الطريق
الأحد 5 مايو 2024 01:03 مـ 26 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

محمد هلوان بكتب: منطلقات بناء أسرة حقيقية.. وليست مادية

محمد هلوان
محمد هلوان

متطلبات الزاوج كثيرة، منها ما هو مادي وما هو معنوي، فلنترك المادي لأنه على الرغم من كونه سبب رئيسي للمشاكل الحالية، والذي يحتاج إلى دراسات وقراءات للواقع أكبر من أن يستوعبها مقالنا ههنا، فلننجرف نحو الجانب المعنوي لأنه في رأيي وقد يتفق مع البعض أهم من المادي بكثير.

الزواج يحتاج إلى أركان معنوية، في اختيار الشريك والأهل المستقبليين، يجب أن تختار –أنت أو أنتِ – بناء على التربية، ينبغي أن تكون سوية، وعوامل الشخصية السوية ترتكز على ثلاث محاور، هما الأسرة والمجتمع والمعيار الداخلي الإنساني، الأسرة كأحد ركزائز تكوين الشخصية السوية في الطفولة، وما تؤثر عليه في بناء شخصية صالحة للتعامل على المدى الطويل، بعيدا عن العُقد النفسية والاضطرابات المتوارية التي ستظهر في أقرب فرصة سانحة لإعادة ظهورها على الساحة من جديد.

الركن الثاني لا يقل أهمية عن بقية الأركان، وقد يكون مفروض على الشخص أو الأسرة التي قد تناسبهم يوما ما، فعلى الرغم من أهميته إلا أن الأسرة تستطيع أن تحافظ على تكوينها الثقافي في ظل وجودها في بيئة مختلفة تماما عما نشأوا عليه، لذا ترى بعض الأسر في طور الانعزال على الرغم من سكنها في منطقة شعبية أو محفوفة بالمخاطر نسبيا، ولكن هذا لا يمنع تماما وجود روافد ثقافية مختلفة تنسرب إلى داخل المنزل بأكثر من شكل كان، إما من التعامل أو الاحتكاك نتيجة للظروف العامة والاعتيادية للحياة، وإما من خلال الإنترنت الذي توغل بداخل كل بيت وأصبح له السيطرة على تغيير القيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية وغيرها الكثير.

أما الركن الأهم في وجهة نظري ويعتبر الأصعب فهو قائم على المعيار الذاتي في انتقاء الثقافات المختلفة وتنقيحها بما يتلائم مع قيم الإنسان الداخلية، فمحافظة الإنسان على نفسه في ظل وجود تذبذب للقيم في المجتمع – أقصد به المجتمع العام ككل وليس مجتمع بعينه – هو الاختبار الحقيقي، والنجاح الوحيد الذي يستحق الإشادة به ومحاولة إبرازه بداخل المجتمع ليتم الاحتزاء به.

يحتاج الموضوع لطرحه وجهة نظر سيكولوجية وفيسيولوجية متعمقة ومتخصصة، مما قد يطرح تساؤل مهم، أين دور الباحثين في هذا الصدد؟ فينبغي إبراز دورهم بشكل مباشر أو غير مباشر، على الأقل لإعادة مسار الشخصية المصرية لما كانت عليه قبل عقود، في ظل وجود قيم داخلية تحكم المرء في انفعالاته وإجراءاته اليومية مع مختلف الشخصيات التي يتعامل معها.

ولكن تبيسط للموضوع وتسهيلاً للفكرة، فإن المعيار الداخلي ينبغي أن يضعه الفرد نفسه، لأنه سيحاسب عليه وحده، فهو المسئول أمام نفسه قبل الآخرين عما يصدر منه، هذا المعيار ينبغي زرعه في نفوس الأجيال القادمة، احترازا من التغييرات القادمة مستقبلاً، والتي ستعلي شأن المادة التي ذكرناها في أول المقال عن الجانب المعنوي، حتى قد يتلاشى الجانب المعنوي تماما.

فالزواج علاقة نفسية قبل أن تكون علاقة بيع وشراء، علاقة ود وتعامل ورحمة في كل الأعراف والأديان، ولكن مادية العصر الحالي والمستقبلي تنذر بتحوله لنظام روتيني مادي مصمت، يقتل روح الإنسان ويدمره داخليا، ولأن الإنسان هو وحدة الأسرة والمجتمع والدولة والعالم فينبغي الاهتمام به أولاً قبل الأشياء الأخرى التي حقيقة لا قيمة لها، فإن الإنسان هو ما يبقى.

أقرأ أيضا: في قانون العلاقات.. الأسوياء هم العلاقة الحقيقية الوحيدة