهاجمون هذه المنطقة بينما يلجئون لتصرف غريزي وهو الدفاع عن هذه المنطقة في حال رؤيتهم أي شخص غريب بها.

بينما قالت أماني شريف- مواطنة- الكلاب تجرأت على المواطنين بصورة كبيرة متابعة "لدرجة لو راكن سيارتك والزجاج مفتوح تجد رأس الكلب بداخلها وهذه صدمة قد تؤدي لوفاة أي شخص من ذهوله من الموقف فقط".

اقرأ أيضًا: الجيش الأبيض ينحاز للفقراء.. مبادرات للكشف وتوفير العلاج مجانًا

ووصفت "شريف" وجود الكلاب الضالة بالشوارع بالأمر المرعب خاصة مع وجود حالة وفاة بسبب عقر الكلاب لأطفال وكبار، مما يستوجب حلول عاجلة وسريعة.

زيادة أعداد الكلاب الضالة تُنذر بكارثة بيئية

قال الدكتور محمد يوسف خبير ومفتش طب بيطري إن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة يعود إلى تباين الآراء من قبل الجهات المعنية بالمكافحة حول آليات ناجحة وفعالة والتي انتهت بعدم فاعلية أي منها وأدت في النهاية إلى ما يُنذر بكارثة بيئية.

وأضاف "يوسف" أنه لا يمكن أن يكون هناك حصر أو معرفة لأعداد هذه الكلاب وذلك لوجود عشوائية في تواجدها وظهورها واختفاءها، مؤكدًا أنه بعملية حسابية بسيطة تتضمن معدلات التكاثر والإنتاج وفترات البلوغ يمكن أن نستنتج معدلات نمو أعداد هذه الحيوانات والتي تُنذر بفاجعة بيئية.

اقرأ أيضًا: أشرف حاتم لـ«الطريق»: الفترة الحالية تشهد زيادة في إصابات كورونا عالميًا

وأوضح أنه لا بد من إجراءات عاجلة ممنهجة وناجحة لمواجهة ظاهرة الكلاب الضالة وذلك من خلال منع استخدام الاستركنين أو أي من السموم في المطلق وأن يكون التخلص منها رحيم.

وأكد الطبيب البيطري أنه لا بد منع التخلص منها بالشوارع حفاظًا على البيئة ومشاعر المارة
مشيرًا إلى أن أبرز الحلول لمواجهة هذه الظاهرة تتمثل في التخلص من البالغين في أماكن بعيدة معدة لهذا الغرض مع ضرورة تعقيم 50%من الجراوى الذكور وترك الباقي للتناسل حفاظا على التوازن البيئي.

انحصار الكلاب يؤدي لظهور الثعابين

وقال النائب أحمد السجينى رئيس لجنة الإدارة المحلية بمحلس النواب، إنه تم إطلاق توصيات برلمانية منذ ما يقارب 4 سنوات لمواجهة ظاهرة الكلاب الضالة إلا أنه لم تُنفذ أي منها حتى الآن.
وأشار رئيس لجنة الإدارة المحلية إلى ضرورة تكاتف الجمعيات الأهلية للعمل على تنفيذ التوصيات الخاصة بالتعامل مع الكلاب الضالة، مشيرًا إلى ضرورة النظر في المقترحات التي تم ذكرها من قبل على مدار السنوات الماضية.

اقرأ أيضًا: البرلمان يوصى بتشكيل لجنة عليا للتعامل مع مشكلة انتشار الكلاب الضالة

وأضاف "السجيني" أن لجنة الإدارة المحلية تؤكد على أهمية استكمال مناقشة مشروع قانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة واقتناء الكلاب، موضحًا أن اللجنة ستجتمع مرة أخرى فبراير المقبل لاستعراض ما تم الوصول إليه من خطة تنفيذية وتوضيح سبل الانفاق ومن سيتم مخاطبته من المنظمات الدولية العاملة.

فيما قالت سناء السعيد عضو مجلس النواب إن بعض القرى والمناطق الريفية تعاني من نقص في الأمصال التي تعالج آثار عقر الحيوانات الضالة بالمستشفيات، مؤكدة على ضرورة معالجة ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في الشوارع من أجل الحفاظ على التوازن البيئي موضحة أن انحصار الكلاب بشكل كبير يؤدي إلى ظهور ظاهرة أخرت تتمثل في انتشار الثعابين بصورة خطيرة.

