أزمة كورونا Vs محاولات الإصلاح الاقتصادي .. من الرابح ؟

خبراء: ارتفاع الدين الخارجي، وهذا أمر حتمي نظرًا لتأثر مصادر الدخل القومي من السياحة
خبير: الدولة أدارت الأزمة منذ البداية، باحترافية عالية، من خلال اعتماد 100 مليار جنيه
ما زالت لم تنتهِ أزمة كورونا حول العالم، إلا أن الأرقام التي تشير إلى وتيرة الاقتصاد مخيفة، ففي أقل من شهرين من انتشار فيروس كورونا، هبطت إيرادات الدولة إلى ٧٥ مليارًا.
غرفة تكنولوجيا المعلومات: أزمة كورونا أنعشت قطاع التكنولوجيا والاتصالات
كما تم إنفاق 40 مليار جنيه من الـ100 مليار المخصصة لمواجهة الفيروس، كما تراجع الاحتياطي النقدي 8 مليارات دولار، فضلًا عن ارتفاع الدين الخارجي.
وأعلن البنك المركزي، اليوم الخميس، أن الاحتياطي الأجنبي لمصر سجل نحو 37.037 مليار دولار في نهاية أبريل 2020، مقارنة بـ 40 مليار دولار في نهاية مارس 2020، بتراجع قدره نحو 3.1 مليار دولار، وهي موارد لتغطية احتياجات السوق المصرية.
ومن جانبه قال د. رمزي الجرم، خبير سوق المال، أنه في ظل استمرار أزمة كورونا، لا يُمكن التوقّع لأي اقتصاد أن يكون بمنأى عن تلك التداعيات الخطيرة، التي ضربت أعتى الاقتصادات العالمية بشكل غير مسبوق.
فقد كبدت تلك الجائحة؛ الاقتصاد الأمريكي الذي يُعد أكبر اقتصاد في العالم خسائر دامية؛ مما دعا إلى الشروع في اقتراض نحو 3 تريليونات دولار؛ لتعويض الأعمال التي تضررت، والانخفاض الشديد في الإيرادات بكافة أنواعها، سواء السياحية أو غيرها من إيرادات شركات الأعمال، في ظل دين عام يُقدّر بنحو 25 تريليون دولار.
وأضاف خبير سوق المال في تصريح خاص للطريق، ولم يَكن الاقتصاد المصري، بعيدًا عما يحدث في كافة الاقتصادات العالمية؛ إلا أنه تم إدارة الأزمة منذ البداية باحترافية عالية، من خلال اعتماد 100 مليار جنيه، فضلًا عن تأجيل سداد قروض التجزئة للأفراد والشركات لمدة 6 أشهر، وتعويض العمالة غير المنتظمة، فضلًا عن انخفاض الحصيلة الضريبية بشكل غير مسبوق؛ نتيجة تعطل كثير من الأعمال، مثل: السياحة والطيران والقطاعات الاقتصادية الأخرى؛ والتي تقدر بنحو 75% من إيرادات الدولة.
إلا أن ما تم إحرازه من خلال حزمة من التدابير الاحترازية والوقائية والمالية، كان له تأثير سلبي على الاقتصاد المصري؛ فقد كانت كلها على حساب المكتسبات التي تم إنجازها، من خلال تبني الحكومة لبرنامج طموح للإصلاح الاقتصادي في الفترة (2016 - 2019)؛ والذي كان هو حائط الصد في مواجهة الصدمة المالية الحالية، بل وستكون تلك المكتسبات هي التي يتم الاعتماد عليها للخروج من النفق المُظلم، من خلال قيام الحكومة بالعمل على زيادة الإنفاق العام كأحد الآليات لزيادة الطلب الكلي، وبالتالي زيادة دوران عجلة الإنتاج؛ وذلك من خلال زيادة المخصصات المالية لتحسين أجور العاملين بالدولة، والارتقاء بأحوالهم المالية؛ إذ تم تخصيص 335 مليار جنيه للأجور، بزيادة قدرها 34 مليار جنيه، فضلًا عن زيادة مخصصات التعليم والصحة في موازنة الدولة.
والحقيقة أن سَعي الحكومة على استحياء نحو التخفيف التدريجي لبعضٍ من التدابير الاحترازية التي تبنّتها الدولة منذ بداية الأزمة، تماشيًا مع التعايش مع الجائحة الصحية؛ مع اتخاذ كافة الأساليب الوقائية بشكل كامل؛ نظرًا لحالة عدم اليقين في شأن موعد انتهاء تلك الأزمة، والتداعيات السلبية حال استمرارها فترة أطول من ذلك، على الاقتصاد القومي والحالة المعيشية لطبقات المجتمع المختلفة.
