الطريق
الأربعاء 7 مايو 2025 08:56 صـ 10 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة الطريق
رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس التحريرمحمد رجب

أردوغان يناقض نفسه في الأزمة مع فرنسا.. ويدعي الدفاع عن الإسلام

الدكتور ناصر زهير
الدكتور ناصر زهير

بعدما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طيلة الفترة الماضية، أنه لن يتخلى عن قرار قطع علاقاته الاقتصادية بفرنسا، مدعيا أنه يحاول الرد على السخرية من الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كشفت التطورات والمستجدات الأخيرة أكاذيبه وادعاءاته والتي يهدف من خلالها لتحقيق أطماعه في المنطقة، وأن المقاطعة التركية لفرنسا لم تأتي دفاعا عن الاسلام، إنما بسبب رفض فرنسا للأطماع التركية في البحر المتوسطن وهو ما يكشفه "الطريق" في السطور التالية..  


بداية الأزمة بين تركيا وفرنسا

بدأت الأزمة بين فرنسا وتركيا حينما أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن غضبه الشديد بسبب استمرار عمليات التنقيب التركية عن الغاز في منطقة شرق المتوسط، مؤكدا أن ما يتم ممارسته يعد انتهاكا صارخا للقوانين الدولية، وسوف يؤدي لتفاقم الأوضاع في حلف الناتو.

وتطرق ماكرون للتدخل التركي وإرسالها الميليشيات المسلحة والمرتزقة إلى ليبيا، وتدخل أردوغان في الصراع العسكري بين أرمينيا وأذربيجان، منوها أن ذلك لن يسفر شئ سوى تأجيج الأوضاع أكثر مما هي عليه، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة التصدي لمثل هذه التصرفات واتخاذ اجراءات لردع أردوغان عن ممارساته والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.

اقرأ أيضا: عاجل | فرنسا تستعد لفرض عقوبات على تركيا


أردوغان والصور الساخرة من النبي محمد

لم يتردد رجب طيب أردوغان في استغلال أزمة الصور الساخرة التي نشرتها فرنسا، تحت مزاعم حرية الرأي والتعبير، وتقمص شخصية حامي الإسلام ورافع راية الدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وطالب الشعب بضرورة مقاطعة المنتجات الفرنسية، مشيرا إلى أن القرارات الاقتصادية ضد فرنسا خير رد على الإهانة التي تعمدت فرنسا توجيهها للإسلام.


وأضاف أردوغان أن الرئيس إيمانويل ماكرون تعمد توجيه خطابا معاديا للإسلام والمسلمين، ولا يبالي بمشاعر المسلمين، ما يستوجب التعامل الحاسم معه.

مطالبة بفرض العقوبات

اعتبر الرئيس الفرنسي، أن نظيره التركي رجب طيب أردوغان يتعمد توجيه الإساءة لفرنسا، مهددا بفرض عقوبات صارمة ضد تركيا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تعد ضرورية لردع أردوغان ومنعه من الانتهاكات التي يمارسها في المنطقة، حتى كُشف النقاب عن مخططات تنوي تركيا القيام بها تطرح مزيدا من التساؤلات.

حيث بدأت السلطات التركية في إتخاذ خطوات من أجل تطوير العلاقات التجارية مع فرنسا بعد مرور أيام على مطالبات الرئيس رجب طيب أردوغان بمقاطعة المنتجات الفرنسية.

وكشف موقع "دفريم التركي" عن سعي مجلس العلاقات الاقتصادية الداخلية والخارجية في تركيا، للبحث عن فرص استثمار للقطاع التركي، مع اتباع خطوات من شأنها تطوير العلاقات التجارية مع باريس، في مقدمتها تنظيم مؤتمر لتطوير العلاقات بين البلدين، وسيعقد هذا المؤتمر قريبا، في العاصمة الفرنسية باريس بحضور سفير مجلس الأعمال التركي الفرنسي وثمانية من أعضاء المجلس.

