الطريق
السبت 20 أبريل 2024 11:16 صـ 11 شوال 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

معيدون من ذوي الإعاقة.. نماذج ملهمة في جامعات مصر

نماذج ملهمة في جامعات مصر- الطريق
نماذج ملهمة في جامعات مصر- الطريق

استطاع شباب مصريون من ذوي الإعاقة البصرية التغلب على إعاقتهم وحولوها إلى منحة، اكتشفوا من خلالها القوى الكامنة داخلهم، واستبدلوا الظلمات بنور العلم، ليحققوا آمالهم في الالتحاق بهيئة التدريس في الجامعات، ويكونوا بذلك نماذج ملهمة لغيرهم.

ولأول مرة في تاريخها، قررت جامعة سوهاج برئاسة الدكتور مصطفى عبد الخالق، في وقت سابق، الموافقة على ترشيح الخريج عربي محمد نعمان من ذوي الإعاقة البصرية، للتعيين بدرجة معيد بشعبة الصحافة والعلاقات العامة من خريجي عام 2021-2022.

وجاء ترشيح «نعمان» تتويجًا لحصوله على تقدير امتياز خلال 4 سنوات بكلية الآداب بقسم الإعلام شعبة الصحافة، وتصدره أوائل الدفعة على شعبة الصحافة على الرغْم من إعاقته البصرية.

وقال رئيس جامعة سوهاج الدكتور مصطفى عبد الخالق، لموقع "الطريق" إنّ تدريس الإعلام يقوم على شقين أحدهما ميداني والآخر أكاديمي، بينما يستطيع المعيد من ذوي الهمم إتقان مختلف الأجزاء الأكاديمية التي تؤهله للقيام بمهامه على أكمل وجه.

وأضاف «عبد الخالق» أنّه وضع الخريج المُعين تحت رعايته منذ العام الماضي، بعدما شاهد براعته في إعداد وتقديم العروض التعليمية ضمن الأنشطة الطلابية التي توفرها الجامعة لطلابها، فضلًا عن تفوقه ونبوغه غير المسبوق.

رئيس الجامعة وعد «نعمان»، العام الماضي، بتعيينه معيدًا في حال حافظ على مستواه التعليمي، وحصل على المركز الأول، وهو ما حققه الخريج بتقدير امتياز على مدار الأربع سنوات.

وكشف رئيس جامعة سوهاج، أنّه أوفى بوعده تجاه الخريج من ذوي الإعاقة البصرية بعدما تفوق حتى على زملائه المبصرين، واستحق بذلك التعيين في درجة معيد.



وأشار إلى أن الجامعة توفر لذوي الهمم كافة مطالبهم وتعمل على دمجهم في المجتمع، والاستفادة المثلى من مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية مع صقل مهاراتهم في مختلف المجالات.

تحديات ونجاحات

وليس «نعمان» وحده الذي تحدى العراقيل وحقق حلمه، فثمّة نماذج أخرى من ذوي الإعاقة البصرية في الجامعات المصرية تخطوا الصعاب، ورسموا لأنفسهم مستقبل أكثر إشراقًا.

في منتصف شهر أغسطس الماضي، أعلنت جامعة بني سويف، تعيين معيدتين من ذوي الإعاقة البصرية، بقسم الإعاقة البصرية بكلية علوم ذوي الاحتياجات الخاصة، لأول مرة داخل الكلية منذ إنشائها عام 2016.
جاء تعيين شيماء محمد فوزي، وميار سامح بعد تفوقهما وحصولهما على أعلى التقديرات خلال فترة دراستهما بالكلية وتصدرهما أوائل الدفعة.

وقالت ميار سامح، لموقع "الطريق" إنّها مرت بفترات عصيبة خلال مسيرتها الدراسية بعدما فقدت البصر بشكل كامل في المرحلة الابتدائية، لكنها تمسكت بالأمل واستطاعت التغلب على الصعاب.

وأوضحت "ميار" أنّ الصعوبات التي واجهتها تمثلت في عدم اعتيادها على المذاكرة بطريقة "برايل"، واحتياجها الدائم لمرافق يرشدها إلى وجهتها أثناء الذهاب للمدرسة.



