الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 07:38 صـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
42 حزب سياسي يقررون دراسة الأثر التشريعي لتعديلات قانون المرور وتشديد الغرامه الماليه محمد عبدالجليل: مهمة الزمالك صعبة في غانا.. ودريمز فريق عشوائي كرونسلاف يورتشيتش يعبر عن سعادته عقب بيراميدز على البنك الأهلي في دوري نايل بشير التابعي للطريق: الأهلي راح الكونغو ”مكسح” ومازيمبي فرقة فاضية أوس اوس من أجل فيلم ”عصابة مكس” في الفيوم هذا ماقالتة هنا الزاهد للجمهور عاجل.. ”كاف” يرد الاعتبار ويصدر قرار صارم بشأن أزمة نهضة بركان واتحاد العاصمة في بيان رسمي لبلبة تستكمل مشاهدها في فيلم ” عصابة مكس” الأرصاد تحذر من رياح مثيرة للرمال والأتربة تصيب القاهرة الكبرى غدًا ياسر إبراهيم: نتيجة مباراة الذهاب أمام مازيمبي الكونغولي خادعة و اللاعبين لديهم خبرات لغلق صفحة مباراة الذهاب محافظ الغربية يتابع الاستعدادات النهائية لبدء تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء سكرتارية المرأة بـ ”عمال مصر” تهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بالذكرى 42 لتحرير سيناء

عبد الناصر والبابا كيرلس.. صديقان لم يفرقهما الموساد

"إن الحزن الذي يخيم ثقيلًا على أمتنا كلها لانتقال الرئيس المحبوب والبطل المظفر جمال عبد الناصر إلى عالم الخلود أعظم من أن يعبر عنه أو ينطق به، إن النبأ الأليم هز مشاعرنا ومشاعر الناس في الشرق والغرب بصورة لم يسبق لها مثيل، ونحن لا نصدق أن هذا الرجل الذي تجسدت فيه آمال المصريين وكل العرب يمكن أن يموت، إن جمال لم يمت ولن يموت، أنه صنع في مدى عشرين سنة من تاريخنا ما لم يصنعه أحد من قبله في قرون، وسيظل تاريخ مصر وتاريخ الأمة العربية إلى عشرات الأجيال مرتبطاً باسم البطل المناضل الشجاع الذي أجبر الأعداء قبل الأصدقاء على أن يحترموه ويهابوه ويشهدوا بأنه الزعيم الذي لا يملك أن ينكر عليه عظمته وحكمته، وبعد نظره وسماحته ومحبته وقوة إيمانه بمبادئ الحق والعدل والسلام'.

هذه الكلمات جزء من نعي البابا كيرلس السادس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية السابق، للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي ودع عالمنا منذ 50 عامًا في يوم 28 من سبتمبر، وتعتبر ملخصًا لقصة علاقتهما، وكما وصفتها إذاعة صوت أمريكا عند وفاة البابا كيرلس في عام 1971: "توفى الصديق الوفي لعبد الناصر"، وتدل أيضًا على قوة علاقة عبد الناصر بالكنيسة القبطية والشعب المسيحي.

علاقة الزعيم عبد الناصر والبابا كيرلس السادس لم تكن علاقة بين رئيس وبطريرك، ولكنها تخطت ذلك، حسبما وصفها الكاتب الصحفي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل في كتابة الشهير "خريف الغضب"، في جزء كبير من باب كامل بعنوان "الكنيسة القبطية" قائلًا فيه: "كانت العلاقات بين جمال عبد الناصر وكيرلس السادس علاقات ممتازة، وكان بينهما إعجاب متبادل، وكان معروفًا أن البطريرك يستطيع مقابلة عبد الناصر في أي وقت يشاء، وكان البابا كيرلس حريصًا على تجنب المشاكل، وقد استفاد كثيرًا من علاقته الخاصة بعبد الناصر في حل مشاكل".

مساهمة الدولة وتبرع أبناء عبد الناصر لبناء كاتدرائية

وروى هيكل في كتابه: "كان هناك مشكلة أخرى واجهت البطريرك كيرلس السادس، فقد كان تواقًا إلى بناء كاتدرائية جديدة تليق بمكانة الكنيسة القبطية، كان بناء كاتدرائية جديدة مشروعًا محببًا إلى قلب البطريرك، لكنه لم يكن يريد أن يلجأ إلى موارد من خارج مصر يبنى بها الكاتدرائية الجديدة، وفي نفس الوقت فإن موارد التبرعات المحتملة من داخل مصر كانت قليلة لأن القرارات الاشتراكية أثرت على أغنياء الأقباط، كما أثرت على أغنياء المسلمين، ممن كانوا في العادة قادرين على إعانة الكنيسة بتبرعاتهم، إلى جانب أن المهاجرين الأقباط الجدد لم يكونوا بعد في موقف يسمح لهم بمد يد المساعدة السخية".

