الطريق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 01:59 صـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

تقرير| تغير المناخ يدق ناقوس الخطر ويحذر من تسارع ارتفاع درجات الحرارة

أرشيفية
أرشيفية

شغلت قضية تغيرات المناخ، العالم كله في الآونة الأخيرة، بسبب الانبعاثات الكربونية، وتبعاتها، ولذلك فقد انطلقت «قمة جلاسكو» للمناخ في 31 أكتوبر 2021، وتعد هذه القمة، رقم 26 من الجلسات التي تتم كل عام، لمتابعة الوضع المناخي في العالم، بمشاركة معظم الدول، ومنها الدول الرئيسية على الساحة التجارية والسياسية.

«اتفاقية كيوتو» للمناخ

لم تكن قمة جلاسكو الأولى من نوعها، لمناقشة أحوال المناخ، ففي عام 1992، تم توقيع «اتفاقية كيوتو»، في مدينة "ريو دي جانيرو" في البرازيل، بهدف تثبيت تركيز الغازات الدفيئة بشكل عام، في الغلاف الجوي، عند درجة تحد من التدخل البشري في المناخ.

اقرأ أيضا: الوقود الأحفوري.. ماذا سيحدث عند نفاذ النفط من العالم؟

كانت هذه الاتفاقية الأساس لكل قمم واتفاقيات المناخ التي أتت بعدها، حيث أن الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية هي التي تشارك في هذه القمم، وعددها 192 دولة، واستمرت القمم في الانعقاد كل عام، لبحث أمور ومستجدات المناخ.

اتفاقية باريس للمناخ

تم توقيع اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015، والتي اعتبرها كتاب "اتفاقية باريس للمناخ" بأنها أهم اتفاقية للمناخ في التاريخ البشري، وتهدف هذه الاتفاقية إلى تثبيت انبعاثات الغازات الدفيئة عند درجة تحمي البشرية من الأخطار التي يمكن أن تواجهها، وأهم أولوياتها الوصول إلى درجة صفر انبعاثات، في النصف الثاني من القرن الحالي.

وتم الاتفاق على استثمارت بقيمة 100 مليار دولار، في مجال تقليل الانبعاثات سنويا، كما نصت اتفاقية باريس للمناخ على تثبيت درجة حرارة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، بعد ما كانت - 0.6 درجة مئوية، منذ حوالي 150 سنة، حيث كان هذا الرقم هو المعدل الطبيعي حينذاك.

الثورة الصناعية

بدأ هذا المعدل في الارتفاع منذ عام 1930، بالتزامن مع انطلاق الثورة الصناعية، حيث أنه منذ هذه السنة وحتى الآن زادت درجة الحرارة لـ1.3 درجة مئوية، وحاليا بدأت تزداد لأكثر من 1.5 درجة مئوية، لذلك تحاول الدول تثبيت الدرجة عند 1.5 درجة مئوية.

في الواقع لم تكن مشكلة المناخ وليدة القرن العشرين، إنما بدأت منذ القرن الـ18، ولكن ظهرت الآثار بوضوح في بدايات القرن الـ20.

بريطانيا عاصمة الوقود الأحفوري

بدأت مشكلة المناخ، مع انطلاق الثورة الصناعية، وتحديدا في بريطانيا، بحسب كتاب «عاصمة الوقود الأحفوري»، للباحث السويدي، Andreas Malm، أندريس مالام، الذي ذكر في كتابه أن كل هذا بدأ في بريطانيا مع بداية الثورة الصناعية.

عندما استغنى الإنسان عن طواحين المياه في توليد الطاقة، ولجأ إلى الفحم، واستخدمه في تشغيل كل محركات ووسائل النقل وماكينات المصانع، وأصبح لكل مصنع مدخنة، في هذا الوقت كانت بريطانيا هي القوى العظمى المسيطرة على دول كثيرة في العالم.

لذلك نجد أن البنية التحتية في الهند، على سبيل المثال بطابع بريطاني، وبعد أكثر من 250 سنة تقريبا، سنجد هذه الدول من أكبر 5 دول ملوثة للعالم حاليا.

انهيار حضارتي «هارابا» و «المايا».. كوارث التغيرات المناخية

ومن الحضارات التي تدمرت بسبب التغيرات المناخية، حضارة هارابا في باكستان، التغير المناخي شرد الأهالي في هذه المنطقة، وقضي عليهم تماما بسبب السيول، والانحدارات الجليدية المميتة، وهذا ما يحدث حاليا بالتفصيل.

