الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 05:54 مـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الإمبراطور أحمد زكي (3).. قصة مرافعة أسطورية ضد الحكومة 

ضد الحكومة
ضد الحكومة

يظل مشهد مرافعة فيلم "ضد الحكومة" (1992)، واحدًا من أقوى مشاهد السينما المصرية على مدار تاريخها الكبير، وتظل كلمات الأسطورة الراحل أحمد زكي خالدة معبرة عن قصته وقصة جيل كامل، وأيقونة للدفاع عن المظلومين والحقوق في وجه أصحاب الجاه. السطور التالية تخصصها "الطريق" حول مرافعة ضد الحكومة لأحمد زكي ضمن سلسلة "الإمبراطور أحمد زكي".

اقرأ أيضا| الإمبراطور أحمد زكي (1).. حينما حاول ”النمر الأسود” الانتحار بسبب نور الشريف

اقرأ أيضا| الإمبراطور أحمد زكي (2).. هالة فؤاد الحبيبة التي تركته وحيدا

أحمد زكي ضد الحكومة

"ضد الحكومة" واحد من أهم أفلام المخرج الراحل عاطف الطيب، وأحد أعظم أفلام الإمبراطور أحمد زكي، ففي "ضد الحكومة" ترفض السلطة الاعتراف بفشلها وتعتبر حادثة اصصدام حافلة طلاب مدرسة بعربة القطار مجرّد "قضاء وقدر" يستحق عقاب السائق وعامل سكة الحديد، لكن "المحامي مصطفى خلف/ بطل الفيلم" ينجح في طلب الوزراء المسؤولين للمثول أمام المحكمة وتقديمهم إلى العدالة.

قصة الفيلم بدأت عندما قرأ الكاتب بشير الديك سلسلة تحقيقات للصحفي وجيه أبو ذكري عن حوادث الطرق، وخاصةً حادث انقلاب أتوبيس طلاب مدرسة في الإسماعيلية راح ضحيته عدد كبير من الأطفال، فقام "الديك" بصياغتها وكتب لها السيناريو، وأخرجها القدير الراحل عاطف الطيب، ويعتبر الفيلم هو التعاون الخامس بين الطيب وأحمد زكي، بعد روائع: "التخشيبة" و"البريء" و"الحب فوق هضبة الهرم" و"الهروب".

الفيلم الذي أُنتج عام 1992 هو من علامات السينما المصرية والعربية، بطولة أحمد زكي، لبلبة، عفاف شعيب، أبو بكر عزت، المنتصر بالله، تصوير سعيد شيمي، مونتاج أحمد متولى، موسيقى مودي الإمام، إنتاج "تاميدو" للإنتاج والتوزيع (مدحت الشريف)، وهو يلخص أفكار مخرجه عاطف الطيب، وتجربته في هزيمة 67 والانفتاح والحروب، بطريقة مباشرة وواضحة وصريحة للغاية، وليس أدل على ذلك من اسم الفيلم نفسه، والذي كان في البداية أكثر وضوحًا "مافيا التعويضات" قبل تغييره.

وتألق أحمد زكي كعادته في "ضد الحكومة" بأداء دور المحامي بوجهيه، المستغل الذي يسخر كل إمكاناته للوصول إلى غاياته بخلاف دفاعه الدائم عن الساقطات في قضايا الدعارة، والمناضل من أجل نصرة الحق مهما تعرّض لضغوط، ومع نهاية أحداث الفيلم، يبدأ صراع داخلي لـ"مصطفى خلف" بين الاستسلام أو الاستمرار في مواصلة الدفاع عن حق نجله وآخرين، ثم نصل إلى مشهد أسطوري، وهو مشهد المرافعة، وفيه يلخص أحمد زكي قصته وقصة جيل كامل، حيث يقف أمام القضاء مطالبًا بضرورة مساءلة المسؤولين الكبار والوزراء، كما يعترف بكل جرائمه المجتمعية وكونه محاميا انتهازيا، وينطق بكلماته الخالدة:

نص مرافعة أحمد زكي في ضد الحكومة

"أشكر أستاذي وزميلي الدكتور عبدالنور الذي أتاح لي هذه الفرصة لأعلن كل خطاياي أمامكم وعلى الملأ لعلي أتطهر منها، نعم أنا مثال للمحامي الفاسد.. بل أكثر فسادا مما يتصوره أستاذي، أنا ابن لهذه المرحلة والمراحل التي سبقتها، تفتح وعيّ مع التجربة الناصرية، آمنت بها ودافعت عنها فرحت بانتصارتها وتجرعت مرارة هزائمها وانكسارتها، هُنت عندما هان كل شيء، وسقطت كما سقط الجميع في بئر سحيق من اللامبالاة والإحساس بالعجز وقلة الحيلة، أدركت قانون السبيعنيات ولعبت عليه وتفوقت، تاجرت في كل شيء، في القانون والأخلاق والشرف، أنا لا أنكر شيئا ومستعد للحساب وتحمل المسئولية، بل أكثر من ذلك اعترف أمامكم أنني دخلت هذه القضية طامعا في مبلغ تعويض ضخم، لكني اصطدمت بحالة خاصة شديدة الخصوصية، جعلتني أراجع نفسي، أراجع موقفي كله، أراجع حياتي وحياتنا، اصطدمت بالمستقبل..

نعم صبي من الذين حُكم عليهم أن يكونوا ضمن ركاب أتوبيس الموت، رأيت فيه المستقبل الذي يحمل لنا طوق نجاة حقيقي، رأيتنا نسحقه دون أن يهتز لنا جفن، نقتله ونحن متصورون أن هذه هي طبائع الأمور، كان لابد لي أن أقف وأصرخ.. إن هذه جريمة، جريمة كبرى لابد أن يحاسب من تسبب فيها، إنى لا أطلب سوى محاسبة المسؤلين الحقيقيين عن قتل عشرين تلميذا لم يجنوا شيئا سوى أنهم أبناؤنا، أبناء العجز والإهمال والتردي..

كلنا فاسدون.. كلنا فاسدون.. لا أستثنى أحدا.. حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة.. سيدي الرئيس.. كل ما أطالب به أن نصلي جميعا صلاة واحدة، لإله واحد، إله العدل الواحد الأحد القهار، لست صاحب مصلحة خاصة، وليست لي سابق معرفة بالشخوص الذين أطلب مسائلتهم، ولكن لدي علاقة ومصلحة في هذا البلد، لدي مستقبل هنا أريد أن أحميه، أنا لا أدين أحد بشكل مسبق، ولكنى أطالب المسئولين عن هذه الكارثة بالمثول أمام عدالتكم لسؤالهم واستجوابهم، فهل هذا كثير؟ أليسوا بشرا خطائين مثلنا! أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقي البشر! سيدي الرئيس، أنا ومعي المستقبل كله نلوذ بكم، ونلجأ إليكم، فاغيثونا.. اغيثونا.. اغيثونا.. والله الموفق".

موضوعات متعلقة