وأضاف هيكل، "أن أوقاف الأديرة القبطية أثرت فيها قوانين إلغاء الأوقاف، وهكذا وجد البطريرك نفسه في مأزق، ولم ير مناسبًا أن يفاتح جمال عبد الناصر مباشرة في مسألة بناء الكاتدرائية فلقد تصور في الموضوع أسبابًا للحرج، وهكذا فقد تلقيت شخصيًا دعوة من البطريرك لزيارته وذهبت فعلاً للقائه بصحبة الأنبا صموئيل الذي كان أسقفًا بدار البطريركية، وفى هذا اللقاء حدثني البطريرك عن المشكلة".

وأوضح هيكل، "أن البطريرك أظهر تحرجه من مفاتحة جمال عبد الناصر مباشرة في الأمر حتى لا يكون سببًا في إثارة أي حساسيات، ثم سألني ما إذا كنت استطيع مفاتحة الرئيس في الموضوع دون حرج للبطريرك ولا حرج على الرئيس نفسه، وعندما تحدثت مع الرئيس عبد الناصر في هذا الموضوع، كان تفهمه كاملًا، كان يرى أهمية وحقوق أقباط مصر في التركيب الإنساني والاجتماعي لشعبها الواحد، ثم أنه كان يدرك المركز الممتاز للكنيسة القبطية ودورها الأساسي في التاريخ المصري".

وأكد هيكل، في كتابه خريف الغضب، "أن جمال عبد الناصر كان واعيًا بمحاولات الاستقطاب التي نشط لها مجلس الكنائس العالمي، وهكذا فإنه قرر على الفور أن تساهم الدولة بنصف مليون جنيه في بناء الكاتدرائية الجديدة، نصفها يدفع نقدًا ونصفها الآخر يقدم عينًا بواسطة شركات المقاولات التابعة للقطاع العام والتي يمكن أن يعهد إليها بعملية البناء".

كما سرد الكاتب الصحفي الراحل محمود فوزي، نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر في كتابه "البابا كيرلس السادس وعبدالناصر"، أن البابا كيرلس السادس زار الرئيس ذات يوم في منزله، فجاء إليه أولاده، وكل منهم معه حصالته، ثم وقفوا أمامه، وقال له الرئيس: "أنا علمت أولادي وفهمتهم إن اللي يتبرع لكنيسة زي اللي يتبرع لجامع، والأولاد لما عرفوا إنك بتبني كاتدرائية صمموا على المساهمة فيها، وقالوا حنحوّش قرشين، ولما ييجي البابا كيرلس حنقدمهم له، وأرجو ألا تكسفهم وخذ منهم تبرعاتهم، فأخرج البابا كيرلس منديله ووضعه على حجره ووضع أولاد عبدالناصر تبرعاتهم، ثم لفها وشكرهم وباركهم".

وضع حجر الأساس للكاتدرائية

ولم يكتف عبد الناصر بتلك المساعدات التي قدمها للكنيسة، ولكنه حضر وضع حجر الأساس والافتتاح أيضًا، كما ألقى خطابًا عظيمًا أثناء وضعه لحجر الأساس وذلك جزء منه، قائلًا: "أيها الإخوة يسرني أن أشترك معكم اليوم في إرساء حجر الأساس للكاتدرائية الجديدة، وحينما تقابلت أخيراً مع البابا في منزله فاتحته في بناء الكاتدرائية، وأن الحكومة مستعدة للمساهمة في هذا الموضوع. ولم يكن قصدي من هذا فعلًا المساهمة المادية فالمساهمة المادية، أمرها سهل وأمرها يسير، ولكنى كنت أقصد الناحية المعنوية".

وتابع عبد الناصر، "إن هذه الثورة قامت أصلًا على المحبة وعلى الخير، ولم تقم أبدًا بأي حال من الأحوال على الكراهية أو على التعصب، هذه الثورة قامت من أجل مصر ومن أجل العرب جميعاً، هذه الثورة قامت وهي تدعو للمساواة ولتكافؤ الفرص والمحبة والمساواة وتكافؤ الفرص من أول المبادئ التي نادت بها الأديان السماوية؛ لأننا بالمحبة والمساواة وتكافؤ الفرص نستطيع أن نبني المجتمع الصحيح، المجتمع السليم الذي نريد والذي نادت به الأديان".

جمال عبد الناصر يسدد مرتبات العاملين بالكنائس

وقال البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في حوار مع مجلة الوسط اللندنية، إن الوضع المالي للبطريركية في عهد البابا كيرلس منهارًا، لدرجة أن الرئيس جمال عبد الناصر تبرع بـ 30 ألف جنيه لسداد العجز في مرتبات الموظفين، في عام 1967.

