الطريق
الخميس 9 مايو 2024 09:05 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

رؤية تربوية لمنظومة التعليم الغائب والغالب

 أ. د. علي عبد المنعم حسين
 أ. د. علي عبد المنعم حسين

الحكم على المناهج الحالية وجودتها من قبل طرف واحد مهموم فقط بتحصيل أبنائه، والحصول على درجات مرتفعة في ظل مناهج تقليدية معروفة ومألوفة، لم يعد من المقبول تربويا، ولعل رؤية أولياء الأمور قد ينتابها بعض القصور لأن الحكم على جودة المناهج من عدمه وتحقيقها للنواتج التربوية المستهدفة في ضوء رؤية الدولة في بناء إنسان جديد لمجتمع جديد لا بد وأن تكون خاضعة لعدة معايير، منها نتائج التقويم خلال فترة لا تقل عن خمس سنوات على الأقل حيث إن نتائج التحليل هي المؤشر الحقيقي والواقعي لنواتج التعلم المستهدفة، ومن ثم فإن رؤية الخبراء والمختصين في علم المناهج ترى أن تغيير المناهج وتطويرها أمر مطلوب، ولكن في أي اتجاه هي القضية الأهم.

دعونا نتأمل قضايا المجتمع العالمية والمحلية دعونا نفكر عالميا ونطبق محليا لبناء إنسان جديد في ظل جمهورية جديدة هي جمهورية البناء والتعمير لا الهدم والتدمير، تلك التي تنادي بها القيادة السياسية وتسعى لتحقيقها بأقصى الدرجات، ودعوا المعلمين الواقفين على خطوط الإنتاج البشرى يتحاورون مع أبنائهم ويناقشونهم في تلك الخبرات بحيث يشكلون عقول أبنائنا المفكرة، التي تمتاز بالفضول وحب الاستطلاع نحترم استقلاليتهم في اختيار مصادر التعلم التي تلبي اهتماماتهم وتحقق رغباتهم وتتفق وأنماط تعلمهم، بعد تأهيلهم وتدريبهم على المهارات الجديدة المستهدفة، والتي تمثل شغلهم الشاغل.

ومن ثم فإننا بحاجة إلى معلمين بمواصفات تختلف عن ذي قبل، معلمين مؤهلين تربويا وأكاديميا وتقنيا، والأهم من ذلك معلمين ذوى ضمائر يقظة ترى أن التدريس ليس مجرد مهنة، وإنما هي رسالة وفن وعلم وفى النهاية مهنة العظماء ويكفيهم شرفا أنها مهنة الأنبياء والمرسلين .

نحن بحاجة إلى تكاتف الجهود من قبل جميع الأطراف أولياء الأمور والطلاب أنفسهم والمجتمع بكل أدواته ووسائله، من إعلام ومؤسسات توعوية تنشر الوعي بأهمية المدرسة ودورها في تنشئة الأبناء وتهذيب سلوكهم تربيهم على الفضائل والتعاون واحترام الغير.

ومن ثم فلا بد أن نعتمد في بناء مناهجنا على ثقافة الحوار المتعاون بين التربويين المتخصصين في بناء المناهج وتصميمها والتخطيط لها، والأكاديمين ممن يتعمقون في دراسة المحتوى المعرفي بتفاصيله تلك مع الاستعانة بمعلمين وموجهين وخبراء ممارسين للمهنة، تتقارب حينها وتتشابك خبراتهم دون إقصاء لطرف منهم أو تهميشه بحيث يصب ناتج هذا التلاقح الفكري في صالح المنهج المستهدف بنائه، فالمناهج لابد وأن تصنع محليا ولا تستورد من الخارج ولكن يستفاد من خبرات الدول المتقدمة بضوابط بما يتفق وعادات وتقاليد وقيم المجتمع ولا يخل بثوابته حينها نتقدم ونصل لمآربنا جميعا.

للأسف إن نظام الامتحانات التي سبق تجريبها على قطاع ليس بقليل من أبنائنا كانت بحاجة إلى مزيد من التطوير والتعديل بما يتفق والظروف التي مر بها المجتمع ككل، وفي ظل جائحة كورونا وغيرها من الأزمات علاوة على التغيرات المفاجئة أثناء العام الدراسي من الاعتماد على التاب في عملية التقييم ثم العودة للامتحانات الورقية والبابل شيت في أوقات أخرى.

كل هذه الأمور أوجدت نوعا من عدم الثقة والرفض إلى جانب الرهبة والقلق على مستقبل الأبناء من قبل أولياء أمورهم حيث إن هؤلاء الأبناء لم يتدربوا من قبل على هذه الثقافة وهي ليست الأفضل، ولا يمكن الاعتماد عليها ككل فقط دون الاستعانة بامتحانات الورقة والقلم، والمزج بين النمطين المقالي والموضوعي في الاختبار الواحد، بما يحقق نواتج التعلم المستهدفة ويراعى كل المستويات ويسمح بالتمييز بين المتقدمين دراسيا ذوي المهارات العالية، وبين متوسطي التحصيل وغيرهم بما يجعل التقويم موضوعيا.

نعم لا يمكن الاستغناء عن كتاب المدرسة كمصدر مهم من مصادر التعلم والاستذكار، حيث يمثل الإطار العام المحدد واضح المعالم والأبعاد يحترمه المتعلم وولى أمره والمعلم وواضعو الامتحانات وما يصاحبه من مصادر إثرائية أخرى أو علاجية تكون مصاحبة له ومكملة لما نقص به، في حين رؤية المعلم في التدريس تنطلق من ثقافة الاختيار أن يبدأ وفقا لرؤيته ومستوى أبنائه وخبراتهم السابقة وكيف ينتهى وهذا هو الأصل في التدريس، مع وجود متابعة جيدة وحقيقية وفقا لمعايير موضوعية لتقويم الأداء.

وكل هذا من شأنه أن ينعكس بلا أدنى شك على المتعلمين أنفسهم، مع تقليص الاعتماد على حبوب منع التفكير كالملخصات والكتب الخارجية والمذكرات ثقافة التيك أواي ثقافة سين وجيم جاهزة تدعو للإيداع لا الإبداع، فالإجابة الواحدة والنسخ المكررة لا يمكن الاعتماد عليها في فرز الأبناء وتصنيفهم محليا وعالميا. مع عدم الاعتماد كليا على الأجهزة إلا بضوابط وأثناء العام الدراسي ككل كنوع من التقويم البنائي للإثراء والدعم أو العلاج في كثير من الأحيان.

اقرأ أيضًا: المدارس الجاذبة بين الامتاع والانتفاع