الطريق
الأحد 5 مايو 2024 01:27 مـ 26 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

يمنى أحمد تكتب: أحمد خالد توفيق.. أسطورتي الخاصة وجرحي المتجدد!

الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق
الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق

«أحمد خالد توفيق مات».. كانت العبارة الأكثر غرابةً لي حينما تلقيتُ خبر وفاة الكاتب العظيم، لم أدر ما الذي كان عليَّ فعله حينها، ربما كان شعاعًا أنار لي وجهتي في يوم، وربما كان شعلةً أضاءت فيَّ بريق الأمل مرةً أخرى.

كنتُ بنت السابعة عشر حينما وصلني هذا الخبر، العجيب أنني كنتُ أقرأ حينها له الكثير، ولكن لم يكن عقلي اهتم بعد بمعرفة المؤلف ولا دار النشر، كنت أختار العناوين فقط التي تجذبني والتي كان معظمها يرجع لكتب العراب الخالد، الطبيب الذي اهتزت لموته أرجاء مدينة فضّل العيش فيها عن صخب العاصمة.

في كتابات أحمد خالد توفيق أشعر بالونس، ربما يكون هذا حال الشباب الذين جعلهم يقرأون كما أراد، ولكن الانتماء لكتاباته ولأعلفة كتبه وصوره المنتشرة في صفحات وسائل التواصل الاجتماعي لم يفارقني يومًا، الطريق إلى قبره لم أجهله أبدًا رغم أنني لم أزره ولا مرة سوى بدعواتي، ولم أستطع يومًا في الأعوام الخمسة الماضية أن أنسى حبًا علق في قلوب الشباب كنتَ وليهم فيه!

لم يصعب عليّ يومًا تخيل كم كان أحمد خالد توفيق نبيلًا رغم أنني لم أقابله ولا مرة في الحقيقة، قابلته في أحلامي وطموحاتي وإحباطاتي ربما، رأيته نبيلًا في عزلته وهو الذي لم يبحث إلا عن كتابٍ قيّم يلتف على مائدته الشباب فيقرأون، كذلك لم أرَ منه أي مصلحة في كتاباته والتي ربما أراها في بعض الكتب معجونةً برغبة الشهرة.

هذا الرجل الذي لم يرد الشهرة يومًا باتت تعرفه جدران الغرف وأرفف المكتبات وعقول جيلٍ جديدٍ يستعيد فتح كتبه التي لم تتوقف عن مسايرة الزمن الحاضر وبها لمحة من ماضٍ جميل ومستقبل أكثر إشراقًا رغم إحباطه.

كانت إقامة العراب قصيرة، لا أنسى جنازته يومًا ولا عزاءه الذي ملأ دار المناسبات بمدينتنا طنطا ليلتها، لم أنسَ وجوهًا بكت وقلوبًا اعتصرها الألم لفكرة رحيل كاتب. ترك فينا إرثًا ثقافيًا مختلفًا وأصبح الكثير يعبدون أحرفه إن صح التعبير.

أحمد خالد توفيق هو أسطورتي الخاصة، الشخص الذي عبر عن كثير من مشاعري السيئة وغضبي الكامن تجاه العديد من الأشياء، بطل الروايات وقصص الحب لكثير من الفتيات في جيله، أن يتمنون شريكًا مثله. أعترف أنني توقفت عن القراءة له سنتين أو أكثر، ولكنه لم يكن وحده، كانت حالة خشيتُ فيها على قلبي أن يجرح، ولكن قلمي هو الذي جُرح عندما توقفت عن القراءة له!

في الثاني من أبريل كل عام، أنتظر أحدًا يؤكد لي أن موت العرّاب كان كذبة أبريل وأنه لا زال على قيد الحياة، أنتظرُ أملًا غريبًا يقول إنه هنا وإن كل هذه الأعوام كانت كذبة ولم نشعر بها أيضًا. يسوق الله لي منشورات ومقالات تؤكد حب الناس له، يجتمعون على محبته، ويقرأون مسيرته، ويتوقعون مصيره، ويحيون ذكراه، وأنا واقفة عند تلك الكلمة في غرفة المعيشة عند بيت عمي أتذكر العبارة الأكثر غرابةً وألمًا حينها «أحمد خالد توفيق مات».

موضوعات متعلقة