الطريق
الجمعة 26 أبريل 2024 05:30 صـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

آليات مواجهة الجمهورية الجديدة لآثار التغير المناخي «التعليم نموذجًا»

د/ عصام محمد عبد القادر
د/ عصام محمد عبد القادر

تستضيف الجمهورية الجديدة الدورة القادمة (COP27) نيابة عن القارة الإفريقية، ومن ثم تعقد مؤتمراً في مدينة شرم الشيخ نوفمبر المقبل في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر، ويسعى توجه الجمهورية الجديدة لأن يكون المؤتمر إجرائياً في نتائجه لمواجهة التحديات المتزايدة لآثار التغير المناخي.
وحري بالذكر أن العوامل التي تحدث التغيرات المناخية متعددة؛ فمنها التغيرات الفلكية، والمعروفة بحركة دوران الأرض حول الشمس، ومن ثم توزيع الأشعة الشمسية على الأرض ومناخها، وهناك التغيرات الجيولوجية مثل البراكين والحرائق، ثم يأتي دور العوامل البشرية المتسببة في حدوث التغيرات المناخية وفي مقدمتها التصنيع وإزالة الغابات وتغيير المعالم الطبيعية من خلال العديد من الممارسات ومنها بناء السدود واستخراج المعادن، كما تنامى التلوث الحراري الناتج عن استخدام الحرارة في تبريد محطات إنتاج الطاقة ومخلفات المفاعلات النووية والتي تمتد آثارها لفترات طويلة، علاوة على التركيبات السكانية الكثيفة التي تكتظ بها كثير من مدن العالم والتي ينتج عنها تلوث ضوضائي وكيميائي.

ويشكل التغير المناخي حجر عثرة في عصر الثورات الصناعية؛ إذ يعد من المهددات التي تواجه العالم بأسره، وعليه فقد تعالت الدعوات بعقد قمم ومؤتمرات عالمية تستهدف وضع إجراءات علاجية واحترازية لمواجهة التغيرات المناخية وآليات تعمل على خفض الوضع البيئي المتدهور على الأرض، ولا ريب فإن هناك ضرورة ملحة لتبني استراتيجيات وبرامج تتمخض عن سياسات واضحة لدول العالم أجمع تستهدف خفض حدة التغيرات المناخية وتقليل آثارها في البلدان الأكثر تأثراً بها، وهذا ما شغل أجندة الجمهورية الجديدة؛ حيث تسعى بفضل قيادتها الرشيدة إلى النهضة والبناء بشعار تلبية متطلبات الحاضر والنظر إلى مستقبل مشرق للعالم بأسره.

ويعد تنمية مستوى وعي الفرد بآثار التغير المناخي وآليات مواجهته من المؤشرات التي يمكن في ضوئها التنبؤ بالسلوك البيئي، مما ينعكس إيجابياً على البيئة، بصورة فردية أو جماعية تساعد في علاج أو حل قضايا ومشكلات بيئية، ومن هنا يمكن الإقرار بأن تكوين الوعي الصحيح تجاه قضية التغير المناخي تحتاج لجهود متواصلة وإجرائية عبر مناهج تعليمية وتحت رعاية مؤسسية تربوية، تبدء من صياغة محتوى هذه المناهج وأهدافها وأنشطتها وأدواتها، وسيناريوهات تخطيط وتنفيذ وتقويم موضوعاتها التعليمية وفق الأسس العلمية والتربوية؛ ليؤدي بالضرورة لتكوين وعي سليم تجاه البيئة، بل ويضع الفرد في قلب المسؤولية نحو حمايتها وتنميتها والبعد عن المخاطر المحيطة بها؛ لذا باتت الشراكة واضحة بين مؤسسات تعليمية ترعاها الدولة وبين مجتمع يسهم في بنائها ومؤسسات مجتمعية توليها اهتمام بالغ، ومن ثم توظيف مناهج تعليمية تحمل في مكنونها بصورة صريحة قضية تنمية وعي الفرد بآثار التغير المناخي، وكيف له أن يساهم في مواجهتها؛ ليحيا حياة كريمة خالية من المنغصات والتوتر والأمراض مجهولة الأسباب والمعلومة منها.
وتولي الجمهورية الجديدة قضية التغير المناخي أهمية في برامجها؛ حيث تسعى القيادة السياسية الرشيدة لوضع برامج ذات فعالية تسهم في الحد من آثار التغير المناخي؛ لذا فإن تربية أولادنا في مراحل التعليم المختلفة على الوعي بقضايا وآثار التغير المناخي يعد من أولويات المؤسسات التعليمية؛ فتضع في برامجها الأهداف وما يترجمها من أنشطة مقصودة وغير مقصودة لزيادة الوعي بمستوياته الثلاثة لديهم.