وسوف يكون لها انعكاسات إيجابية على تعويض الخسائر المالية والاقتصادية خلال تلك الفترة، في ظل التوقعات الصادرة من مؤسسات التصنيف الائتماني، والمؤسسات الدولية، بتحقيق نمو إيجابي يتراوح ما بين 2.5% إلى 3.5%؛ في ظل انخفاض معظم بلدان الشرق الأوسط إلى معدل سالب؛ وهذا ما سوف يكون له دور كبير في الموافقة على القرض الذي تقدمت به الحكومة من خلال برنامج التمويل السريع (RFI) وبرنامج الاستعداد الائتماني (SBA) في حدود 4 مليار دولار لمدة عام، وبدون أي مراجعات أو إجراءات مالية لها أي انعكاسات على أفراد الشعب، وبما سوف يَدعم الاحتياطي النقدي للعملات الأجنبية طرف البنك المركزي، والذي من شأنه أن يؤدي الى تَحسين بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي، وفي مقدمتها استقرار سوق صرف النقد الأجنبي.
وقال محمد عبد الهادي، خبير اقتصادي، أن تاثير انتشار وباء كورونا له آثار سلبية على كافه اقتصاديات العالم حيث أن شبح سيطرة الركود التضخمي والكساد يسيطر على كافة الاقتصاديات، وهذه نتيجة حتمية لتوقف حركه الإنتاج.
خاصه أن مستلزمات الإنتاج لكافة المصانع في العالم يتم استيرادها من الصين وهذا أثّر على معدلات السفر واستيراد النفط فأصبحت دول كثيرة تعتمد معدلات الناتج المحلي الإجمالي على النفط وانخفاضه سوف تتأثر به تلك الدول نظرًا لانخفاض سعر النفط، مثل المملكة العربية السعودية التي ولأول مرة مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني تعطيها توقع سالب.
وأضاف خبير الاقتصاد، في تصريح خاص للطريق، ومصر ليست بمعزل عن العالم من التأثر، خاصة أن مصر تعتمد بنسبة ١٨ % من الدخل القومي على السياحة، ومع توقف حركةالسياحة سوف تتأثر كافة معدلات الدخل القومي، وإذا أخذنا كل بند من البنود الآتية لمعرفة تأثير وباء كورونا على الاقتصاد المصري:
أولًا: منذ بداية العام ومع قيام مصر بسداد جزء من مديونيتها ومع إعلان منظمة الصحة العالمية إعلان وباء كورونا أنه جائحًا وكان التخوف من سحب استثمارات أجنبية.
مما سوف يؤثر على الاحتياطي النقدي الأجنبي وانخفاضه إلى ٨.٥ مليار دولار خلال آخر شهرين فقط منهم ٣ مليار دولار لتلبية احتياجات السوق من النقد الأجنبي لشراء مستلزمات السلع الاستراتيجية، بخلاف سداد مديونيات تقدر بحوالي ١.٦ مليار دولار ...... وهذا ما أدى إلى محاولة مصر في طلب قرض جديد من صندوق النقد الدولي مره أخرى للحفاظ على مكتسبات الإصلاح الاقتصادي
ثانيًا: ارتفاع الدين الخارجي، وهذا أمر حتمي نظرًا لتأثر مصادر الدخل القومي من السياحة وتوقف كافة الرحلات الجوية مع توقف تام لرحلات العمرة وتوقف تحويلات المصريين في الخارج وهي إحدى المصادر الهامة لمساندة ودعم الاحتياطي النقدي مع إيرادات قناه السويس بسبب توقف بواخر التصدير وبالتالي سوف تلجأ مصر إلى الاستدانة من الخارج، مما يرفع مرة أخرى الدين الخارجي..
وقال دكتور سيد قاسم، استشاري الصحة المالية والتطوير المؤسسي، أن مصر ودول العالم تتعرض للانكماش الاقتصادي بسبب عاصفة فيروس الكورونا (كوفيد 19).
مما لا شك فيه أن فيروس كورونا (كوفيد 19) أجبر
مصر والعالم على المرور في نفق مظلم تبدلت فيه كل معدلات النمو الاقتصادي المتوقعه في ٢٠٢٠، ووصولًا إلى حالة من الانكماش الاقتصادي، بل يمكن أن نجزم بأنه على أعتاب مرحلة ضخمه من الركود الاقتصادي العالمي.
وأشار معهد التمويل الدولي إلى أنه منذ تعديل توقعات نمو الاقتصاد العالمي بالخفض قبل أسبوعين، فقد طرأت بعض التغيرات التي أدت إلى تغيير الصورة بشكل كبير، كما شهدت الأسواق الناشئة تدفقات نقدية خارجة مع تركز عمليات تخارج المستثمرين خارج الصين، وسط تحول صدمة "كوفيد-19" التي اندلعت في الصين إلى صدمة أكبر بكثير في بقية أنحاء العالم.
وأضاف استشاري الصحة المالية والتطوير المؤسسي، في تصريح خاص للطريق، ويمكن مكافحة حالة الانكماش الاقتصادي عن طريق إنعاش الاقتصاد من خلال عدة إجراءات تحفيزية يقودها البنك المركزي، ومنها: خفض الفوائد السائدة، زيادة السيولة النقدية، كما تكمن مسئولية البنك المركزي في تحريك عجلة الاقتصاد لاستكمال حركة النمو.