بدأت تغيرات المناخ منذ بداية عام 660 ميلادية، وتغيرت أحوال الطقس في منطقة أمريكا الوسطى، وارتفعت درجات الحرارة، مما تسبب في جفاف، وانهارت حضارة المايا بسبب الاحتباس الحراري حينذاك، لأن الجفاف تسبب في قلة الموارد الغذائية، وتحاربت القبائل على الغذاء، وثارت الشعوب ضد الحكام بسبب المجاعات، ومع تسلسل الحروب انتهت حضارة المايا.

وهذا ما أكده فريق دولي من الباحثين، من خلال دراسته للطبيعة في هذه المنطقة.

2021 عام الظواهر المناخية الغريبة

وتشير أغلب الأرقام والتقارير والإحصائيات الأخيرة، بالتزامن مع حدوث زلازل بكثرة وبدرجة كبيرة، مع السيول والرياح والبراكين، إلى أن الجنس البشري مهدد بالانقراض.

حيث أنه بالأرقام والأحداث، يعتبر عام 2021، هو عام التقلبات المناخية الغريبة ومنها النادرة، حيث اجتمعت فيها أغلب الظواهر المناخية، مثل بركان لابالما في أسبانيا، وبركان سيميرو في اندونيسيا، والعاصفة التي حدثت في ولاية كنتاكي الأمريكية، مع الزلازل وحرائق الغابات، والسيول كل هذه الأحداث تنذر بأننا بمواجهة خطر حقيقي.

الإنقراض مصير الجنس البشري مع الانبعاثات

في مدغشقر، يعاني عشرات الآلاف من نقص كارثي في الغذاء منذ أغسطس 2021، وحدث ارتفاع في نسب المجاعات، والسكان في مدغشقر لا يجدون طعاما سوى الحشرات، وهي المجاعة الأسوأ منذ أكثر من 40 سنة، بحسب الـBBC، وهذا أيضا ما أكدته الأمم المتحدة، في موقعها الرسمي.

وذكرت الأمم المتحدة، أن هناك 36 دولة في 2021، على حافة الموت بسبب المجاعات، وهذا بسبب الجفاف والظروف المناخية القاسية.

كما نقلت الـBBC، عن الدكتورة بيث تيلمان، الباحثة في جامعة أريزونا، عن أن هناك 180 مليون شخص معرضين بشكل أساسي للفيضانات، بحلول 2030، ولفتت إلى أن هذه مجرد بداية.

وقالت منظمة Global Conscience ، المهتمة بالتغيرات المناخية، على الصفحة الرئيسية لموقعها، " عالم لا يحتاج لإشارة أخرى، ليفهم أنه على صفيح ساخن".

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أنه منذ عام 1960 إلى 2020، درجة حرارة المسطحات المائية زادت أكثر من 10 درجات، منهم 4 درجات زادوا في آخر 20 سنة، وهذا يؤدي لذوبان المسطحات المائية المتجمدة، وهذا السبب الرئيسي للفيضانات التي اجتاحت أوروبا مع بداية شتاء 2021.

وذكرت دراسة نشرتها مجلة nature، في 2021، أن هناك 140 جيجا طن من المياه، تبخروا من البحار المتجمدة الشمالية، واتجهوا لأوروبا، وهذه الكمية تعادل عشرات الملايين من تانكات المياه متوسطة الحجم.

وآخر الأحداث المميتة، كانت في كندا، في 19 نوفمبر 2021، حدث فيضان، يعتبر الأسوأ في آخر 10 سنين، في مقاطعة كولومبيا الكندية المطلة على المحيط الهادي.

أيضا، حرائق الغابات في أوروبا والتي تعتبر الأقوى في القارة من 15 سنة، حدثت هذه الحرائق في اليونان وإيطاليا وأوكرانيا ورومانيا، وتم إجلاء حوالي 800 مواطن من بيوتهم، وحدث في تركيا أكثر من 200 حالة حريق للغابات في مناطق مختلفة.

يتسبب التغير المناخي في حرائق الغابات، بسبب أن ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في جفاف الغابات، مما يجعلها عرضة لأي مصدر إشعال، كالبرق.

الفحم المصدر الرئيسي للتغير المناخي

يعتبر السبب الرئيسي في التغير المناخي هو استخدام الفحم في المصانع، فقد ذكر موقع ماتريال فلور، المعني بالمواد الخام، في 2017، إن الفحم كان يشكل 53% من إجمالي الوقود المستخدم في العالم كله، ويشكل 9% من إجمالي المواد الخام التي يستخدمها الإنسان.

وذكر باحثين في جامعة هارفارد، أن تكلفة الفحم على الاقتصاد الأمريكي وحده، يصل لحوالي 345 مليار دولار سنويا.

وذكر الكاتب الأمريكي، Alan H Lockwood، في كتابه «الوباء الصامت الفحم»، وأثره الخفي على الصحة، فقد ذكر إنه من المستحيل أن تجد شهادة وفاة في العالم سبب الموت بها هو الفحم، رغم أن هناك عشرات الآلاف يموتون بسبب أمراض مثل الربو وسرطان الرئة والسكتات القلبية، بسبب الفحم.

