الطريق
الإثنين 29 أبريل 2024 01:32 مـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

التخرج على «واحدة ونص» يحول الجامعات إلى ساحات رقص.. فرحة أم إهانة لساحات العلم؟

الرقص في حفلات التخرج
الرقص في حفلات التخرج

انقلبت طرق الاحتفال بالتخرج الجامعي رأسًا على عقب، فبمجرد أن يذكر اسم الطلاب لاستلام شهادتهم التعليمية، يتحول الأمر إلى الرقص والتمايل على الأغاني التي يختارها كل منهم ليعبر عن فرحته الخاصة، ومن بين هؤلاء الطالبة شادن مصطفى صابر، خريجة كلية الآداب جامعة القاهرة، التي لم تكن تعلم أنها بمجرد أن تلمس قدماها أرض المسرح لاستلام شهادة تخرجها ستترقبها جميع الأعين وتتوجه لها أسهم الانتقادات، إلى أن أصبحت "تريند" وحديث السوشيال ميديا.

بملامح جميلة وتألق مبهر استطاعت فتاة نوبية في العقد الثاني من عمرها تدعى "شادن"، أن تخطف الأنظار، بسبب طريقتها في الاحتفال بتخرجها على الطريقة النوبية الأصيلة، فقد صعدت على سلالم المسرح ترتدي فستان أزرق اللون وفوقه روب التخرج لتستلم شهادة تخرجها الجامعية وهي تتمايل وترقص في فرحة وبهجة تلقائية على أغنية "عسل سكر انت".

ولكن سرعان ما تحولت تلك البهجة والفرحة إلى هجوم مفاجيء من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين: "ازاي يحصل الرقص ده في الحرم الجامعي؟"، "مين المسؤول عن الحفلة دي؟"، "ايه الفستان ده؟".

الفتاة النوبية: متوقعتش اللي حصل

وتعليقًا على تلك الأحداث خرجت الفتاة النوبية شادن مصطفى صابر خريجة كلية الآداب جامعة القاهرة، عن صمتها لتحسم الجدل في ذلك الأمر، إن الاحتفال كان بسيط وخاص للغاية وكان مقتصر على الطلاب والأهالي ومنظمين الحفلة فقط لا غير، مؤكدة أن الحفلة كانت خارج الحرم الجامعي ولم يحضرها أيًا من أساتذة الجامعة.

وتابعت شادن لـ"الطريق"، أنها لم تكن مخططة للاحتفال على الطريقة النوبية، ولكنها خلال الاحتفال وقبل الصعود على المسرح طلبت من منظمي الحفلة تشغيل أغنية "عسل سكر إنت" لتحتفل على طريقتها وثقافتها الخاصة.

وواصلت الفتاة العشرينية حديثها، أنها خلال عودتها إلى المنزل تفاجأت بمكالمات هاتفية من صديقاتها يخبرونها أن فيديو تخرجها حصل على كم هائل من المشاهدات وأصبحت تريند وحديث السوشيال، معلقة: "أنا استغربت من اللي حصل وكنت بحاول أستوعب الموقف الصادم.. لأن ده عادي وأسلوب الاحتفال بتاعنا".

وأوضحت خريجة كلية الآداب جامعة القاهرة، أن أهالي النوبة لديهم طريقتهم الخاصة في الاحتفال وهذا ما يميزهم عن غيرهم.

وأما بشأن التعليقات السلبية التي واجهتها الفتاة النوبية عبر منصات السوشيال ميديا، فأكدت أنها اتخذت بعد الإجراءات القانونية تجاه هؤلاء.

رد منظم حفلة التخرج

في السياق نفسه رد محمد خفاجي، مسؤول الشركة المنظمة لحفلات التخرج، على الهجوم الذي لاقته الفتاة النوبية شادن مصطفى صابر، أن الطالبة طلبت منه تشغيل أغنية "عسل سكر إنت" عند استلام شهادتها.

وأشار خفاجي لـ"الطريق"، إلى أن الهجوم الذي لاقته الخريجة شادن عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، كان مترصد فستانها، ولكن بنسبة 90% الفيديو لاقى إعجاب كبير.

ولفت منظم الحفلة الأنظار، إلى أن الاحتفال كان خارج الحرم الجامعي تمامًا، موضحًا أن تلك الحفلة كانت خاصة بالطلاب والأهالي فقط، ولا علاقة لها بالجامعة.

معندناش الرقص ده في جامعة الأزهر

ومن جهته أعرب الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر الشريف، عن استياؤه ورفضه لما يحدث من رقص في حفلات التخرج للجامعات الأخرى، مؤكدًا أن الأزهر ينتقد كل تلك الأفعال الغير لائقة.

وشدد في تصريحات خاصة لـ"الطريق"، أن جامعة الأزهر الشريف لها هيبة كبيرة وقواعد ضابطة لا يمكن التهاون بها ولا يمكن الوصول لهذا الشكل من التدني في الاحتفال، قائلًا: "معندناش الكلام ده في الأزهر".

وتابع رئيس جامعة الأزهر الشريف، أنه لا شك أن من حق الطلاب أن يفرحوا بتخرجهم بعد سنوات الشقاء والتعب في الجامعة، ولكن لابد ومن الضروري الانضباط في حدود وإطار معين ولا مجال للرقص والخلاعة، لأنهم يمثلون كيان تعليمي عريق.

واختتم حديثه، بأن كل جامعة لها طريقتها وأسلوبها الخاص في التعبير عن فرحتهم بحفلة التخرج واستلام الشهادات.