تنحي عبد الناصر

وبحسب كتاب الراهب رافائيل أفامينا "مذكراتي عن حياة البابا كيرلس"، بقلم حنا يوسف عطا شقيق البابا كيرلس، والقمص ميخائيل داود في كتاب "ذكرياتي مع البابا كيرلس السادس.. فيض النعمة"، عندما أعلن الرئيس الراحل خطاب التنحي في 9 يونيو 1967؛ توجه البابا كيرلس إلى منزله بمنشية البكري بصحبة ثلاثة مطارنة ونحو خمسة عشر كاهنا، وعندما وجدوا طوفان البشر محيطا بمنزل الرئيس؛ صدرت التعليمات من رئاسة الجمهورية بأن تقوم سيارة بفتح الطريق أمام سيارة البابا

وعندما دخل المنزل قال أنا عايز أقابل الريس؛ فأخبروا الرئيس برغبة البابا فى مقابلته؛ فتحدث إليه فى التليفون قائلا: "أنا عمري ما اتأخرت عن مقابلتك فى بيتي فى أي وقت، لكنني عيان والدكاترة من حولي"، فقال له البابا: "طيب عاوز أسمع منك وعد واحد"، فرد عليه الرئيس "قل يا والدي" فقال له البابا "الشعب بيأمرك أنك ما تتنازلش" فرد عليه الرئيس "وأنا عند الشعب وأمرك".

وعندما أعلن محمد أنور السادات، أن عبد الناصر قد نزل على إرادة الشعب؛ توجه قداسته صباح يوم 10 يونيو إلى القصر الجمهوري بالقبة وكتب كلمة فى سجل الزيارات أعلن فيها عن فرحته بنزول عبد الناصر على إرادة الشعب والعودة لممارسة مهامه كزعيم للأمة.

الموساد الإسرائيلي

وبحسب الصحفي الراحل محمود فوزي في كتابة "البابا كيرلس وعبد الناصر"، إن الموساد الإسرائيلي حاول في الستينيات الإيقاع بين عبد الناصر والبابا كيرلس بنشر خطاب مزور أرسله البابا كيرلس إلى بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل، يستعطفه فيه بتسهيل تحصيل ما يخص الأقباط من إيرادات شهرية في القدس، ويدعو البابا لبن جوريون في هذا الخطاب بالنصر وبأن يشتت من يقف في طريقهم وأن يكون مصيره الغرق في البحر الأحمر.

وذكر فوزي، أن من زور هذا الخطاب باسم البابا كان راهب مطرود اسمه أرمانيوس الأنطوني، وكان قبل طرده قد اختلس إيرادات حدائق الموز التابعة للكنيسة بالقدس وأريحا، وحين كشف مطران القدس ذلك، ضربه الراهب المطرود وهرب، ولبس العباءة والعقال وتسلل إلى داخل إسرائيل ثم تم اصطياده عن طريق الموساد الإسرائيلي.

وأضاف فوزي في كتابه، إن الراهب سافر بعد ذلك إلى بيروت ومنها إلى بغداد ثم سرعان ما عاد إلى القدس مرة أخرى، فطردته القنصلية المصرية هناك فعاد إلى القاهرة ليشرع في تزوير الخطاب إلى جوريون.

وأوضح فوزي، أن الذي كشف الجريمة، بلاغ قُدم لقسم شرطة عابدين برقم 163 من يوسف محمود الشيخ صاحب ستوديو فريد أمام محكمة عابدين، وقال في البلاغ أن شخصا يرتدى الزي الكهنوتي يتردد على محله، وأنه يكتب جوابات ويصور صورًا ضد البابا.

وأشار الكاتب الصحفي، أن الراهب في ذات مره كتب جوابًا باسم البابا كيرلس إلى جوريون، وقدم صاحب الاستديو صورًا من الخطاب المزور، وقامت النيابة بالتحقيق مع المتهم، وتأكدت أن خطابا مزورا، وصف البابا كيرلس بأنها "جريمة لا تغتفر ليس في حق الوطن فقط ولكن في حق الكنيسة التي لا يمكن أن تعترف بإسرائيل".

إسرائيل تتهكم على علاقة عبدالناصر بالبابا

وحسب القمص ميخائيل داوود في كتاب "ذكرياتي مع البابا كيرلس السادس.. فيض النعمة"، لم تكتفي إسرائيل بتلك الواقعة، لتؤكد كرهها لعلاقة الزعيم جمال عبد الناصر والبابا كيرلس، بعد نكسة يونيو 1967م، وأصدر البابا أمرًا بأن يقوم الشعب بإقامة صلوات القداس الإلهي في كل الكنائس القبطية من أجل مصر حتى يعطيها الرب الحماية والصمود.

وقامت إذاعة إسرائيل العربية الموجهة تتهكم على أوامر البابا بإقامة الصلوات وتقول: "أبشر يا عبد الناصر، فإن معك كيرلس السادس أما نحن فمعنا الأسطول السادس".