الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 10:56 صـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

حوار الساعة.. كبير الأثريين عن مقبرة الفرعون الذهبي: لعنتها حلت على الكوكب.. فجّرت ثورتين وأشعلت حربا عالمية

مقبرة توت عنخ آمون
مقبرة توت عنخ آمون

بدأ المصريون، اليوم الجمعة، إحياء ذكرى مرور 100 عام على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، التي تعتبر المقبرة الملكية الوحيدة بوادي الملوك التي أُكتشفت محتوياتها سليمة وكاملة نسبيا، في العام 1922 بواسطة عالم الآثار الإنجليزي هوارد كارتر، وصاحب ذلك ظهور التحف الذهبية وغيرها من القطع الفاخرة، التي تعد أيقونة لمصر ولا يزال اكتشافها أحد أهم الاكتشافات الأثرية حتى الآن.

كشف الدكتور مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، في حواره مع جريدة " الطريق" مفاجآت مثيرة عن قصة اكتشاف مقبرة الفرعون الشاب توت عنخ آمون التي غيّرت العالم بعد أن عثر الطفل حسين على درجات سلمها، وسر لعنة الفراعنة التي أنهت حياة اللورد كارنافون ممول الاكتشاف، وحكاية البوق الأثري الذي أشعل الحرب العالمية الثانية وفجر ثورة 1919 و25 يناير.

وإلى نص الحوار:

- بداية حدثنا عن منطقة وادي الملوك التي احتضنت مقبرة توت عنخ آمون لآلاف السنين؟

تم اكتشاف 61 مقبرة في وادي الملوك حتى العام 1922 يعود تاريخها إلى القرن الـ 18، وكانت مصر في ذلك الوقت تحت الاحتلال البريطاني، فجاء كارتر إلى القاهرة وعمره لم يتجاوز الـ 20 عاما ولم يكن متعلما، وبدأ يعمل في بعثات الآثار المصرية وتنقل من موقع إلى آخر حتى اكتسب الخبرة وعمل مع عالم الأثار تيودور ديفيز واكتشف معه مقبرة الملك حتشبسوت ومقبرة تحتمس الرابع وذاع صيته لدرجة أن الحكومة المصرية عينته مسئولا عن آثار الصعيد.

بعدها اشتد الخلاف بين كارتر والفرنسيين العاملين في منطقة سقارة، بسبب عداء بريطانيا وفرنسا، فقدم استقالته إبان الحرب العالمية الأولى واستأجر بيتا من أحد الفلاحين في الأقصر وانشغل في كتابة مذكراته.

- ما علاقة اللورد كارنافون ممول اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون بكارتر؟

في 1917 جاء اللورد كارنافون ممول اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، إلى مصر بعد تعرضه لحادث سير ونصحه الأطباء بالاستشفاء في الأقصر وأسوان وكان معروفا عنه الثراء الفاحش وعشقه للآثار الأثار.

قبلها تلقى كارنافون نبوءة من أحد العارفين أثناء مكوثه في لندن تخبره بأنه سيحصل على كنز عظيم في مصر، سيفتح عليه وعلى العالم مشكلات لا تنتهي.

لكنه لم يصغ للنبوءة وجاء إلى مصر وتعرف على الإنجليزي كارتر وقرر تمويله للبحث عن الكنز، واستمر التنقيب لخمسة مواسم من العام 1917 حتى العام 1922 دون العثور على شيء حتى فقد كارنافون الأمل، وقرر التوقف عن تمويل البعثات الأثرية.

- وماذا فعل كارتر بعد تخلي الممول عنه؟

عاد كارتر مرة أخرى إلى الجلوس في بيته لاستكمال كتابة مذكراته وكان لديه عصفور كناريا شكله جميلا يؤنسه في وحدته، ويعمل تعحت قيادته عدد قليل من العمال المصريين أغلبهم من الأقصر وينتمون لعائلة عبد الرسول صاحبة التاريخ الكبير في الاكتشافات الأثرية.