مفيش حكم على الطلاب خارج الحرم الجامعي

ومثلما كان للأزهر رأي، كان أيضًا للجامعات الأهلية رأي حاسم على فكرة الرقص عند استلام شهادة التخرج، فقد قال الدكتور محمد الشناوي، رئيس جامعة الجلالة، إن تلك الأفعال لا تليق بطلاب الحرم الجامعي ولا يصح فعلها أو استثنائها.

وأكد الشناوي في تصريحات خاصة لـ"الطريق"، أنه كرئيس جامعة لا يمكن أن يتحكم في الطلاب خارج حدود الحرم الجامعي، خاصة أن احتفالات التخرج التي تتضمن على الرقص لا تكون تحت رعاية الجامعة.

وواصل رئيس الجامعة الأهلية، أن الترفية مطلوب ولا شك في ذلك ولكن يجب أن توضع له اعتبارات كثرة وحسابات لا غنى عنها، لأن هؤلاء هم جيل المستقبل فمن الضروري أن يكون سلوكهم غير منتقد ومحافظ على تقليدنا الشرقية.

الجامعة لها حرمة مثل المسجد والكنيسة

وثم علق الدكتور محمد عبد العزيز، الخبير التربوي، على ما شهدته حفلات التخرج خلال الفترة الأخيرة، من مظاهر الاحتفال الخاصة والرقص على المسارح لاستلام شهادة التخرج، قائلًا إن هذا لا يليق بطلاب جامعيين.

وأكد عبد العزيز لـ"الطريق"، أنه حتى وإن كان الاحتفال خارج الحرم الجامعي، فلا يصح الاحتفال بهذا الشكل، لأنهم ينتمون إلى مؤسسة علمية لها تقديرها وحرمتها، شأنها شأن المسجد والكنيسة.

وأهاب الخبير التربوي، القيادات الجامعية المسؤولة عن هؤلاء الطلاب سواء كانوا رؤساء الجامعة أو عميد الكلية أو رؤساء أقسام، بضرورة إيقاف تلك المهزلة.

واستكمل حديثه، أنه لا مانع من الاحتفال ولكن بالطريقة التي تليق بطلبة جامعة لها آدابها وشروطها وتتكافئ مع هيبة الشهادة المستلمة.

وأوضح أنه إذا كانت تلك الاحتفالات خارج الحرم الجامعي فهي مسؤولية الآباء، أما إذا كانت داخل الحرم الجامعي فهي مسؤولية القادة الجامعية.

الثقافة التربوية الخاطئة

ولم ينتهي الأمر هنا، فقد أضاف الدكتور محمد الهادي عفيفي، الخبير التربوي واستشاري نفسي، إن رقص الطلاب أثناء استلام شهادة التخرج لا مبرر له على الإطلاق ومرفوض تمامًا.

ونبه الهادي لـ"الطريق"، على أن الأمور التربوية تنشأ في إطار البيئة الثقافية التي تربى فيها هؤلاء، حيث أن اختلاف القيم يؤدي إلى اختلاف الاستجابات، موضحًا أنه إذا تربى الأبناء على أن فكرة الرقص بهذا الشكل لا يصح ومرفوض سيكون الأمر مستنكر، أما إذا كانت النشئة على قبول الرقص سيتم استباحة هذا الأمر.

وأكد الخبير التربوي، أن الثقافة التي تربى عليها الأبناء هي التي تعكس سلوكياتهم، مشيرًا إلى حفلات التخرج في جامعة الأزهر الشريف التي لا مجال لتلك الرقاصات نهائيًا "الرقصات هنا تدني ولا يجوز شرعًا".

آراء الطلاب حول طرق الاحتفال بالتخرج

ومن ثم انتقلنا من آراء المسؤولين إلى الطلاب في الجامعات الأخرى لمعرفة طرق احتفالهم باستلام شهادات التخرج، فقالت سارة فتحي، خريجة كلية التربية جامعة الزقازيق، إن شكل الاحتفالات يختلف من طالب لآخر، ولكن المضمون واحد وهي فرحة التخرج فلا داعي لكل هذا الهجوم على الطلاب لأن ذلك الأمر يكسر فرحتهم.

وتابعت فتحي لـ"الطريق"، أنها استلمت شهادة تخرجها على "مهرجانات شعبية"، وعبرت عن فرحتها بطريقتها الخاصة ولم تحدث كل هذه الضجة.

وأردفت خريجة كلية التربية جامعة الزقازيق، إلى أن فرحة التخرج تحدث بشكل تلقائي، على الرغم من أن ذلك اليوم يكون منتظر منذ أن تطأ قدم الطلاب على أرض الجامعة.

ومن جهتها أضافت نسمة محمود، طالبة بكلية الآداب جامعة الزقازيق، أن حفلة تخرجها كانت خارج الحرم الجامعي، وعلى الرغم من ذلك حضرها أساتذة الجامعة وكانوا هم من قدموا لهم الشهادات، وذلك بناءً على طلب الطلاب.

وأوضحت محمود لـ"الطريق"، أنه خلال تسليم شهادات التخرج تم تشغيل الأغاني وجاء الاحتفال على هيئة رقص وفرح وغناء ولم يكن في الأمر أي عوائق.

واختتمت طالبة كلية الآداب، أن الفرحة لا تكمن فقط في قلوب الطلاب ولكنها تكون أكثر بهجة في قلوب أولياء الأمور الذين يشاركون أبنائهم في ذلك اليوم، ويرقصون معهم ويحملونهم على ذراعيهم احتفالًا بهم.

اقرأ أيضًا.. فتاة تشعل السوشيال ميديا في حفل تخرجها على الطريقة النوبية.. فما القصة؟

موضوعات متعلقة