الطريق
الأحد 5 مايو 2024 10:09 مـ 26 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

8 ساعات عمل بـ20 جنيها.. البداية الأولى في رحلة هاني عبد الجواد أشهر جراح ماهر

الطبيب هاني عبد الجواد
الطبيب هاني عبد الجواد

الدكتور هاني عبد الجواد، في 7 أيام، أجرى جراحات إعوجاج عمود فقري خطيرة لـ8 مرضى من جنسيات مختلفة بخلاف العمليات الأخرى، جعل البعض يصفه بـ "ساحر العمود الفقري" وصار من أشهر الجراحين في مصر والدول العربية، يأتي له المرضى من كل مكان، وخاصة فاقدي الأمل في الشفاء.

قصص النجاح كثيرة وما زالت مستمرة في مختلف أنحاء مصر، ولعل ما يميزها عن غيرها البدايات، وهذا ما نجده في قصة الطبيب هاني عبد الجواد، ابن محافظة البحيرة، الذي قرر أن يغادر قريته الصغيرة، ليدرس بكلية الطب ويتخصص في جراحة العظام، ثم يصبح أستاذًا في الجامعة، ويلحق بحلمه في الخارج، ليقينه بأن العلم السبيل الوحيد للتفوق.

خيوط البداية لم تكن سهلة، فلم يكن والده وزيرا أو رجل أعمال مشهورا، بل كان ميسور الحال، لكن ما حدث بعد ذلك شيء عظيم، بحسب ما حكاه الطبيب، قائلا: "من 21 سنة كنت لسه متخرج وكنت وقتها في سنة الامتياز، ومرتبي 270 جنيها، ودول كانوا شوية لكن حلوين جدا، لأنها أول حاجة أقبضها في حياتي، و بعد شهر من بداية الامتياز، روحت أدور علي شغل".

العزيمة والإصرار لازمته في رحلة البحث عن العمل، فلم ييأس أو يحبط من الحياة، بل سعى وعافر، قائلا: "دورت في كذا مكان بمدينة نصر ومالقتش، و بعدين قولت يبقى أجرب في مكان تاني، ركبت أتوبيس ونزلت منه بعد ما عدى النيل بشوية لقيت نفسي في الكيتكات، وكنت عمري ما روحتها، و لا لأعرف حتى اسمها قبل اليوم دا".

الفرحة التي رسمت على وجه الدكتور، بعد يوم شاق وطويل، كللت بنجاح إذ وجد عملا رغم أن الراتب الذي سيتقضاه قليل للغاية في وقت كانت الظروف تتطلب المزيد: "لقيت مستوصف هناك و لقيت فيه شغل مغري جدا، الشيفت 8 ساعات بـ 20 جنيها، و في اليوم بـ60 جنيها، وكان طبعا في أوضة للمبيت بها، وكان بمعنى أصح الحسابة بتحسب".

وهنا جرت الرياح بما لا تشتهي الأنفس، إذ حالت ظروف الطبيب اليومية، والتي تتمثل في الذهاب إلى الجامعة، وحضور 8 ساعات في المستشفى، أن يعمل يوما كاملا ليحصل على 60 جنيها بدلا من 20، إذ قال: "ساعتها ضربت 60 جنيها في 30 يوما، وقلت آخر الشهر هقبض 1800 جنيه، لكن للأسف كنت مرتبط بالشغل بتاع الامتياز فكان لازم أضحي و أسيب شفتات، و اختار الشيفات الليليلة في الكيتكات، و أروح الصبح على المستشفي علشان شغل الامتياز".

انفراجة كبيرة حدثت لـ"عبد الجواد"، على الرغم من أن عمله كان يتطلب الراحة والتركيز، لكنه استطاع أن يجمع المال الكافي "بعد شهر من شغل الخاص دا بقي معايه فلوس، تخيل واحد كان بياخد زيرو وعليه مصاريف وبعدين بقي بياخد 270 جنيها في الشهر، وبعديها بشهر بقى بيقفل مبلغ ييجي فوق 1500 جنيه، دي صدمة كبيرة لو تعلمون".

وبعيدا عن جمع المال، لم يقف حلم الطبيب الشاب عند هذا، بل أراد أن يطور ذاته ويصبح طبيبا شهيرا ويجوب البلاد، وهنا ينبغي أن يتعلم اللغات الأجنبية، وخاصة الفرنسية، متابعا: "بعد شهر واحد من لعب الفلوس في إيديا بالشكل دا قولت لا بقى لازم وقفة مع النفس، وأطور من نفسي و اتعلم دلوقتي فيه صحة، مش كل حاجة الفلوس يعني، وقعدت اسأل و أدور في يومين تلاتة رسيت أني أدرس لغة جديدة، وخاصة اللغة الفرنسية، و كان المركز في المنيرة".

بداية علم جديدة يخوضها "عبد الجواد" بجانب عمله، قائلا: "روحت فورًا واخد الأتوبيس وطالع علي المنيرة، واحدة قابلتني، قلتلها عايز أتعلم فرنساوي، وطلبت مني أعمل اختبار تحديد مستوى، قولتلها مفيش مستوى، أنا عمري ما عرفت كلمة واحدة بالفرنساوي قبل النهاردة، زيرو خالص، يبقي نبدأ من الزيرو، فيه كورسات مكثفة و فيه عادي، المكثف 4 أيام في الأسبوع، ساعتين و نصف في اليوم و تخلص كل كورس في شهر قولتلها حلو جدا دا".

"اطلبوا العلم ولو في الصين" عبارة باتت في ذهن الطبيب منذ تخرجة في كلية الطب، مضيفا: "لقيت الكورس بـ 460 جنيها، وهنا قلت في بالي هضيع 4 أيام من الشغل، وكمان إتكلف 460 جنيها، طيب ماشي احجزيلي، وروحت لمستوصف الكيتكات وقولتلهم أنا هاخد كورسات و محتاج أستاذن تقريبا 3 ساعات في اليوم 4 أيام في الأسبوع، و ممكن تخصموهم من يومي أنا خلاص حجزت، ووافقوا".

رغم ارتفاع درجة الحرارة، وقلة النوم، استطاع "عبد الجواد" أن يواصل بين الـ3 أماكن، وخاصة بعد انتقاله إلى مركز تدريب آخر، قائلا: "كنت بركب أتوبيس من الكيتكات للتحرير ثم لمصر الجديدة في شهر 8، و كنت بعمل كدا 4 أيام في الأسبوع علشان مش قادر أصبر شهر من غير تكملة اللي بتعلمه، والمهم أخدت الشهر دا و رجعت تاني المنيرة، و كملت لحد آخر سنة الامتياز".

سنة واحدة، تحمل فيها الطبيب المتاعب، لكنها كانت سببا لما هو عليه الآن، إذ انتقل إلى أفضل الأماكن في جراحات العمود الفقري بكندا، والقبض بالدولارات، قائلا: "اللي عملته في سنة الامتياز دا هو السبب الأول في كل شيء وصلتله بعد كدا، لأني روحت زمالات في أفضل مكان في الدنيا في جراحات العمود الفقري بجامعة مونتريال في كندا، وكان عامل مهم فيه اللغه الفرنسية، و كانت جامعة مونتريال بتتكلف ليا 100 ألف دولار في السنة راتب ورسوم دراسة".

اقرأ أيضا..

«ساندرا» طالبة تبدع في رسم البروترية بالفحم والرصاص: «عالمي الخاص»