مهنة لا تحتاج للكلام.. حكاية ”نادر” من التنمر إلى تصوير المباريات

ولد في شهره السادس من الحمل، لم يكتمل نموه بعد، ما جعل الأطباء يخبرون والديه أن طفلهما سيعاني من مشاكل عضوية تهدد حياته التي لم تبدأ بعد، ما الحيلة لدى الوالدان والعجز يسلبهما الحلم الذي جاء قبل موعده، "الدعاء" كان ملجأئهما، دومًا ما يكمن السر بداخله.
ولكن، بين عشية وضحاها تحولت كل تكهنات الأطباء إلي لا شئ، ليولد الطفل ويحبو هو والحياة سواء مواجهًا أثار ما خلفته ولادته المبكرة من تلعثم في الحديث، ما عرضه للتنمر الذي ألقي به في نوبات إكتئاب حادة، نتيجة نبذ المجتمع له ورفض الكثير دخوله العمل بأي مجال.
هُدنة من الحزن عاشها نادر إبراهيم، ابن مدينة الإسكندرية، بحث خلالها عن حلول للخروج من مأزقه، أخذ يفكر في الوظائف الصامتة التي من الممكن أن يعمل بها، وأخيرًا وجدها في العمل مع الكاميرا، ووجد في عالم التصوير الفوتوغرافي الملاذ لأنه على حد وصفه "مفهوش كلام".
منذ ثلاث سنوات، بدأ نادر مشواره مستعينًا بكاميرا بدائية لإحدى أقاربه، بعد أن قرر التخصص في مجال التصوير الرياضي لشغفه بكرة القدم.
و يحكي عن الصعوبات التي واجهها ويقول: "التنمر بدأ معايا من صغري وفضل ملازمني، اترفضت بسببه في كلية السياحة والفنادق، اترفضت في كل شغل كنت بتقدم له، وضاعت مني سنين كتير، أختي أقترحت عليا أشتغل في التصوير وقالتلي مفهوش كلام كتير وأنت تصويرك كويس".
ويردف: "استلفت فلوس من أختي وأشتريت كاميرا حديثة، وبدأت أنزل أصور ماتشات واشتغل ببلاش لمدة سنة، وكان أول مباراة أصورها لنادي الإتحاد وطنطا، لحد ما حصلت على فرصة للعمل في نادي الأوليمبي".
صور عدة ذاع صيتها من عدسة نادر إبراهيم الطالب بكلية الآداب قسم التاريخ، على مواقع التواصل الإجتماعي، كان أبرزها، تلك التي ظهر فيها ثلاثة مشجعين من كبار السن وهم يهللون فرحًا بفوز النادي الأوليمبي في أحد مبارياته، عمله بالأوليمبي ومن قبل نادي سبورتينج منحة فرصه المشاركة في تصوير بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة التي أقيمت على أرض مصر العام الماضي، ويقول: "كانت مفاجأة بالنسبة لي، كنت تقريبًا أصغر مصور والحمدلله تفوقت وناس كتير اشادت بالشغل".
مؤخرًا قام "نادي عدسة" بتنظيم فعالية بحضور المصورالعشريني، للحديث عن التصوير الرياضي ورحلته الصعبة وذلك بعد أن رفضه لحضور هذه الفعالية أكثر من مرة خشية التنمر، ولكن إصرار مدير النادي جعله يتجرأ ويخوض التجربة، ويقول:" كنت متردد وخايف لأنه أول مرة هتكلم قدام ناس كتير، حضرت للفعالية بأني بدأت أحضر ندوات لمعرفة إزاي هقدم الفعالية، وقعدت أحفظ اللي هقوله وذاكرته".
ويردف: "المفروض كنت هتكرم في شهر 3 الماضي، بحفلة جوائز الإسكندرية للإبداع الرياضي بحضور وزير الشباب والرياضة كأفضل مصور في الإسكندرية ومن أفضل المصوريين في كأس أمم إفريقيا، لكن بسبب انتشار فيروس كورونا لم يتم الحفل".
"هو في حد شغال في الصحافة يتكلم كده.. صحافة إيه دي على أخر الزمن"، جُمل قاسية لم يسلم نادر من سماعها على الرغم من لجوئه لمهنة يندر بها الكلام، ويقول: "لما بسافر أي مدينة غير الإسكندرية، أو بروح استاد معرفهوش وبسأل على المكان بتعب، لأن الناس مش بتفهمني، أوقات بيتريقوا ويسبوني ويمشوا لما أغيب في الكلام".
يعمل نادر بالوقت الحالي كمصور للفريق الأول بنادي سموحة السكندري لكرة القدم، وأكاديمية فريق برشلونة الإسباني بمصر، وعن أحلامه المستقبلية، يقول: "بتمني أصور بطول دورى أبطال أوروبا ومحمد صلاح، وأشتغل في وكالة أنباء عالمية خارج مصر، أشتغل في بلاد لديها ثقافات مختلفة عننا".