الطريق
الجمعة 29 مارس 2024 07:37 صـ 19 رمضان 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
تحرير سعر الصرف وتأثيره على سوق العقارات.. جمعية رجال الأعمال: تكلفة الوحدات السكنية الجديدة سترتفع مصر والأموال الساخنة.. فرص استثمارية وتحديات اقتصادية في مواجهة الحكومة عضو المجلس القومي للمرأة في حوار لـ«الطريق»: المرأة شهدت العصر الذهبي في عهد الرئيس السيسي مصر أول دولة في العالم تضع استراتيجية... سيدات الأهلي يحققن الثنائية المحلية للموسم الثاني على التوالي ”الحشاشين”.. مسلسل يكشف استخدام الإخوان لمفاهيم السمع والطاعة المطلقة 6 جنيهات.. حملة لتثبيت سعر تعريفة التوك توك داخل سمالوط رئيس الوزراء يؤكد ضرورة وضع أجندة تنفيذية لمخرجات المرحلة الأولى للحوار الوطني رسالة جديدة من نتنياهو لعائلات المحتجزين البترول تسدد 30 مليون دولار جزء من مستحقات شركة كابريكورن إنرجي مصرع شاب على يد آخر في مشاجرة بالمنيا مواد غذائية شائعة يحظر تناولها أثناء تفاقم التهاب المعدة جي بي مورجان يتوقع ارتفاع برميل النفط إلى 100 دولار بسبب روسيا

هل مناسك الحج وثنية؟ الدكتور مصطفى محمود يجيب

قال صاحبي وهو يبتسم ابتسامة خبيثة: ألا تلاحظ معي أن مناسك الحج عندكم هي وثنية صريحة؟ ذلك البناء الحجري الذي تسمونه الكعبة وتتمسّحون به وتطوفون حوله، ورجم الشيطان والهرولة بين الصفا والمروة وتقبيل الحجر الأسود وحكاية السبع طوفات والسبع رجمات والسبع هرولات، وهي بقايا من خرافة الأرقام الطلسمية في الشعوذات القديمة.. وثوب الإحرام الذي تلبسونه على اللحم، لا تؤاخذني إذا كنت أجرحك بهذه الصراحة ولكن لا حياء في العلم.

قلتُ في هدوء:

ألا تلاحظ معي أنت أيضًا أن في قوانين المادة التي درستها

أن الأصغر يطوف حول الأكبر.. الإلكترون في الذرّة يدور حول النواة

والقمر حول الأرض والأرض حول الشمس والشمس حول المجرّة

والمجرّة حول مجرّة أكبر.. إلى أن نصل إلى الأكبر مطلقًا وهو الله

ألا نقول الله أكبر؟ أي أكبر من كل شيء

وأنت الآن تطوف حوله ضمن مجموعتك الشمسية رغم أنفك ولا تملك إلا أن تطوف

فلا شيء ثابت في الكون إلا الله

هو الصّمد الصامد الساكن والكل في حركة حوله

وهذا هو قانون الأصغر والأكبر الذي تعلمته في الفيزياء

أما نحن فنطوف باختيارنا حول بيت الله، وهو أول بيت اتَّخذه الإنسان لعبادة الله فأصبح من ذلك التاريخ السحيق رمزًا وبيتًا لله، ألا تطوفون أنتم حول رجل محنّط في الكرملين تعظِّمونه وتقولون أنه أفاد البشرية؟

ولو عرفتم لشكسبير قبرًا لتسابقتم إلى زيارته بأكثر مما نتسابق إلى زيارة محمد عليه الصلاة والسلام؟

ألا تضعون باقة ورد على نصب حجري وتقولون إنه يرمز للجندي المجهول؟

فلماذا تلوموننا لأننا نلقي حجرًا على نصب رمزي نقول إنه يرمز إلى الشيطان؟

ألا تعيش في هرولة من ميلادك إلى موتك

ثم بعد موتك يبدأ ابنك الهرولة من جديد؟

وهي نفس الرحلة الرمزية.

من الصفا، الصفاء أو الخواء أو الفراغ رمز للعدم

إلى المروة، وهي النبع الذي يرمز إلى الحياة والوجود

من العدم إلى الوجود ثم من الوجود إلى العدم

أليست هذه هي الحركة البندولية لكل المخلوقات؟

ألا ترى في مناسك الحج تلخيصًا رمزيًا عميقًا لكل هذه الأسرار؟

أما عن رقم 7 الذي تسخر منه..

دعني أسألك ما السر في أن درجات السلم الموسيقي 7

صول لا سي دو ري مي فا، ثم بعد المقام السابع يأتي جواب الصول من جديد

فلا نجد 8 وإنما نعود إلى سبع درجات أخرى وهلمّ جرّا.

وكذلك درجات الطيف الضوئي 7، وكذلك تدور الإلكترونات حول نواة الذرّة في نطاقات 7، والجنين لا يكتمل إلا في الشهر 7، وإذا ولد قبل ذلك يموت، وأيام الأسبوع 7

ألا يدل ذلك على شيء؟

أم أن كل هذه العلوم هي الأخرى شعوذات طلسمية؟

ألا تقبّل خطابًا من حبيبتك؟ هل أنت وثني؟

فلماذا تلومنا إذا قبّلنا ذلك الحجر الأسود

الذي حمله نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في ثوبه وقبّله؟

لا وثنية في ذلك بالمرة

لأننا لا نتجه بمناسك العبادة نحو الحجارة ذاتها، وإنما نحو المعاني العميقة والرموز والذكريات

إن مناسك الحج هي عدّة مناسبات لتحريك الفكر وبعث المشاعر وإثارة التقوى في القلب

أما ثوب الإحرام الذي نلبسه على اللحم ونشترط ألا يكون مخيطًا فهو رمز للخروج من زينة الدنيا وللتجرد التام أمام حضرة الخالق تمامًا كما نأتي إلى الدنيا في اللفة

ونخرج من الدنيا في لفة وندخل القبر في لفة

ألا تشترطون أنتم لبس البدل الرسمية لمقابلة الملك؟

ونحن نقول إنه لا شيء يليق بجلالة الله إلا التجرّد وخلع جميع الزينة لأنه أعظم من جميع الملوك، ولأنه لا يصلح في الوقفة أمامه إلا التواضع التام والتجرد، ولأن هذا الثوب البسيط الذي يلبسه الغني والفقير والمهراجا والمليونير أمام الله فيه معنى آخر للأخوة رغم تفاوت المراتب والثروات...

والحج عندنا اجتماع عظيم ومؤتمر سنوي ومثله صلاة الجمعة وهي المؤتمر الصغير الذي نلتقي فيه كل أسبوع. هي كلها معانٍ جميلة لمن يفكّر ويتأمل وهي أبعد ما تكون عن الوثنية

ولو وقفتَ معي في عرفة بين عدة ملايين يقولون (الله أكبر) ويتلون القرآن بأكثر من عشرين لغة ويهتفون (لبيك اللهم لبيك) ويبكون ويذوبون شوقًا وحبًا لبكيت أنت أيضًا دون أن تدري وتذوب في الجمع الغفير من الخلق وأحسست بذلك الفناء والخشوع أمام الإله العظيم...

د. مصطفى محمود – من كتاب حوار مع صديقي الملحد

اقرأ أيضًا: ”الله والإنسان”.. كيف ألحد الدكتور مصطفى محمود على سجادة صلاة؟

موضوعات متعلقة