الحلول كثيرة وبسيطة

قال الدكتور خالد سليم نقيب الأطباء البيطريين إن الحلول كثيرة وبسيطة لمواجهة هذه الظاهرة ولكنها تحتاج تكاتف وتعاون بين أكثر من جهة وليس حل من نقابة الأطباء البيطريين فقط أو وزارة الزراعة فقط.

وأوضح نقيب الأطباء البيطريين أن أبرز هذه الحلول تتمثل في وجود تشريع يتسق مع القوانين الخاصة بالمنظمة العالمية للطب البيطري أو الصحة الحيوانية، خاصة وأن الدولة موقعة على استراتيجية تتمثل في أن تكون مصر خالية من السعار في 2030.

اقرأ أيضًا: بعد زيادة حالات العقر لـ20 %.. برلماني: التخلص من الكلاب الضالة غير مطروح لهذا السبب … خاص

وأشار "سليم" أن القمامة تتسبب في انتشار هذه الظاهرة بصورة كبيرة وبالتالي لا بد من وجود توعية للمجتمع بشأن هذه القمامة وعدم إلقائها في الشوارع مثلما نرى مما يزيد من تجمع الكلاب حولها.

وأوضح نقيب الأطباء البيطريين أن دور النقابة علاجي ووقائي وليس دورها قتل هذه الكلاب، مؤكدًا على ضرورة أن يكون هناك دور لمنظمات المجتمع المدني خاصة وأن تعقيم الكلاب يحتاج تكاليف مرتفعة للغاية.

وأكد "سليم" على ضرورة توعية المواطنين من خلال وسائل الإعلام بشأن الكلاب الضالة وكيفية التصرف في حال تعرض الشخص لعقر من الكلاب الضالة، خاصة إذا كانت الكلاب مصابة بسعار.

لا يوجد إحصاء رسمي بعدد الكلاب الضالة

وأكد "سليم" أن النقابة على استعداد للتعاون مع جميع الجهات خاصة وأنه من كل 4 أمراض تصيب الإنسان هناك 3 أصلهم حيواني وبالتالي فالنقابة دورها وقائي بالدرجة الأولى، وأوضح نقيب الأطباء البيطريين أن انتشار الكلاب الضالة يزيد بالمناطق التي تزداد بها القمامة بالشوارع.

وأشار "سليم" إلى عدم وجود إحصاء واضح بعدد الكلاب الضالة في مصر فالبعض يرى أن عددهم أقل من 15 مليون والبعض يراه أكثر ولكن ليس هناك إحصائية موثقة وصادرة عن جهة رسمية بالعدد ولكن في النهاية كلها أعداد تقريبية.

وشدد نقيب الأطباء البيطريين على ضرورة وجود علاج لبعض الظواهر التي باتت غريبة على المجتمع المصري ومنها تعذيب الحيوانات أو تعمد بعض الأشخاص التعامل بعنف مع الكلاب وجعلها أكثر شراسة وهجومًا على الإنسان.

وأضاف "سليم" أن تعقيم الكلاب يحتاج إلى جهود جميع الجهات لجمع الكلاب في شلاتر مما يسهل على الأطباء البيطريين تعقيمهم وتطهيرهم مضيفًا ليس معقول أن يتواجد الأطباء بالشوارع ويقومون بتعقيم الكلاب بشكل عشوائي.

وكان الدكتور محمد سيف، الأمين العام للبيطريين، ذكر في تصريحات سابقة أن آخر تقرير إحصائي للكلاب الضالة في مصر أوضح أن عددها وصل إلى 20 مليون، فيما أشارت إحصائيات أخرى إلى أن عدد الكلاب وصل لـ30 مليون كلب ضال.

وقال الدكتور أحمد رزق أستاذ الحيوانات الضارة بمركز البحوث الزراعية إن الكلاب والقطط والنمور والصقور من الأعداء الحيوية للثعابين وعند مواجهة ظاهرة الكلاب الضالة لا بد من الحفاظ على التوازن البيئي حتى لا نقضي على ظاهرة ويتسبب ذلك في ظهور ظاهرة أخرى جديدة أكثر خطورة.