وأشار رئيس الجمعية العامة لمجلس الأعمال التركي الفرنسي، تشاتاي أوزدوجرو، إلى أهمية تطوير العلاقات بين البلدين، مع الوضع في الاعتبار مدى حساسية الأمر القائم على منظور الربح المتبادل بينهما، مؤكدا أنه يجب التوسع في العلاقات التركية الفرنسية المتأصلة منذ 500 عام، والتي تعتمد على أساس المنطق المشترك بين الأتراك والفرنسيين.

اقرأ أيضا: عاجل | الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على تركيا بشأن البحر المتوسط


تصريحات على ورق

وعن أخر المستجدات التي طرأت بين تركيا وفرنسا، قال الدكتور ناصر زهير الكاتب الصحفي وأستاذ الشؤون السياسية والعلاقات الدولية في مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية، إنه من الصعب أن ينفذ أيا من الطرفين التهديدات التي يوجهونها لبعضهم ، مشيرا إلى أن كلا من تركيا وفرنسا يمارسان سياسة التهديد وكل طرف منهم يستخدم أسلحته.

وأضاف "زهير" في تصريحات لـ "الطريق"، أن المشكلة تكمن في أن السجال بين تركيا وفرنسا، حدث بسبب عدة ملفات تراكمت في وقت واحد، وهي: "الرسومات المسيئة التي نشرت عن النبي محمد، وانتهاكات أردوغان في منطقة شرق المتوسط، والتدخل في الأراضي الليبية، وتأجيج الصراع بين أرمينيا وأذربيجان"، موضحا أن هناك عداء شخصي بين رجب طيب أردوغان وإيمانويل ماكرون، وهذا الخلاف من الممكن جدا أن يؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات.

حوار بين فرنسا وتركيا

وأشار الكاتب الصحفي ناصر زهير إلى أن الملفات الخلافية بين أردوغان وماكرون متداخلة مع بعضها، سواء الأزمة في ليبيا أو التدخل التركي في صراع أرمينيا وأذربيجان، وهو ما يتطلب التفكير من البلدين في حل متكامل وحوار طويل الأمد، وذلك غير مطروح حتى هذه اللحظة.

وأكد ناصر زهير، أن فرنسا على يقين من أن تركيا تحاول استغلال قضية الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وخطاب ماكرون لتصفية الحسابات، موضحا أن الصراع بين البلدين بات صراع أوروبي فرنسي تركي، بمعنى أن الأطراف الأوروبية دخلت أيضا على الخط الخلافي بينهما، وتم اتخاذ قرارات حاسمة، فإذا لم تتراجع تركيا عن ممارستها في شرق المتوسط ستفرض عليها العقوبات، وإذا قاطعت أنقرة المنتجات الفرنسية ستحظر البضائع التركية ليس فقط في فرنسا وإنما في عموم أوروبا، فالمفوضية الأوروبية أكدت أن تركيا وقعت على اتفاقية البضاعة الحرة، وإذا لم يتم تسوية الأوضاع في ليبيا بالتأكيد سيحدث صدام بين الطرفين، مؤكدا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو :"إلى أين سيستمر هذا الصراع وما هي النتائج المترتبة عليه؟".

دور الانتخابات الأمريكية

وبحسب أستاذ العلوم السياسية الدكتور ناصر زهير، فإن نتيجة الانتخابات الأمريكية هي التي ستحسم الصراع الحالي بين تركيا ودول أوروبا، موضحا أن فوز جو بايدن، لن يكون في صالح الرئيس التركي، فقد أكد بايدن أكثر من مرة أنه لن يتردد في دعم المعارضة التركية وفرض عقوبات مشددة على تركيا، والسبب أن لديه مشكلات عديدة مع شخص أردوغان نفسه، منوها أنه في حالة اتفاق بايدن مع فرنسا ودول أوروبا، سيزيد ذلك من الضغوط على رجب طيب أردوغان، مما يقلب الموازين. 

اقرأ أيضا: زيارة وزير داخلية الوفاق لمصر.. 4 أسباب أثارت غضب تركيا

واختتم زهير بأن فوز جو بايدن في الانتخابات الأمريكية سوف يفقد رجب طيب أردوغان جميع الفرص التي منحه إياها الرئيس دونالد ترامب طيلة فترة حكمه.