الطريق
الخميس 25 أبريل 2024 05:48 مـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

ليلة ”عزاء” الصحافة المصرية

سعيد محمد أحمد
سعيد محمد أحمد

فى أول سابقة فى تاريخ مؤسسة الأهرام العريقة، يقام أول عزاء داخل جريدة الأهرام لفقيد الصحافة المصرية والعربية مكرم محمد أحمد، فى بيته الصحفى الأول، فكانت تكريما لتاريخه الصحفى والمهنى والنقابى والسياسى.

وتقتضي الأمانة الصحفية والمهنية والأخلاقية توجيه الشكر والتقدير لكل الزملاء الصحفيين بمختلف توجهاتهم وقناعاتهم بمؤسسة الأهرام، وفى مقدمتهم الأستاذ عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة الأهرام، وهو من تلامذة الفقيد مكرم محمد أحمد، ولكافة الجماعة الصحفية التى كان يؤمن بها مكرم دوما في مشواره الصحفى والنقابى، فى الدفاع عنها وعن مصالحها المهنية والصحفية.

نعم كان مكرم والدى، كنت أقرب إليه من حبل الوريد، ووالدا لم يكن خشنا ولا عنيفا فى تعاملاته الإنسانية، بل كان والدا حاسما وحازما فى كل الأمور الحياتية والمهنية، ولم يعر يوما اهتماما للصغائر، ولم يحمل فى نفسه أى غضاضة مع أى شخص كان اختلف معه فى الرأى أو عارضه فى قناعته ورؤاه، وكل ما كان يشغل فكره وهمه دوما هموم الوطن عبر التركيز على أهمية وضرورة الارتقاء بمهنة الصحافة، وفق معايير وقواعد أخلاقية سندها الوحيد "الضمير المهنى والإنساني"، وبما يحفظ كرامة المهنة وكرامة الصحفيين فى التدقيق فيما يكتب وبما ينعكس على الصالح الوطنى العام للدولة المصرية.

إقامة العزاء لمكرم داخل جريدة الأهرام، كان بمثابة تكريما لمشواره الصحفى والمهنى، وتذكيرا من قبل تلامذته وأبناءه بالعديد والعديد من معاركة الصحفية الشريفة، ويستحق عن حق وصف آخر الراسخين فى عالم الصحافة المصرية، وكبير كتاب الكلمة الصادقة إيمانا منه بحرية الكلمة، وهى مقولة لشيخ الصحفيين السوريين الأستاذ مروان المهاينى أطال الله فى عمره، وتميزه بالقدرة على استمرار العطاء عبر قلمة الذى لم يفارقة إلى أن وافتة المنية، كان يتحرك كشاب فى الثلاثين من عمره، وبما شكل دهشة كبيرة للعديد من الصحفيين عن قدرة الرجل -رغم عمره- بحثا عن الخبر وبحضور واع لكل المؤتمرات التى تتعلق بصالح الوطن والدفاع عنه دوما وبإنصاف دون تذلف أو نفاق.

اكتب عنه ليس بوصفى "شقيقا "له، أو شهادة قد تكون مجروحة لتلك العلاقة، ولكن بوصفى صحفى تعلمت منه الكثير، تعلمت منه الصدق وصحوة الضمير والوضوح والشفافية وكراهيته للكذب وقدرته الفائقة على المواجهة فى الدفاع عن الصحافة والصحفيين، كرجل دولة وسياسى بارع فى مهنته، مما أكسبه احترام جموع الصحفيين ومحبة الكثيرين له.

المؤكد أننى لن أضف له شيئا، فهو رحمة الله عليه كان يمثل إضافة جديدة لكل منصب تقلده، ولم يكن يوما مزهوا أو مفتونا أو يسيل لعابه أمام عدسات المصورين سواء بمنصب أو جاه، وإنما بما قدمة للمهنة على مدار أكثر من ستين عاما، كان يكره -وبتعبيره الذى يدركة جموع الصحفيين- أنه ليس من أنصار حاملى "الوجاهة" وحملة المباخر، وبالبلدى كان لا يحب "الفشخرة والأنعرة"، كان بسيطا فى حياته ولم يتكسب من وراء مهنته وإنما كان عفيفا وشريفا فى تعاملاته وخدماته وفق ما يستطيع، تمتع بنظافة اليد والقلب وبشهادة جموع الصحفيين دون استثناء، مما جعله تاجا ودرة على صدر صاحبة الجلالة، ونموذجا وقدوة فى تاريخ مهنة الصحافة، نال منها الكثير والكثير من محبة الجميع رغم اختلاف البعض منهم معه، ورغم ذلك كانوا يقدرونه كثيرا فى مهنيته وعمله النقابى دفاعا عن حرية الصحافة وحرية الرأى والتعبير.

ما قامت به جريدة الأهرام والقائمين عليها من من كبار كتابها وصحفييها، وصحفيى كل الموسسات الصحفية الذين شاركوا فى العزاء، مما يستوجب كل الشكر والتقدير إلى الأستاذ عبد المحسن سلامة، والذى اعتبره واجبا مستحقا تجاه الرجل الذى أفنى عمره فى تلك المهنة بحلوها ومرها، وأن يقام العزاء فى ظل جائحة "كورونا"، وبرغم ذلك تدافع الكثير والكثير من أبنائه وتلامذته للمشاركة فى عزائه الذى يمثل عزاء للصحافة المصرية.

سعيد محمد أحمد
مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، ومدير مكتبها ومراسلها الصحفى فى العاصمة السورية دمشق سابقا.