الطريق
السبت 18 مايو 2024 12:18 مـ 10 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

عاجل… «الإيكونوميست» تسلط الضوء على تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا عقب انتهاء الحرب

أرشيفية
أرشيفية

• يتوقع بعض الباحثين من "مركز أبحاث السياسة الاقتصادية" في أوكرانيا أن التكلفة الإجمالية لإعادة بناء أوكرانيا تتراوح بين 200 و500 مليار يورو (220 إلى 540 مليار دولار).

• يقدر معهد "فيينا" للدراسات الاقتصادية الدولية، أن المناطق المتضررة تشكل معًا حوالي 29 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا.

• إصلاح المؤسسات في أوكرانيا يحتاج إلى إرادة سياسية قوية، وكلما طال أمد الحرب، زاد الضرر الذي سيلحق بالبلاد، ومع ذلك، يمكن أن يضمن التخطيط الدقيق على الأقل، مستقبلًا أكثر إشراقًا وثراءً.

نشرت مجلة الإيكونومست تقريرا سلط الضوء على التكلفة التي يتوقعها الخبراء الاقتصاديون لإعادة إعمار أوكرانيا بعد انتهاء الأزمة مع روسيا.

وفي هذا الصدد، تطرق التقرير إلى أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تم تقسيم ألمانيا إلى شرقية وغربية، سيطرت القوات الروسية على ألمانيا الشرقية، فيما سيطر الغرب على ألمانيا الغربية، وآنذاك، قدمت الولايات المتحدة "مشروع مارشال" لإعادة تعمير أوروبا، وحدثت المعجزة الاقتصادية، ومعها تعافي الاقتصاد الألماني بسرعة فائقة.

وأوضح التقرير أن إعادة بناء أوكرانيا ستكون مهمة ضخمة؛ حيث أدى الصراع بين الأطراف المتحاربة إلى تدمير المنازل، والجسور، والمستشفيات، والمواني، ومع غياب أي مؤشرات على اقتراب انتهاء الأزمة، من المتوقع أن يتفاقم حجم الدمار وفي الوقت الحالي، تسعى الحكومة في أوكرانيا والخبراء الاقتصاديون إلى تقييم حجم الضرر، ودراسة السياسات التي وضعتها بعض الدول (مثل: ألمانيا) لإعادة الإعمار وإدارة التعافي.

وأشار بعض الباحثين من "مركز أبحاث السياسة الاقتصادية" في أوكرانيا، إلى أن التكلفة الإجمالية لإعادة بناء أوكرانيا تتراوح بين 200 و 500 مليار يورو (220 إلى 540 مليار دولار)، بما يتماشى مع حسابات الحكومة حتى الآن، موضحين أن وضع خطة دقيقة لإعادة الإعمار وتحديد النفقات، سيساهم في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة على المدى القصير.

ويقدر معهد "فيينا" للدراسات الاقتصادية الدولية، أن المناطق المتضررة تشكل معًا حوالي 29 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا، كما أظهر مسح أجراه البنك المركزي الأوكراني، أن 30 % من الشركات في معظم المدن الأوكرانية المختلفة توقفت تمامًا عن الإنتاج، فيما خفضت 45% أخرى إنتاجها، ويتوقع البنك الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في البلاد بنسبة 45% هذا العام.

وفي هذا الإطار، تحاول الحكومة الحد من حجم الأضرار التي وقعت عليها، وقامت بتوزيع المساعدات الخارجية بما يحافظ على بقاء الاقتصاد متماسكًا، حيث قدمت 20 مليار هريفنا أوكرانية (675 مليون دولار أمريكي) للمزارعين حتى يتمكنوا من مواصلة العمل في حقولهم، كما خصصت بعض المساعدات للقطاع الصناعي، ومع قيام روسيا بإغلاق طريق التصدير الرئيس لأوكرانيا عبر البحر الأسود، تعمل الحكومة مع الاتحاد الأوروبي لتسهيل التجارة البرية، حيث تنقل حوالي 80% من صادراتها عن طريق بعض دول الاتحاد.

وأكد التقرير أن إصلاح البلاد سيتطلب بعض المهام المتمثلة في إزالة الألغام وتطهير المناطق المتضررة منها، وقدرت وزارة الدفاع الأوكرانية تكلفة إزالة الألغام من منطقة "دونباس" التي حاولت روسيا السيطرة عليها عام 2014، بنحو 650 مليار يورو (706 مليارات دولار أمريكي)، وفي هذا السياق، لفت التقرير الانتباه إلى أن إزالة الألغام في موزمبيق ساعدت في رفع معدلات النمو الاقتصادي، حيث كلف نزع الألغام نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي على مدي عقدين، لكن ذلك ساهم في استغلال البلاد للموارد الطبيعية واستصلاح بعض الأراضي الأخرى للزراعة.

