الطريق
الأحد 28 أبريل 2024 07:09 صـ 19 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

سبيل «أم محمد علي الصغير» تاريخ للإيجار.. الأثر تحول إلى محال تجارية وغرف للسكن

سبيل أم محمد علي الصغير
سبيل أم محمد علي الصغير

حددتُ وصديقي "فنان تشكيلي" موعدًا ألتقيه فيه بميدان رمسيس، وعند الموعد المُحدد وصلتُ هناك، فوجدته يتفحص مبني أثري مجاور للميدان وهو في حالة إندهاش من روعة المبنى وبادرني قائلًا: إن تفاصيل هذا المبنى "سبيل أم محمد علي الصغير"، من زخارف ونقوش يدوية لا تقدر بثمن.

ورغم هذا فقد دب فيه الإهمال إلى أن تحولت أسواره إلى مقلب قمامة، وتحولت غرفه لمحال تجارية وغرف سكنية بالإيجار تحت عين ونظر وزارتي الأوقاف والآثار، هذا الموقف كان دافعي الأول للبحث عن تاريخ وحاضر هذا المبنى العريق.

من هي أم محمد علي الصغير

أم محمد علي الصغير، هي زيبة خديجة قادين أنجبت ابنها محمد علي الصغير من والي مصر محمد علي باشا، وقد توفي ولدها وهو ما يزالُ بعدُ صغيرًا في عام 1861، فحولت تلك الدار إلى سبيل "يُستقى منه الماء" و"كُتاب" يُعلم الأطفال القرآن، كصدقة جارية على روح ابنها، ووفق كتاب "معالم مصر الحديثة والمعاصرة" للدكتور محمود عباس فقد صمم المبني المعماري الإيطالي "تشيرو بنتانيللي".

كان لابد لنا في بداية رحلة البحث عن هوية المبنى وعلى أي جهة تقع مسئولية إدارته، أن نتجه نحو وزارة الآثار (بحي الزمالك) ونسأل مسئولي تسجيل الآثار سؤالنا الأهم عن تسجيل المبنى كأثر.

فوجدنا السبيل مُسجل كأثر بالفعل تحت رقم (642)، وقد تم تسجيله رسميًا بتاريخ 9-1-1952 م.

وبسؤالنا عن الجهة المنوطة قبل وزارة الآثار بإدارة السبيل، قال خبير الآثار الإسلامية الدكتور مختار الكسباني مستشار أمين عام المجلس الأعلى للآثار لـ"لطريق" أن جميع الآثار الإسلامية قبل إنشاء وزارة الآثار كانت ترجع إدارتها ومواردها إلى وزارة الأوقاف.

وبعد هذه الإجابة توجهنا لميدان رمسيس حيث السبيل، واستطعنا التواصل مع "ح . أ" أحد مُستأجري غرف المبنى بغرض المعيشة وسألناه ممن إستأجر غرفته في السبيل؟.

أخبرنا أنه استأجرها من المُستأجر الذي تعاقد مع وزارة الأوقــاف وكان يدفع له مبلغ 500 جنيه شهريًا.

وبسؤالنا مالك أحد المحال الشهيرة المجاورة للسبيل "رفض ذكر إسمه"، عن المحال التجارية التي أُفتتحت في السبيل، أخبرنا أن الذي استأجر المبنى بالكامل من وزارة الأوقاف، هو أحد تجار شـارع الجمهورية ويُدعى (هـ . ن) بمبـلغ 300 ألف جنيه سنويًا، مقابل استغلال الطابقين كمحال ومخازن وغرف سكنية، قبل ذلك كانت الأوقاف قد أجرته كمخازن لجريدة الجمهورية ثم إلى أحد تجار وكالة البلح (وتم تأكيد المعلومة من الدكتور مختار الكسباني).

حريق سبيل «أم محمد علي»

وكان السبيل قد تعرض لتلفيات كبيرة جراء التعامل مع مكوناته بشكل عشوائي وتعرضه لسرقات متعددة، كسرقة بعض الزخارف النُحاسية من منافذه أو تهشُم العديد من الأخشاب العتيقة التي تُزين مشربياته الأثرية، وطلاء بعض مُستأجري إحدى الغرف الأخشاب الأثرية بـ"لاكيه" يُتلف الأخشاب ويخرجها من قيمتها كأثر.

وفي صيف 2018 بالتحديد في 5 يوينو، استيقظ سكان ميدان رمسيس على حريق هائل بأحد الفنادق الملاصقة لمبنى السبيل من الجهة الخلفية، وقد امتد الحريق إلى السبيل وألحق به خسائر كبيرة، وقد انهار جزء منه جراء الحريق، وأكد "للطريق" خبير الآثار الدكتور مختار الكسباني، أنها خسائر لا يمكن تعويضها.

وعلى إثر هذا الحريق أصدر المجلس الأعلى للأثار، قرارًا برقم 3446 بإخلاء المبنى، وفي 25 نوفمبر 2020، توجه بعض مسئولي الآثار، وتنفيذين من حي الأزبكية، وإداري وزارة الأوقاف، وتم الإخلاء الفعلي لمبنى السبيل وتسليم المبنى بمحضر عمل رسمي لوزارة الأوقاف، ثم نُقلت تبعيته لوزارة الآثار، وتم إغلاق المبنى بالكامل حتى الأن، ولم تتم أي أعمال صيانة أو ترميم للسبيل حتى تاريخه.

اقرأ أيضًا: المآذن العالية .. خطة حرب وهُوية أُمة

موضوعات متعلقة