- كيف عثر الطفل حسين عبد الرسول على مكان مقبرة توت عنخ آمون؟

في 4 نوفمبر من العام 1922 كان هناك طفلا عمره 12 عاما اسمه حسين محمد عبد الرسول يعمل في سقى عمال الحفر بواسطة إناء فخاري كبير معلق على ظهر حمار، ولما أنزل الإناء على الأرض وشرع في حفر مساحة صغيرة في الأرض حتى يثبت فيها إناءه ويملئه بالماء اكتشف ظهور درجات سلم أثري، فهرع إلى مديره الإنجليزي وبشره بالخبر، وعرض عليه كارتر مبلغا ماليا كمكافأة، لكن الصغير فضل كتابة اسمه في مذكراته وهو ما حدث بالفعل.

- وكيف مرت مراحل الحفر؟

وبعدها استكمل كارتر الحفر حتى وصل إلى باب مكتوب عليه عبارة غريبة تقول: "سيضرب الموت بجناحيه كل من يحاول أن يبدد أمن وسلام مرقد الملك" ولما فتح ثقبا صغيرا في الحائط فوجئ بهواء ساخن ومخيف وكتب وقتها: "إني أرى أشياء رائعة أو خارقة".

- كيف مول كارتر أعمال الحفر؟

أرسل كارتر رسالة إلى اللورد كارنافون يطلب منه مساعدته بشكل عاجل، فلبى الأخير النداء وبدأ التعاون بينهما في البحث عن الكنز العظيم الذي يضم قطع أثرية نادرة مخفية منذ أكثر من 2500 سنة.

- بالمناسبة كيف تم الحفاظ على المقبرة طيلة آلاف السنين في باطن الأرض واستخرجت آثارها سليمة؟

سبب الحفاظ على مقبرة توت عنخ آمون يرجع إلى أنه بعد مرور سنة على إنشائها كان الملك رمسيس الخامس يحفر مقبرته بالقرب منها في منطقة مرتفعة، وكان العمال يهيلون التراب والمخلفات فوق مقبرة توت عنخ آمون، دون دراية بما يقبع في الأسفل، والطريف أن كارتر تجاهل مرارا موقع الحفر لاعتقاده أنه لا يمكن أن توجد آثار تحت تلك المخلفات والقمامة المتراكمة.

- ماذا حدث بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون؟

بعد اكتشاف المقبرة استعد المتحف البريطاني لنقل محتوياتها التي تتخطى 5969 قطعة، لأن البعثات الأجنبية أعطت لنفسها الحق آنذاك في الحصول على 50% من الآثار المصرية، وتصرف كارنافون على هذا الأساس وتعاقد مع جريدة "لندن تايمز" على التغطية الحصرية للحدث.

- وماذا عن الصحافة المصرية؟

كان غير مصرح للصحفيين من خارج جريدة "لندن تايمز" الدخول إلى منطقة الاكتشاف وكان عليهم انتظار صدور طبعة تلك الجريدة التي تملك الحقوق الحصرية حتى يكتبون لجمهورهم، لكن ذات يوم ذهب كارتر إلى استراحته فوجد أن أفعى الكوبرا التهمت عصفوره الذهبي، ولما عاد إلى المقبرة رأى طائر الصقر يحوم حولها في السماء.

- هل مات اللورد كارنافون ممول اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون بلعنة الفراعنة؟

ذهب كارنافون إلى القاهرة لإراحة أعصابه بعد الاكتشاف، وأقام مع ابنته في أحد الفنادق الشهيرة، وقف أمام المرآة لحلاقة لحيته وأثناء ذلك جرح وجهه دون أن ينتبه، وفي الوقت نفسه لدغته بعوضة في الجانب الأيسر من الوجه وانقطعت الكهرباء عن القاهرة كلها دون سبب وتبين فيما بعد أن نفس الجرح موجودا على وجه تمثال الفرعون. وفي تلك الأثناء كانت كلبة كارنافون في لندن تدور حول نفسها باستمرار حتى ماتت.

