الطريق
الخميس 18 أبريل 2024 03:58 صـ 9 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

جورج قرداحي .. قناع حزب الله الخفي

الأزمة اللبنانية الداخلية الدائرة منذ زمن طويل ما بين صعود وهبوط قد تعصف بكيان دولة وشعب، مع استمرارها ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية والدولية، في ظل استمرار سطوة "حزب الله" على مقدرات الشعب اللبناني ليصبح لبنان وحكومته المختطفة "رهينة" فى قبضة حسن نصر الله القابع في الضاحية الجنوبية يدير دولته، وفق منهج "ولاية الفقية" والمشروع الإيراني الفارسي في المنطقة بتمدده في أربع عواصم عربية "بغداد دمشق بيروت صنعاء"، بهدف تخريب المنطقة العربية، خاصة دول الخليج العربي، ومستخدمًا "حزب الله" ذراعه اليمنى محركًا رئيسيًا لتحقيق مصالح طهران وفق مزاعم وأكاذيب واهية يدركها أغلبية اللبنانيين من معظم الطوائف الرافضة للوجود الإيراني ممثلًا في "حزب الله"، عبر ترهيب الشعب اللبناني باستخدام مليشياته في وأد أي تحرك شعبي يطالب بحقوقه، ليصبح لبنان دولة فاقدة للسيادة وبحق، وليس وفق ادعاءات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي المتسبب في الأزمة الراهنة.

ويبدو أن لبنان على موعد "مع جهنم" وفق ما قاله وبشَّر به الرئيس اللبناني ميشيل عون، المتحالف مع حزب الله، ليطل مؤسس "من سيربح المليون" عبر دخوله الساحة السياسية من باب "المسامح كريم"، بعد فوزه بكل جوائز برامجه المليونية ليصبح الرجل صاحب الملايين المسؤول عن الدفاع عن السيادة اللبنانية المفقودة التي يدركها القرداحي جيدًا بأنها سيادة حبيسة ورهينة لدى ميليشيات "حزب الله" التي فرضت سطوتها الكاملة على لبنان، وتدار من "جمهورية الضاحية الجنوبية الإسلامية"، التي سعت جاهدة على مدى سنوات قليلة خلت من تدميرها بشكل ممنهج في جميع قطاعاتها السياسية والحزبية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية، وانعدام خدماتها الأساسية حتى أفقرتها وأفقرت شعبها الذي يعاني الأمرّين من فساد كبير في الحصول على قوت يومة بالكاد، مع ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع سعر الليرة إلى مستويات مخيفة وغلاء غير مسبوق ومسلسل تخريبي للبنوك اللبنانية.

قرداحى صاحب الأزمة بطلته الحكومية، وتصريحاته خدعت جميع اللبنانيين عقب توليه منصب وزير الإعلام في حكومة ميقاتي "العاجزة"عن اتخاذ قرار بإقالتع، وأيضًا عاجزة عن تصريف أمور الدولة اللبنانية، كما كشف قرداحي عن وجهه الحقيقي في ارتدائه "قناع " حزب الله، ليطلق سهامًا دامية في إطار خطة تفكيك الدولة اللبنانية المفككة منذ زمن، ليعلن تأكيده على أنه لا جود للدولة اللبنانية بعيدًا عن مظلة حسن نصر الله وميليشياته المسلحة، والبالغ عددها ١٠٠ ألف مقاتل بحسب ما أعلنه نصر الله رسميًا في رسالة إلى كل لبنان يتوعدهم فيها بعظائم الأمور، وأن على الجميع أن يخضع "لولاية الفقية" بوصفه المتصرف الأوحد في الشأن اللبناني.

كما أن تصريح الوزير القرداحي برفضه الاستقالة وتجاهل طلب ميقاتي بضرورة النظر إلى المصلحة الوطنية اللبنانية، وعوضا عن أن يكون رجل دولة يدرك مصلحة الوطن لحلحلة الأزمة الراهنة بين لبنان ودول الخليج يزيد من تأزمها، والتي انعكست بشكل سلبي في إعلان دول الخليج رفضها لتصريحات قرداحي، وبما يؤكد أنه يلعب سياسة وليس رجل دولة بإصراره عدم تقديم استقالته لتسحب دول الخليج سفراءها من لبنان وتدعو رعاياها لمغادرة لبنان على الفور.

وليفصح جورج قرداحي بارتدائه "قناع حزب الله "، بإعلان رفضه ورفض حزب الله الانصياع لأوامر حكومات ودول وسفراء حفاظًا على ما أسماه بالسيادة المنتهكة أصلًا من تدخل إيراني فج ومباشر في مقدرات لبنان، وهو أمر يدركه جيدًا قرداحي "نصر الله"، وليعلن حزب الله الوقوف إلى جانب قرداحي ودعمه ومساندته في مزاعمه الكاذبة، ليدخل لبنان نفقًا مظلمًا لا يعلم أحد مداه وانعكاسه على الداخل اللبناني الذي بات يستعد للدخول في "حرب أهلية" يروج لها حزب الله هروبًا من مأزقه مع إسرائيل، والذي لم يجرؤ أن يتحرك قيد أنملة باتجاه جنوب لبنان، وليظل قابعًا في خندقه تحت الأرض يخاطب أنصاره عبر شاشات "الفيديو كونفرانس" منذ حرب تموز عام ٢٠٠٦، للهروب من مواجهه إسرائيل سوى عبر خطابات وتصريحات عنترية نارية كأنها والعدم سواء، ومحذرًا ومنذرا فيها الشعب اللبناني بحرب "أهلية جديدة" قد تقع بعودة للاقتتال المذهبي والسياسي بين جميع الطوائف، وهو ما يخشاه اللبنانيون.

القرداحي المتسبب في الأزمة ورفضه الاستقالة يشكل ضربة للعلاقات والمصالح العربية اللبنانية المشتركة، وتحديدًا مع دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل إصرار اللاعبين المسيطرين على الشأن اللبناني، بما يؤكد أنهم لن يغيروا من مواقفهم وقناعاتهم، وهو ما يشير إلى عدم تحسن العلاقات مستقبلا مع استمرار معاناة الشعب اللبناني.

قد يكون من المتصور مستقبلا العودة إلى ما قبل تشكيل حكومة نجيب ميقاتي، والتي أتت ضمن تحالف مسبق بإطلاق يد كل من "عون - حزب الله" في أن يبقى لبنان رهينة لمصالح إيران الإقليمية، فيما يرى عديد من المراقبين أن المسار الأشد قسوة ومرارًا وإيلامًا قد يكون التصعيد فى وجه "حزب الله"، شريطة توافر الإرادة الدولية في ممارسة ضغط دولي حقيقي وفاعل ومؤثر لإجبار حزب الله كي يعترف بحقيقة حجمه محليًا وإقليميًا ودوليًا، ليتراجع ويتنازل سواء باستقالة قرداحي أو بولادة حكومة جديدة من المستقلين تُصلح ما أفسده حزب الله والقرداحي، وهو أمر قد يكون من الصعب تحقيقه في الأمد القريب.

اقرأ أيضًا: الجريمة الكبرى .. مسؤولية مجتمع أم انعدام لقيم الشهامة وغياب الوعى