تابعت أنها ابتكرت طريقة جديدة في المذاكرة من خلال مساعدة أحد أفراد الأسرة في تسجيل المقررات الدراسية على الهاتف، ومن ثم تعيد الاستماع إليها عدة مرات حتى تتأكد من تحصيل المعلومات الدراسية.
بتلك الطريقة المرهقة نجحت "ميار" في الحصول على التقديرات الأولى بمختلف المراحل التعليمية، حتى تم تعيينها معيدة بقسم الإعاقة البصرية بكلية علوم ذوي الاحتياجات الخاصة، واستحقت تقدير المجتمع لعزيمتها القوية.

ومن "ميار" إلى شيماء محمد فوزي تلك الفتاة التي ولدت بإعاقة بصرية، وتركت أسرتها من أجل الالتحاق بمدرسة النور للمكفوفين، بإقامة كاملة لمدة 5 أيام من الأحد إلى الخميس.

قالت "شيماء" لموقع "الطريق" أنّها حصلت على عدة تكريمات في المرحلتين الابتدائية والإعدادية من محافظي بني سويف لتحقيقها المراكز الأولى، لسنوات متتالية.

ولفتت إلى أن وفاة والدها حينما كانت في الصف الخامس الابتدائي أثرت فيها كثيرًا، وجعلتها تقطع عهدًا على نفسها، بأن تحقق حلمه الذي طالما صارحها به، وهو أن تصير أستاذة جامعية مرموقة.

وسلكت "شيماء" سبيلًا مختلفًا لتحقيق حلمها بواسطة الاستعانة بكتب خارجية تحتوي على معلومات إضافية بجانب المقررات الدراسية الرسمية، والاستعانة بشخص يسجل لها هذه المعلومات ومن ثم تكتبها بطريقة "برايل" وتبدأ في مذاكرتها مرة أخرى.

وفي الحقبة الأخيرة، وضعت الدولة المصرية ذوي الاحتياجات الخاصة في مقدمة أولوياتها وعملت على تلبية مطالبهم ودمجهم في المجتمع.

صون حقوق ذوي الإعاقة

وتعليقًا على ذلك، قالت الدكتورة إيمان كريم، المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة وأستاذ اللغة الألمانية بجامعة 6 أكتوبر، لموقع "الطريق" إنّ دستور 2014 استطاع أول مرة، صون حقوق الفئات المختلفة من الأشخاص "ذوي الهمم" في 11 مادة، ثمّ جاء القانون رقم 10 لسنة 2018، لتمكينهم في شتى مناحي الحياة.

وأضافت أنّ القانون يلزم جميع الجهات بتمكين ذوي الإعاقة في التعليم والتوظيف، وأن يكون لهم مقاعد في مختلف الكليات، فضلا عن توفير الإمكانات التي توفر لهم مناخ ملائم.

أساليب تعليمية خاصة

وأردفت أنّ الإعاقات تضم أربع أنواع، هي الحركية والذهنية والبصرية والسمعية، وكل نوع يحتاج إلى أساليب تعليمية خاصة، وهو ما يحرص المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، على التأكد من توفيره في المؤسسات التعليمية.

إيمان كريم التي تعاني إعاقة جسدية طالبت بتعيين 5% من ذوي الإعاقة كأعضاء هيئة تدريس في الكليات المختلفة، وتوفير التيسيرات التي تمكنهم من ممارسة عملهم على أكمل وجه، مثل تهيئة مسارات خاصة لهم في الطرق، ووسائل المواصلات.

اختتمت بالإشارة إلى أن ذوي الإعاقة لديهم إصرار وعزيمة على النجاح ويستطيعون ممارسة أعمالهم مثل غيرهم من الأصحاء، وأكبر دليل على ذلك أن طه حسين الّذي لُقّب بعميد الأدب العربي، ويعتبر من أبرز الشخصيات في الحركة العربية الأدبية الحديثة فقد بصره في مرحلة الطفولة لكنه أنار ببصيرته دروب الملايين.

اقرأ أيضًا: بعد توجيه الرئيس بمنحها للمستثمرين.. اقتصادي يكشف لـ«الطريق» مميزات الرخصة الذهبية

موضوعات متعلقة