- ما سر مصادرة مفتاح مقبرة توت عنخ آمون من كارتر؟

كل هذه الأحداث كانت مادة دسمة للصحافة العالمية التي انتهزت الفرصة للكتابة عن لعنة الفراعنة، ثم مات كارنافون، لكن حدث أمرا غريبا وهو منع الصحفيين المصريين من دخول مقبرة توت عنخ آمون وبدا كارتر يتصرف كأنه المالك الوحيد للمقبرة فسرق منها قطع أثرية وخبأها في صناديق الخمر، وكان كلما كشف أمره يقول إنه لا يعلم من أين أتت تلك القطع، وهرّب أكثر من 150 قطعة إلى الخارج، كما سمح لزوجات أصدقائه بالدخول إلى المقبرة بينما الصحافة المصرية ممنوعة من مجرد الاقتراب.

لما سمع مرقص حنا وزير الأشغال في حكومة سعد زغلول عن منع الصحفيين من دخول مقبرة توت عنخ آمون والسماح لزوجات أصدقاء كارتر فقط، أرسل مرقص فرقة من البوليس وصادرت مفتاح المقبرة من كارتر ومنعته من أخذ أي قطع أثرية منها وعينت عليها حراسة أمنية.

- كيف فجرت مقبرة الفرعون الشاب ثورة 1919؟

بعد واقعة منع الصحفيين المصريين من دخول المقبرة خرجت المظاهرات المصرية في شوارع القاهرة وظلت تنادي باسم توت عن آمون، وتطالب بحماية المقبرة من الإنجليز، فاستجاب سعد زغلول وخرج إلى الشعب وتعهد بعدم السماح بخروج قطعة أثرية واحدة منها.

كانت كلمة توت بمثابة الرفض للاحتلال الإنجليزي وبعدها انفجرت ثورة 1919 والتي أدت إلى جلاء الإنجليز عن مصر فغادر كارتر إلى أمريكا وهاجم مصر من هناك عبر وسائل الإعلام حتى صنع رأي عام دولي، وتصاعدت حدة الخلاف بين حكومة الوفد والإنجليز، إلى أن جاءت حكومة أخرى اقترحت حلا وسطا وهو حصول كارتر على كل الأموال التي أنفقها في رحلة البحث عن المقبرة مقابل تسليم الآثار المسروقة.

- وهل سلم كارتر الأثار المسروقة؟

لكن بعد ذلك نبين تورط كارتر وكارنافون في سرقة العديد من القطع الأثرية من مقبرة توت عنخ آمون، ومنذ ذلك الوقت بدأ الحديث عن لعنة الفراعنة وألف الشاعر أحمد شوقي قصيدة عن الملك توت.

- أين يوجد خاتم توت عنخ آمون الآن؟

خاتم توت عنخ آمون ما زال موجودا في أمريكا وغيره من القطع الثرية في أماكن مختلفة من العالم، لكن يمكن استرداد تلك الآثار بطرق قانونية لأن القانون المصري كان ينص على عدم حصول البعثات الأجنبية عن القطع الأثرية المصرية.

- ماذا عن رحلة كنوز المقبرة؟

آثار مقبرة توت عنخ أمون جابت العالم في معارض كبيرة، وخرج أول معرض عام 1962، وبعدها توالت المعارض، لدرجة أن مجلة التايمز قالت إنه يجب على كل شخص في العالم رؤية قناع توت عنخ آمون الذي يبلغ وزنه 12 كيلوجراما من الذهب الخالص مرة واحدة على الأقل في حياته غير التابوت الذهبي الذي يبلغ وزنه 110 كيلوجرامات ذهب.

- كم فترة حكم الملك توت عنخ آمون؟

الملك توت عنخ آمون من الأسرة الـ18 وحكم مصر لمدة 9 سنوات وقد ظُلم حيا لكنه أبهر العالم وهو ميت، وتم اكتشاف أن خنجره صنع من حديد فضائي لا يصدأ قادم من نيزك سقط من السماء.

- ما علاقة بوق توت عنخ آمون بالحرب العالمية الثانية وثورة يناير؟

أدى ضرب بوق توت عنخ آمون في الثلاثينيات إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية، ولما ضُرب مرة أخرى في 2011 قامت ثورة 25 يناير في مصر، وبذلك كان توت حالة غيّرت العالم.

اقرأ أيضا: في الذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي.. «الطريق» تحاور زاهي حواس: نبحث الآن عن مقبرة الملكة نفرتيتي

موضوعات متعلقة