ويتضمن الوعي لدى الفرد الجانب المعرفي؛ حيث الحفظ والفهم والإدراك، كما يتضمن الجانب السلوكي لديه؛ حيث تطبيقه العملي لما حفظه وفهمه وأدركه من معرفة، كما يشمل الجانب الوجداني متمثلاً في قبول ما تم حفظه وفهمه وإدراكه من المعرفة والأداء، كما أن الوعي يتم تكوينه عبر مراحل العمر التربوي في مختلف مراحل التعليم؛ لذا فإن دعم وتوجيه السلوك في الاتجاه المرغوب فيه أصبح هدفاً ملحاً في مسار العملية التعليمية كلها، وهذا ما يؤكد عليه دوماً فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي من ضرورة توطيد الوعي الصحيح لدى جموع ثروات مصر البشرية.


ولنا أن ندرك بأن الوعي يتشكل لدى الفرد بغض النظر عن المستوى الثقافي له في ضوء عامل مهم وفعال، وهو معرفته بالأحداث الجارية والوقائع اليومية المحيطة به؛ لكن ليس كل ما يحيط بالفرد على دراية تامة بتفاصيله؛ وقد يرجع ذلك لكثرة الأحداث وتفاصيلها، ومن ثم ينبغي تنمية الوعي بآثار التغير المناخي وآليات مواجهته، وينظر إلى الوعي بأنه مقدرة الفرد على إصدار أحكام قيمة على الأحداث والأشياء والسلوكيات؛ ليقبلها أو يرفضها استنادا على قيم أخلاقية تعد معياراً حاكماً، وهذا يرتبط بشعور الفرد بالمسؤولية تجاه نفسه والآخرين، ويؤصل لديه قناعة الشراكة في إحداث تغيير في الاتجاه الذي يؤمن به، وتلك هي ممارسات الجمهورية الجديدة في تشكيل وعي منتسبيها.


وهناك ضرورة للدمج بين أبعاد التنمية المستدامة وقضاياها المتعددة والمتنوعة في المناهج التعليمية؛ حيث تنمية الوعي بمكنون قضاياها التي تؤخذ الصبغة العالمية؛ إذ تؤكد على سلامة البيئة وإعمارها بالطرائق التي تتسق مع حمايتها من التجاوزات التي يصعب حصرها في ظل ثورات صناعية متتابعة؛ لذا يتوجب صياغة المناهج التعليمية التي تسعى مفرداتها لتنمية الوعي بآثار التغير المناخي ومن ثم التوصل لآليات المواجهة وفق ضوء أبعاد التنمية المستدامة التي تتبناها الجمهورية الجديدة في خطتها الاستراتيجية.

وبالنظر إلى أهداف التنمية المستدامة يتضح تركيزها على البيئة والاهتمام بقضاياها المختلفة؛ لذا فقد كان لقضية التغير المناخي الاهتمام الأكبر؛ لارتباطه بحياة بني البشر الآنية والمستقبلية؛ ومن ثم تعد المناهج التعليمية بالمؤسسة التعليمية بمثابة الضمانة الرئيسة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ حيث استيعاب ما يرتبط بتغير المناخ والتكيف معه والتخفيف من وطأته، فعبر أنشطتها يتم إنضاج الوعي بشأن هذه التغيرات، والتي تؤثر في استدامة الأرض وما تحويه من مقدرات، وحمايتها من عوامل الخطورة التي تفرزها التغيرات المناخية؛ فلنا أن ندرك درجة الارتباط بين أنشطة المناهج التعليمية وما قد تحدثه من تنمية للوعي بآثار التغير المناخي بجمهوريتنا الجديدة.


وفق الرحمن قيادتنا السياسية الرشيدة وسدد خطاها لما فيه الخير للعالم بأسره، وتحيا مصر مستقرة ناهضة شامخة رائدة.

موضوعات متعلقة