كما تطرق للثورة الصناعية، وقال إن الفحم كان غذائها الرئيسي، لكن في الوقت الحالي هناك بدائل تمكننا من الاستغناء عن الفحم.

اتفقت الدول في جلاسكو على تقديم خطط لاستبدال الفحم، حتى عام 2022، لتسريع وتيرة القضاء على استخدام الفحم في أقرب وقت ممكن.

واتفقت الدول على الحد من استخدام الميثان، واستبداله بطاقة نظيفة، والحد من قطع الغابات وتجارة الأخشاب، لتزويد معدل تحويل النباتات لثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين.

لكن هناك دولتين لم تشارك في قمة جلاسكو، وهما روسيا والصين، وهما ضمن أكبر 5 دول ملوثة للعالم، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

كما أن الصين، بحسب موقع carbon brief، تعتبر أكبر كتلة على وجه الأرض، لديها مصانع تعمل بالفحم.

وخرج من الصين انبعاثات كربونية، تصل لـ10.2 جيجا طن، سنة 2019، ما يعادل 40% من الانبعاثات الكربونية في العالم كله، بحسب دراسة لمشروع مهتم بالانبعاثات الكربونية.

وبعث الرئيس الصيني كلمة للقمة، يتعهد فيها بالعمل على الوصول إلى أقل نسبة إنبعاثات حتى 2030.

وتحتل الولايات المتحدة، المركز الثاني في الدول الأكثر تلويثا، لذلك بدأ المجتمع الأمريكي، في عمليات الإنسحاب التدريجي من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة، بحسب كتاب مستقبل الطاقة نسخة 2020، للكاتب الأمريكي، جون مايكل أرمسترونغ، حيث ذكر أن أمريكا تستخدم مصادر الطاقة غير النظيفة في التنقيب على المواد الخام، بمعني أن الشعب الأمريكي دخل في حلقة مفرغة، تتسبب مع الوقت في حرائق الغابات والفضانات وغيرها.

وقال بايدن، أنه يستهدف أن تصل أمريكا إلى 100% طاقة نظيفة بحلول 2050، عن طريق دعم الاستثمار في الطاقة النظيفة، وتحفيز الأفكار الجديدة، في هذا المجال بالدعم المالي، والتسهيلات.

فنلندا المنطقة الخضراء.. انبعاثات 0%

بعد اتفاقية كيوتو، خفضت فنلندا في عام 2011، من انبعاثات الغازات الدفيئة، لمستوى أقل بنسبة 6%، من النسبة التي التزمت بها في بنود الاتفاقية، بحسب موقع كلايمت أكشن، المعني بأخبار المناخ.

وفي 2012، انخفضت الانبعاثات لأدنى مستوى لها، في فنلندا، فعلى سبيل المثال مدينة لاهتي الجنوب فنلندية، الحاصلة على جائزة العاصمة الخضراء الأوروبية لعام 2021، كانت هذه المدينة صناعية لعقود من الزمن، وخفضت الانبعاثات بنسبة 70%، وتخلصوا من الفحم نهائيا في 2019.

وأصبحت تعتمد بشكل كامل على مصادر متجددة للطاقة، حتى أنهم قاموا بإنشاء تطبيق على الموبايل، يقوم بعمل بصمة كربونية للمواطنين، يستطيع الشخص من خلاله أن يتتبع نفسه، لمعرفة حجم الانبعاثات التي تنتج عن حرارته وأفعاله، فإذا وصل لمعدل قليل في الأسبوع يحصل على مكافآت، منها تذاكر نقل مجانية، ودخول مجاني لحمامات سباحة، وخصومات على المنتجات في السوبر ماركت، وغيرها.

كانت في مدينة لاهتي بحيرة، تعتبر من أكثر البحيرات تلوثا في فنلندا، عام 1975، وفقا لكتاب ترميم واستعادة بحيرات في لاهتي، فقد كانت البحيرة مليئة بالنفايات والطحالب المميتة والكبريت، وقامت الحكومة بعمل مشروع لتطويرها، حتى أنهم أثناء تنظيفها، استخرجوا أكثر من مليون كيلو جرام من الحشرات، ووضعوا في البحيرة أكثر من مليون سمكة صغيرة، مما ساهم في القضاء على الطحالب الضارة، حتى أنها أصبحت واجهة لأكثر من 150 ألف فنلندي.

في النهاية، العالم مجبر على أخذ خطوات مهمة لمواجهة تغير المناخ، وإلا فالإنقراض مصير الجنس البشري!.

موضوعات متعلقة