الطريق
السبت 27 أبريل 2024 04:09 صـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

مصطفى شوقي.. أسطى الفلكلور

طارق سعد
طارق سعد

لا شك أن الـ "فلكلور" واحد من أمتع الفنون التى تفصلك عن العالم المحيط وتعود بك لأجواء من الماضي، مصاحبة لما تسمعه أو تشاهده من أعمال تنتمي لـ "الفلكلور"، فمع مرور الزمن على أعمال كثيرة أخذت هذا التصنيف وأصبحت لها رونقاً وعبقاً خاصاً لا يقاوم، بل أخذت من الحصانة ما يحميها من النقد والانتقاد.

أهم ما لا يلفت النظر ويمر دون تركيز أن هذا الـ "فلكلور" لا نحضره ولا نعيش أجواءه، بل نستلمه دائماً من الماضي جاهزاً معلباً، هو قالب جاهز مختوم بختم الـ "فلكلور"، سواء كان أغنية أو رقصة أو حكاية شعبية كلها ألوان نشتم منها عبق الماضي ونتفاعل معه كحالة منفردة تضيف البهجة.

مصطفى شوقي

الجديد أن يتم صناعة الـ "فلكلور" حاضراً واقعاً بنفس بهجة ومذاق الماضي، وهذه الصناعة تحتاج لـ "أسطي" ماهر قادر على مشقة هذه الصنعة، ويستطيع أن يقدم لك كل ما هو مبهر بمنتهى الحرفية، لتتوقف لحظة وتسأل إذا كان ما يقدمه جديداً أم مخزون فلكلوري من شدة التقارب بل التطابق بين عبق الماضي وبهجة الحاضر.

"مصطفى شوقي" الذى طل علينا فجأة وقام بدور "أسطى الفلكلور" بمنتهى المهارة والسلاسة دون الانتباه لسحر ما يقدمه، ولكنه جاء محباً للون غنائي مختلف يخرج به من القالب المتجمد الذى حُبست فيه الأغنية، حاملاً عبء تقديم البهجة وكسر حالة القلق والتوتر التى أصبحنا ندور فيها كحلقة مفرغة.

ذكاء "مصطفى" جاء في تقديمه للون غنائي مفرداته من قلب الشارع، واقتنصها من على لسان البسطاء دون الانجراف مع موجة "رايجة" والانزلاق فى مستنقع الـ "قباحة"، وهو ما دعمه فيه منتج كبير هو بمثابة "شيخ أسطوات الصنعة"، فيكفي ذكر اسم "نصر محروس" على مشروع غنائي لتطمئن على جودة العمل وتضمن "بضاعة" جديدة مميزة وغير مكررة.

نجاح "مصطفى شوقي" الحقيقي أنه استطاع تقديم الـ "فلكلور" بشكل "لايف"، دون الانتظار لسنوات طويلة حتى يحصل على ختم هذا التصنيف، وهو ما يعتبر خرقاً لكل القواعد، خاصة بما يتمتع به "مصطفى" من صوت وشكل وأداء ساهم بشكل كبير في صناعة تركيبة مختلفة أهم ما يميزها أنها تضفى البهجة والفرحة، بل تجدد الانتعاش بمفردات شعبية خالصة دون أية إيحاءات أو أي ابتذال يخرج من هذه الكلمات يخدش الحياء أو يحرض بها على استعمالها بشكل خارج أو مهين.

هذه التوليفة التى صعدت بـ "مصطفى شوقي" إلى القمة فجأة وجعلته ضيفاَ رئيسياً فى كل قوائم الأغنيات التى يتم تكوينهاـ هى ما جعلته مقرباً من كل الأعمار والفئات كصانع للبهجة، مع ملامحه المصرية الأصيلة، فتشعر أنه فرداً من الأسرة أو العائلة، ما جعلهم يعترضون على "موديل" إحدى أغنياته بدافع الغيرة عليه وعلى نجاح،ه حباً في صورة وقالب وُضع فيهما "مصطفى" دون سبق إصرار أو ترصد، ولكنها نتيجة طبيعية لنية صافية قصد بها بداية مشواره، فصدقها جمهوره بلا أي جهد أو تفسير.

"ملطشة القلوب – ضارب عليوي – عرقسوسي"، وغيرها مما يقدمه "مصطفى شوقي" من لون شعبي خفيف وشقي، بقدر ما صنع به نجاحاً منفرداً بلا منافس، إلا أنه أصبح في اختبار صعب بشكل متواصل فلن تُقبل منه أية خطوة تراجع للخلف ليبقى مطالباً في كل عمل يستعد لتقديمه أن يكون منافساً شرساً لنجاحاته السابقة وهي مسئولية صعبة للغاية ومرهقة ولكنها ضريبة الاستمرارية.

أن تكون مختلفاً هو أسهل ما يمكن .. أما أن تكون مختلفاً تحترم نفسك وجمهورك فيحترمك هذا الجمهور هو التحدي الأصعب وهو ما نجح فيه "مصطفى شوقي" بتفوق وعن جدارة للدرجة التى وصلت به إلى صناعة "فلكور" غنائي للمستقبل لتتلقفه الأجيال القادمة كما تلقفنا نحن تراث أجدادنا.

وسط هذا الزخم والـ "عك" الذي ضرب الساحة الغنائية قليلون من النجوم وخاصة الجدد يدفعوك لاحترامهم وهو أهم مكاسب "مصطفى شوقي" التى حققها ليبقى منفرداً ......

"أسطى الفلكلور".