وفيما يتعلق بالغذاء والمأوى، ذكر المقال أن أوكرانيا دولة منتجة للحبوب، لذا من المحتمل أن تتمكن البلاد من توفير الطعام لكل المواطنين، كما أظهر برامج تعقب أعدته كلية "كييف" للاقتصاد أن قيمة المساكن التي دمرت تقدر بحوالي 29 مليار دولار، حيث فر نحو 7.1 ملايين شخص من البلاد، لذا ستكون تكلفة توفير منازل وإعادة النازحين مرتفعة.

وعلى صعيد البنية التحتية، تطرقت مدرسة "كييف" إلى أن تكلفة محطات الطاقة والمصانع والجسور والطرق التي دمرت تجاوزت 50 مليار دولار حتى الآن، وأوضح معهد "فيينا" أن البنية التحتية في أوكرانيا تعاني من نقص الصيانة وقلة الاستثمار منذ عام 2014، وتقدر الحكومة الأوكرانية تكلفة صيانة وإصلاح البنية التحتية بحوالي 119 مليار دولار.

وأفاد التقرير أن إعادة الإعمار ستتطلب خطة لتخصيص الأموال لصالح المشروعات بما يدعم بقاء التعافي الاقتصادي، حيث أنشأت الحكومة الأوكرانية صندوقًا للتعافي، كما تقدم الوزارات مقترحات بشأن الإصلاحات المطلوبة، وذكرت وزارة المالية أن حجم العائدات التي خسرتها البلاد بلغ نحو مليار دولار شهريًّا، ويأتي ذلك في وقت أصبحت فيه البلاد غير قادرة على سداد القروض أو الاقتراض، ما يعني أنها بحاجة إلى الإعفاء من الديون وقبول المنح.

واقترح بعض المسؤولين في أوكرانيا على الاتحاد الأوروبي، أن يتم تمويل إعادة الإعمار من الأموال الروسية المجمدة، كجزء من التسوية السلمية مع روسيا، لكن الاتحاد لم يتخذ قرارًا في ذلك الشأن بعد، ومن غير المحتمل أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتمويل أوكرانيا في الوقت الحالي؛ نظرًا لأن الاتحاد الأوروبي ما يزال يقدم منح الإعانة من جائحة "كورونا".

وفي المقابل، يمكن أن يقدم البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير قروض مدعومة للشركات الخاصة، حيث استثمر البنك في أوكرانيا ما يقرب من 18 مليار دولار على مدار السنوات الماضية.

وتابع التقرير أن المرحلة الأخيرة من إعادة البناء يجب أن تكون بهدف دعم النمو الاقتصادي، حيث بلغ الناتج المحلي للفرد في أوكرانيا عام 2019، أقل مما كان عليه عندما كانت البلاد أحد جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، كما أن عددًا كبيرًا من الشركات في أوكرانيا يحقق خسائر كبيرة حتى قبل الحرب، وقد حث صندوق النقد الدولي منذ فترة طويلة الحكومة على تعزيز إطارها لمكافحة الفساد وسيادة القانون.

وتطرق التقرير إلى أن نجاح عمليات إعادة البناء في بعض الدول الأوروبية يرجع إلى التكامل مع أوروبا، مثلما حدث مع ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك يُعزا النمو السريع في بولندا إلى انضمامها للاتحاد، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 8% بعد انضمامها بخمس سنوات.

وفي هذا السياق، يوضح التقرير أن أوكرانيا أيضًا شهدت نموًا اقتصاديًّا، حينما انضمت إلى الغرب، حيث ارتفعت حصة صادراتها حوالي 30% في عام 2014 إلى 26% في عام 2020، بينما انخفضت الحصة المتجهة إلى روسيا من 18٪ إلى 5.5٪ خلال الفترة نفسها، لذا فإن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي سيعود بالنفع عليها في نهاية المطاف وسيساعدها على تحقيق النمو الاقتصادي بشكل أسرع.

ختامًا، يشير التقرير إلى أن إصلاح المؤسسات الراسخة يحتاج إلى إرادة سياسية قوية وكلما طال أمد الحرب، زاد الضرر الذي سيلحق بأوكرانيا وأصبحت مهمة إعادة الإعمار أكثر صعوبة، ومع ذلك، يمكن أن يضمن التخطيط الدقيق على الأقل، مستقبلًا أكثر إشراقًا وثراءً للبلاد.

اقرأ أيضا: «بلومبرج»: قلق أمريكي بسبب موقف الهند الحيادي تجاه أوكرانيا