الطريق
الأربعاء 15 مايو 2024 11:46 صـ 7 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

الخبير الدولي كرم سعيد: العلاقات الخليجية التركية تعود في شكل تحالف إقليمي براجماتي

كرم سعيد- خبير الشؤون التركية | ANF
كرم سعيد- خبير الشؤون التركية | ANF

يفتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، صفحة جديدة من العلاقات مع المنطقة العربية، مع تمتعه بولاية رئاسية جديدة؛ في فترة تغير فيها المشهد السياسي بالمنطقة بدرجة كبيرة، كما أصبح وضع الاقتصاد التركي مختلفًا بشدة عن السابق، مما يدفع تركيا والدول العربية إلى إقامة علاقات براجماتية بالاستفادة من التحولات الجيوسياسية في الإقليم، وفق وجهة نظر خبير الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد، الذي يشير إلى تشكل تحالف خليجي-تركي، ضد الضغوط الغربية والتهديد الإيراني.


تعليقا على جولة الرئيس رجب طيب أردوغان بمنطقة الخليج، وفرص عودة العلاقات بين تركيا والمنطقة العربية إلى سابق عهدها، يقول كرم سعيد الخبير بالشئون التركية، إن المؤشرات الحالية تعكس ثقل دول الخليج ودورها السياسي في الاستراتيجية التركية الجديدة التي تهدف للعودة إلى نظرية "صفر مشاكل"، بهدف تحسين الاقتصاد التركي كأولوية.

دعم الاقتصاد التركي والترويج للصناعات الدفاعية

ويضيف كرم سعيد: "الزيارة تأتي أيضا في ظل محاولات الرئيس التركي لتعميق علاقاته مع الدول ذات الأهمية الاستراتيجية في الإقليم، وعلى رأسها الدول الخليجية خاصة في ظل حالة التوتر مع روسيا على خلفية تسليم عناصر من كتيبة آزوف للرئيس الأوكراني عشية زيارته لتركيا قبل أيام، وإعلان روسيا تجميد اتفاقية تصدير الحبوب، بالإضافة طبعا لتراجع مؤشرات الاقتصاد التركي وتأثيرات زلزال 6 فبراير، الذي يتحتاج إلى تكاليف عالية جدا في مسألة إعادة الإعمار".

وبخصوص مستقبل العلاقات، يقول: في ظل هذه الضغوط أتصور أن الرئيس التركي في حاجة لإعادة توثيق علاقاته مع دول الخليج، وهناك اعتبارات كثيرة تؤشر لأهمية عودة العلاقات التركية الخليجية لسابق عهدها، وربما تشهد طفرة كبيرة في المرحلة المقبلة بالنظر لحاجة تركيا للاستثمارات الخليجية، حيث أن تركيا تعاني أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ومؤخرًا تم فرض زيادة ضريبية على بعض السلع الأساسية مثل البنزين، كما شهدت العملة التركية انخفاضا في الآونة الأخيرة، بجانب هروب جانب واسع من الاستثمارات الأجنبية التي كانت في تركيا بسبب السياسة غير التقليدية التي تبناها أردوغان ومن بينها خفض سعر الفائدة، وبالتالي الاستثمارات الخليجية مهمة باعتبار أنه يمكن أن تعوض التراجع في الاستثمارات الأجنبية وتمثل دفعة للاقتصاد التركي، خاصة أنها تتزامن مع طرح تركيا عددًا من مشاريعها المملوكة للحكومة للخصخصة للمستثمرين الأجانب.

كما يلفت خبير الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات، الانتباه إلى أن تركيا لديها حرص شديد على توسيع سوق صادرتها الدفاعية في منطقة الخليج، خاصة بعد تعاقد هذه الدول على استيراد منظومات دفاعية وطائرات مسيرة من تركيا كان آخرها توقيع صفة هي الأكبر من نوعها لشراء السعودية مسيرات تركية، والإمارات هي الأخرى حصلت على جانب من هذه المسيرات وربما تحصل في المستقبل على مجموعة أخرى، وكذلك الكويت وقعت عقدا بما يقرب من 367 مليون دولار لاسيراد مسيرات تركية.

الخليج منطقة استراتيجية لـ تركيا

وفي إشارة لمساعي إعادة النفوذ التركي بالشرق الأوسط، يقول: بالإضافة إلى ما سبق، تسعى تركيا لتوظيف التحولات الجيوسياسية في الإقليم لتوسيع النفوذ التركي، في ظل إنشغال روسيا بالحرب الأوكرانية والتداعيات السلبيات التي أحدثها تمرد فاجنر، ثم التوتر الأمريكي مع بعض دول الخليج بسبب أزمة النفط في أوبيك بلس وانعطاف دول الخليج شرقا باتجاه الصين، الأمر الذي يمثل بيئة خصبة لتركيا لتوظيف هذه التحولات الجيوسياسية لاستعادة حضورها ونفوذها خصوصا في منطقة الخليج.

