الطريق
السبت 20 أبريل 2024 02:21 مـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

اللحظة الملعونة

حاجات تحزن القلب والعقل، إيه اللي بيحصل في مصر؟! من منا لم يقرأ ولم يسمع ما حدث في عيد الأضحى من جريمتي قتل تقشعر لهم الأبدان، ويحزن لهم أي إنسان؟!

وأحاول أن أنظر إلى هذه الجرائم من منظور مختلف. الجريمة الأولى قتل زوجة لزوجها في مدينة طوخ، المحزن والمؤسف في هذه الجريمة هو طبيعة الزوجين، زوج يتغزل في حب زوجته ويصفها بأجمل الصفات ويعتبرها أعظم شيء في حياته، وزوجة تحب زوجها وتطلب منه ألا يذهب إلى العمل رغبة منها في أن يجلس معها.

القصة كما روتها محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة أن الزوجة كان قد حدث بينها وبين زوجها خلاف قبل الحادث بأيام قليلة، بسبب رغبة الزوجة في أن يشتري الزوج جهازي تكييف، وبعد الخلاف تركت مسكن الزوجية، وبعد أيام ذهب الزوج إلى منزل أسرة زوجته وأحضرها إلى المنزل، واشترى ما طلبت، وبعد تركيب الجهازين بنحو ساعة تقريبا طلبت الزوجة من زوجها ألا يذهب إلى العمل ولكنه أصر على الذهاب، فحدث خلاف ونشبت مشكلة تحولت إلى تطاول بالأيدي بينهما، وفي أثناء ضرب الزوج زوجته أمسكت بسكين وطعنته بها دون أن تقصد قتله، بحسب روايتها، ولكن الطعنة كانت نافذة!

انهارت الزوجة وحاولت إسعاف زوجها بكل الطرق، لكن أمر الله قد نفذ، وبما أنهما يسكنان في منزل عائلة الزوج فقد حضرت أم القتيل، وبعد التأكد من وفاته نامت الزوجة القاتلة جوار الزوج المقتول منهارة، وطلبت من أم زوجها أن تدفنها معه، وأن تسامحها، وأن تربي الأطفال بعد دخولها السجن.
جريمة محزنة بكل ما تحمله من معان، الحزن الأول على الزوج القتيل، الزوج المحب لزوجته، والحزن الثاني على الزوجة القاتلة التي لا تدري فيما قتلت ولما قتلت، والحزن الثالث على أسرتي الزوجين وأبنائهما، والحزن الأكبر والأهم هو الأطفال، أبناء الأب المقتول والأم القاتلة والمسجونة في لحظة أقل وصف لها بأنها لحظة ملعونة!

مات الأب وسجنت الأم وأصبح هؤلاء الأطفال ضحايا بلا أب وبلا أم وبلا سند حنون وبلا مستقبل هل تتخيل بعد أن يكبر هؤلاء الأطفال ستظل تلك الجريمه تلاحقهم سيتذكرون أن أمهم قتلت أباهم سيلاحقهم المجتمع المريض الذي يعاير من لا ذنب له هؤلاء الأطفال هم الضحايا الحقيقيون.

وهنا أتذكر حديثي أنا وصديق صحفي ونحن نتحدث عن هذه الجريمة، قال لي إنه أثناء قيامه بعمل تغطية للسجون داخل مصر وخلال زيارته سجن القناطر للنساء، أخبرني بأن مأمور السجن قال له بالحرف إن الفرق بين داخل هذا السجن وخارجه شعرة، إنها اللحظة الملعونة، جريمة محزنة بكل ما فيها، فلا تدري على من تحزن، الزوج المحب أم الزوجة المحبة التي لا تدري فيما قتلت ولما قتلت، أم الأبناء!  

الكل هنا ضحايا، الأب والأم والأبناء، وهنا أقول احذروا هذه اللحظة الملعونة، احذروا الشيطان، احذروا أنفسكم من التهلكة.

الجريمة الثانية حدثت في المنصورة، طبييب أسنان ومعيد بإحدى الجامعات الخاصة يقتل زوجته ويطعنها ١١ طعنة!

كارثة بكل المعايير، حينما تحدث هذه الجريمهغ من أشخاص بهذا العلم، بل قمة العلم، الزوج القاتل يدرس الطب في كلية الطب والزوجة المقتولة طبيب، والسبب كما روت محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة، أن الزوج يبخل على زوجته وأسرته.

وبسبب أن الزوج قرأ في مفكرة زوجته اليومية اتهامها له بالبخل والتقصير في متطلبات المنزل والاسرة، اشتعلت الدنيا ولم تقعد عند الزوج وانتهى الأمر بطعن زوجته!

لقد تحول الزوج من طبيب يعالج الجروح إلى قاتل بلا رحمة، وحينما رأينا صورة الزوجة وسمعنا من شهادة المقربين أنها كانت تحب زوجها ولا تفشي ما كان يحدث بينهما، وحينما شاهدنا صورة الزوجة المقتولة التي تطل من وجهها السماحة وحسن الخلق، تأكدنا أنها ليست جريمة قتل، إنها كارثة بكل المعايير، حينما يكون أصحابها بهذا التعليم والمستوى الاجتماعي، إنها اللحظة الملعونة، إنه الشيطان!

فاحذروا تلك اللحظة وهذا الشيطان، والضحايا الأهم هنا أيضا هم الأبناء، ثلاثة أطفال بعد أن كانوا غدا سيفتخرون بأن الأب طبيب مرموق والأم طبيبة مرموقة، أصبح الأب قاتلا والأم مقتولة، وهنا أذكركم بقوله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) وقوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).

موضوعات متعلقة