الطريق
الأربعاء 15 مايو 2024 10:22 مـ 7 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

على الأصل دور.. رحلة الكحك من جدران المعابد إلى بهجة الموائد

كحك العيد عند الفراعنة
كحك العيد عند الفراعنة

أيام قليلة ويستقبل المسلمين عيد الفطر المبارك، إذ يستعد المصريين بالتجهيز لعدد من التقاليد التى ظلت مازالت تناقلها الأجيال على مر الزمان، من بينها تجهيز " كـحك العيد"، فقد يظن البعض أن هذا التقليد ما هو إلا أتباع محدث ليس ببعيد إلا أن حقيقة الأمر تُرجع أصوله إلى حضارتنا المصرية القديمة.


وفي هذا الشأن، قال الدكتور محمد سعيد، باحث أثري، إن المصريين القدماء أعتادوا على صناعة وإنتاج الكحك كجزء من المخبوزات المختلفة فى العديد من المناسبات و الأحداث على مدار العام منذ عصر الدولة القديمة و كان يعرف فى اللغة المصرية القديمة بـ (قعح) أي العجينة أو الخبز .

وتابع "سعيد"، أن المصريون قد استمروا في صناعة الكحك، حيث انتشرت بنطاق أوسع مع بداية عصر الدولة الحديثة، وأتقن الخبازون في البلاط المصرى القديم صناعة الكعك بأشكال هندسية و زخرفية مختلفة من بينها الشكل المخروطي و الشكل المستطيلى والشكل الدائرى الذى كان يرمز لقرص الشمس، من خلال الخطوط المستقيمة المنقوشة عليه كتمثيل لأشعتها على حد اعتقاد المصرى القديم.

وأشار "سعيد" إلى أن أشكال الكحك وصلت إلى ما يقرب من 100 شكل على هيئه حيوانات و أوراق أشجار و زهور، و قد تم العثور على العديد من المناظر المنقوشة على جدران المقابر الملكية و مقابر النبلاء فى طيبة و منف تمثل عملية صناعة الكحك بالتفاصيل الكاملة من بينهم مقبرة "رخمى رع" وزير الملك تحتمس الثالث التى ترجع لعصر الأسرة 18، وتقع بجبانة طيبة الغربية.

كيفية صنع الكحك عند القدماء المصريون

واستكمل "سعيد"، أن الرسومات الموجودة على الجدران تشرح كيفيه خلط عسل النحل بالسمن و تقليبهم على النار الهادئة بإضافة الدقيق إلى أن تصبح عجينه يسهل تشكيلها، ثم ترص بعد ذلك على ألواح ( الصاجات ) مصنوعه من الإردواز لتوضع بعدها داخل الفرن، هذا وقد كانت هناك أنواعاً اخرى من الكعك تقلى فى السمن أو الزيت و يتم حشوها بالتمر المجفف (العجوة) أو التين و تزخرف بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب.

نوع من الصدقات


وأضاف "سعيد"، أن عادة صناعة الكحك لم تختفى بعد دخول الإسلام بل تحولت إلى نوع من الصدقات الأمر الذى أحدث التلازم بينها وبين شهر رمضان من أجل تقديمها والتصدق بها على الفقراء فى عيد الفطر، مشيرا إلى أن البداية من عهد الدولة الطولونية كان يصنع الكعك في قوالب مختلفة منقوشة عليها عبارة "كل وأشكر" إلى أن وصلنا للعصر الفاطمي فكان الخليفة يخصص 20 ألف دينار لصناعة كعك العيد تبدأ المصانع فى إنتاجه من منتصف شهر رجب إلى بداية شهر رمضان على أن يتولى الخليفة توزيعه بنفسه فى عيد الفطر.

وأوضح أن فترة الأيوبية ظل الاحتفاظ بأمهر صناع الكعك فى العصر الفاطمى من بينهم السيدة "حافظة" و التى اشتهر كعكها باسم" كعك حافظة"، وفي عصر دولة سلاطين المماليك و العصر العثماني استمر الاهتمام بصناعة كعك العيد وتقديمه للفقراء والمتصوفين وفي التكيات، وهناك بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة العديد من القطع والاشكال الخاصة بقوالب صناعة الكعك منقوش عليها عبارات ومنها"كل وأشكر مولاك"، "كل هنينًا وأشكر"، وغيرها من العبارات التى تحمل فى طياتها الشكر و الثناء على نعمة الخالق.