ويشير كرم سعد إلى وجود رغبة تركية في إصلاح العلاقات مع دمشق عبر الخليج، ويقول إن: تركيا تعول على الدور السعودي الإماراتي لدفع مسألة التطبيع التركي السوري، خاصة بعد انفتاح النظام السوري على محيطه برعاية سعودية إماراتية، وبالتالي ربما يراهن الرئيس التركي على وساطة هذه الدول لدفع عملية التطبيع التركي السوري في المرحلة المقبلة.

ويقول "ومن وجهة نظري، الخليج يمثل منطقة استراتيجية لتركيا، ليس فقط من الناحية الاقتصادية ولكن على الصعيد الاستراتيجي والصعيد السياسي".

تحالف تركي عربي ضد الضغوط الغربية

وحول الاستفادة العربية من التحالف مع تركيا، يؤكد الخبير بالشأن التركي، أن تركيا دولة إقليمية محورية في المنطقة ولديها حضور استراتيجي في عدد من القضايا المهمة، حيث لديها حضور في سوريا والعراق، وفي ظل التوتر الحاصل ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج على قضية النفط، واستمرار الشكوك فيما يتعلق بالمصالحة الخليجية الإيرانية، عادت التهديدات الإيرانية بعد ظهور أزمة حقل الدرة، وتم إسناد مسئولية تأمين هذا الحقل إلى الحرس الثوري الإيراني وصعدت طهران من لهجتها ضد الكويت والسعودية في هذا السياق، وبالتالي التعويل على بناء تحالف إقليمي من قوى إسلامية سنية يمكن أن يشكل حائط سد أمام التهديدات الإيرانية، ويمكن للتعاون الخليجي مع تركيا أن يساهم في تحييد الضغوط الغربية على الخليج وتركيا، وفكرة بناء تحالف إقليمي موسع مع دول سنية قادرة على لجم النفوذ الإيراني ووضح حد للتهديدات الإيرانية التي تمارسها.

ويضيف كرم سعيد: الأمر الآخر توظيف الدور التركي في المؤسسات والهيئات الدولية لدعم القضايا الخليجية وعلى رأسها مسألة الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران من سبعينيات القرن الماضي، كما أن التعاون التركي السعودي مهم في ظل اعتراف تركيا بأولوية وأهمية الدور السعودي كقبلة روحية للمسلمين، كل هذه مجالات تنسيق ربما ينتظرها الخليج من تفعيل العلاقات مع تركيا خلال المرحلة المقبلة.

القضايا الخلافية انتهت

وبشأن تأثير الخلافات السابقة، على مستقبل العلاقات العربية التركية، يقول كرم سعيد إن البراجماتية هي العنوان الأبرز في العلاقات السياسية، وفي السياسة لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة لكن مصلحة دائمة.

ويضيف الباحث بالشأن التركي: أعتقد أن هناك مصالح براجماتية تدفع الطرفين لتعزيز فرص التقارب، خصوصًا أن تركيا تراجعت خطوات للخلف في القضايا الخلافية مع منطقة الخليج، وعلى سبيل المثال قضية خاشقجي أحالها القضاء السعودي برمتها إلى القضاء التركي، وهناك تعاون إماراتي تركي في كثير من المجالات وهناك اتفاقية موقعة بين الإمارات وتركيا في مارس الماضي لرفع معدل التبادل التجاري بين البلدين في السنوات الخمس المقبلة.

ويقول المتخصص بالشأن التركي: "أؤكد أن البراجماتية هي العنوان الأبرز في العلاقات التركية الخليجية، وبالتالي هذه القضايا الخلافية انتهت، والتفكير الآن في المصالح التي تخدم الطرفين".

انفتاح خليجي على السوق التركي

وحول مقدار انفتاح دول الخليج على الاستثمار في تركيا، يقول كرم سعيد إن الاستثمارات الخليجية في تركيا لها وزن، وهي مؤثرة في الاقتصاد التركي، خاصة أن هناك أكثر 1100 شركة سعودية وتقارب الاستثمارات السعودية 200 مليار دولار، وكذلك الاستثمارات القطرية في تركيا كبيرة، وهناك كما أن هناك وجود ملحوظ للشركات الإماراتية، وفي هذا السياق هناك انفتاح خليجي على السوق التركي باعتباره سوق خصب وملائم لجانب واسع للاستثمارات الخليجية، وتركيا تعول بالأساس على هذه الاستثمارات، في محاولة معالجة الاختلالات الاقتصادية التي تعانيها.

وبشأن مستقبل العلاقات المصرية التركية مع تبادل البلدين تعيين السفراء، يرى كرم سعيد، خبير الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن مصر تبني علاقاتها على أسس واضحة أهمها رفض التدخل في الشئون الداخلية للدول ومراعاة مصالح الدول، وبالتالي في سياق الرؤية المصرية، وفي ظل تفهم تركيا للاعتبارات المصلحية والتوجهات العامة للسياسة التركية، ربما تشهد العلاقات في خلال المرحلة المقبلة تطورا كبيرًا.

متخصصة بالشؤون الإفريقية: قمة دول جوار السودان خطوة مصرية ناجحة